إضرابات ورفض لنتائج الانتخابات.. ماذا يحدث في الجامعات الفرنسية؟ (Julien De Rosa/AFP)
تابعنا

كل شيء بدأ ظهيرة يوم الأربعاء بجامعة السوربون، حيث بلغ الغليان والإحباط الذي تسببت فيه نتائج انتخابات الأحد مستويات مرتفعة، والطلاب يجدون أنفسهم عالقين بين فكي المعادلة القديمة الجديدة: إما ماكرون أو لوبان، إما الليبرالية المتوحشة أو اليمين المتطرف. ولم يكن يحتاج ذلك الغضب إلى أي شرارة إضافية، وأتت الدعوات إلى الإضراب وإلى اجتماع عام طلابي يقرر الخطوات القادمة للمعركة النضالية.

الاتفاق جرى وقتها لتعطيل الدراسة واحتلال المباني الجامعية، وسرعان ما هم الطلاب بوضع متاريس على الأبواب لإغلاقها، بينما آخرون اجتمعوا في قاعة كبيرة يناقشون حيثيات الحركة الاحتجاجية وكيف ستجري قيادتها لتحقيق المطالب، بل وكيف سيدافعون عن مواقعهم إذا ما هاجمتهم قوات الأمن.

ولم تبق هذه الحركة الاحتجاجية رهينة الجامعة الباريسية المرموقة، بل انتشرت كالعدوى على وسائل التواصل الاجتماعي، وتقاطرت بعدها الجامعات التي أعلن طلابها القرار نفسه. وقال طلاب معهد العلوم السياسية بنانسي في بيان لهم: "المرشحون المؤهلون في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية يعرضون مستقبلنا للخطر. لهذا قررنا اعتزال النقاش السياسي الحاصل وأن نحتج على هذه الساحة السياسية التي لا تبالي بمطالبنا".

هذا ودعت الفعاليات الطلابية إلى التظاهر في شوارع البلاد يوم السبت، من أجل "مناهضة اليمين المتطرف والأيديولوجيا العنصرية" حسب ما تورده شعارات الدعوات لهذه المسيرات. كما كانت نقابة "الاتحاد الوطني لطلبة فرنسا" قد دعت الطلاب إلى التصويت المكثف في انتخابات يوم الأحد 24 أبريل/ نيسان الجاري، من أجل عرقلة فوز مارين لوبان بالرئاسة.

لماذا يحتلون الجامعات؟

في حديثها لإذاعة RMC، تقول إيمان ولحاج، رئيسة نقابة "الاتحاد الوطني لطلبة فرنسا": "الشباب يحس بأن الانتخابات قد سرقت منه، فكما لاحظنا الأحد الماضي كانت هناك مشاركة شبابية مكثفة، لكن حين صدور النتائج لم يجدوا مرشحهم في الدور الثاني". في إشارة إلى المرشح اليساري جان لوك ميلونشون الذي تصدر نتائج تصويت الفئات الشبابية، حيث حصل على 34% من أصوات الشباب بين 18 و24 سنة، و31% للفئة مابين 25 و34 سنة.

ويحيلنا هذا الواقع على كم الإحباط الذي يشهده طلاب فرنسا بعد تلك النتائج. ذلك كما يفسر فبيو، طالب بجامعة السوربون، في شهادته التي استقاها موقع ميديابارت، قائلاً: "لم أتردد في التصويت على ميلونشون، حتى وإن كنت غير متفق معه مثلاً في امتناع حزبه عن التصويت على إدانة الاضطهاد الذي تمارسه السلطات الصينية على أقلية الأويغور المسلمة".

ويضيف فابيو أنه "بخصوص النتائج فأنا قلق جداً من صعود اليمين المتطرف، لكن يجب علينا القول صراحة بأنها كانت لعبة إيمانويل ماكرون الذي جرَّ إلى هذه الوضعية بسعيه إلى ترديد الخطاب اليميني المتطرف من أجل حصد الأصوات".

وفي وجه هذا يُمنّي هشام، طالب العلوم السياسية بجامعة السوربون، نفسه بأن يكون مايو/أيار 2022 أكبر زخماً من مثيله في 68 الذي انتفض فيه الطلاب وأسقطوا حكم الرئيس ديغول. وقال هشام لميديابارت: "لم نعد نريد هذا النظام حيث يفرض عليك اختياراً وحيداً بين الفاشية والليبرالية السلطوية. لعلنا طوباويون عندما نأمل بألا تجرى الجولة الثانية، لكن المؤكد أن هناك حاجة إلى حركة اجتماعية قوية لمنعها، حتى لو كان ذلك يعني جعل هذا البلد غير قابل للحكم".

رد فعل الفائزين

وعلَّق الرئيس المنتهية ولايته، إيمانول ماكرون على هذه الاحتجاجات قائلاً بأن" للديموقراطة قواعد أساسية. وإذا بدأنا في تحدي كل القواعد، فإنها تصبح فوضى". مذكراً بأن قواعد الديموقراطية تفترض أن "الجميع يصوت لصالح المشروع الأقرب إليه في الجولة الأولى "، وبعد ذلك في الجولة الثانية "يكون الاختيار بين المشروعين اللذين يأتيان أولاً".

وقالت مرشحة اليمين المتطرف، مارين لوبان ساخرة من الاحتجاجات الطلابية بأنهم "فاتهم درس الديموقراطية، ربما كانوا في عطلة وقتها!". وأضافت بأنه: "على هؤلاء الشباب الصغار أن يحترموا الديموقراطية. هناك انتخابات ولا يمكنهم من خلال احتلال الجامعات أن يعارضوا الإرادة التي عبر عنها الشعب الفرنسي. بدلاً من ذلك، ينبغي عليهم تنظيم حملة لحمل الشباب على التصويت".

TRT عربي