تابعنا
تقدم وكالة أونروا برنامج "الإغاثة والخدمات الاجتماعية" ليعمل على اجتثاث الفقر أوساط العائلات اللاجئة الفلسطينية، مع إعطاء الأولوية لمن هُم من فئة الفقر المدقع، ويوفر شبكة أمان اجتماعي لتلك الفئة من اللاجئين تشتمل على دعم غذائي أساسي وإعانات نقدية.

مع توقف عديد من الدول المانحة عن تمويل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، يواجه اللاجئون الفلسطينيون في الأردن تحديات جديدة، إذ تعتمد آلاف العائلات على المساعدات المادية والعينية المقدمة من الأونروا.

ومع توقف هذه المساعدات يزداد قلق اللاجئين حول كيفية تلبية احتياجاتهم الأساسية، خصوصاً في أيام شهر رمضان الذي يزداد فيه استهلاك المواد الغذائية.

اعتماد على الوكالة

"إذا توقفت مساعدات أونروا فسيسوء وضعنا المعيشي رغم أنهم يعطونا المساعدة المادية كل ثلاثة أشهُر ولا تكفي حتى سداد الديون وفواتير الكهرباء والماء"، بهذه الكلمات تصف السيدة ختام (33 عاماً) التي تسكن مخيم جرش شمالي الأردن كيفية تأثر حياتها وأسرتها في ظل توقف الدول المانحة عن تمويل الوكالة الأممية.

تنتظر ختام، وهي أُمّ لخمسة أطفال، بفارغ الصبر صرف المساعدات المخصصة لها وعائلتها لهذا الشهر، التي تُقدر بـ150 ديناراً أردنياً (211 دولاراً أمريكياً) تُوزع بين مساعدات مادية وعينية، ويزداد الانتظار أهمية مع دخول شهر رمضان المبارك.

وتقول السيدة ختام لـTRT عربي: "إذا لم تصل المساعدات فسيكون شهر رمضان صعباً علينا، خصوصاً مع وجود 5 أطفال".

لا تملك ختام أي خيارات أخرى في حال توقف الدعم عن الأونروا، وبالتالي ستتوقف المساعدات عن عائلتها، وعن ذلك تضيف: "نعتمد على مساعدات الأونروا، وإذا توقفت فسيتدهور وضعنا، زوجي يعمل بائع خضار.. يعمل يوماً وعشرة أيام لا يعمل".

أما عائلة عزة شلهوب (75 عاماً) فتُمثّل نموذجاً حياً لحياة اللاجئين الفلسطينيين في المخيمات الأردنية، حيث تعيش هذه العائلة تحت خط الفقر وتعتمد بشكل كبير على المساعدات التي تقدمها الأونروا.

وتقول عزة لـTRT عربي إن توقف المساعدات المقدمة من الأونروا ستنعكس على حياتهم كثيراً، إذ يعتمدون عليها في جميع مفاصل حياتهم من تقديم المعونات والتعليم في المدارس وخدمات الطبابة في العيادات الصحية، كما يشترون طعامهم من المساعدات المادية التي يصرفونها.

تُعَدّ عزة هي المستفيدة الوحيدة من المساعدات المالية التي تُقدمها الأونروا ضمن عائلتها المكوّنة من عشرة أفراد، وتشمل ابنها وزوجته والأحفاد، مشيرة إلى أنّ ابنها لا يعمل، ممّا يُجبِر العائلة على الاعتماد على راتب زوجته البالغ 70 ديناراً فقط (نحو 100 دولار).

وتضيف أنه في هذه المرة أُبلِغوا عن تأخر صرف المساعدات حتى 15 مارس/آذار، فيما كان من المفترض صرفها في شهر فبراير/شباط الماضي، لافتةً بالقول: "ننتظر المساعدات كل ثلاثة أشهُر لكي نشتري بعضاً من حاجاتنا، ونحن في رمضان الآن، مما يعني أن المصروف مضاعف".

وتقدم وكالة أونروا برنامج "الإغاثة والخدمات الاجتماعية" ليعمل على اجتثاث الفقر أوساط العائلات اللاجئة الفلسطينية، مع إعطاء الأولوية لمن هُم من فئة الفقر المدقع، ويوفر شبكة أمان اجتماعي لتلك الفئة من اللاجئين تشتمل على دعم غذائي أساسي وإعانات نقدية تبلغ قيمتها 120 دولاراً سنوياً للفرد الواحد تصرف مرة كل أربعة أشهُر.

ووفق أونروا، يعيش أكثر من مليوني لاجئ فلسطيني مسجل في الأردن، وهو أكبر عدد من لاجئي فلسطين في جميع أقاليم الأونروا، ويعيش نحو 18% في المخيمات العشرة المعترف بها للاجئين الفلسطينيين في جميع أنحاء البلاد.

هل هناك خطط بديلة؟

وأوضح أولاف بيكر مدير شؤون الوكالة بالأردن في 13 فبراير/شباط الماضي أن "الأونروا تعتمد بشكل كامل على تبرعات المانحين لضمان استمرار تقديم خدماتها، وفقاً لتفويضها تجاه لاجئي فلسطين، وأن انقطاع التمويل ستكون له عواقب وخيمة للغاية على لاجئي فلسطين الذين نخدمهم، ولذلك فإننا ندعو مانحينا إلى إعادة النظر في قرارهم واستئناف دعمهم للأونروا، الذي تشتد الحاجة إليه الآن أكثر من أي وقت مضى".

وقال بيكر في بيان صحفي إنّ "لاجئي فلسطين في الأردن في قلق عميق إزاء تعليق تمويل الأونروا، وإذا ظل الوضع الحالي من دون تغيير فإننا نواجه حالة من عدم اليقين بشأن قدرتنا على الاستمرار في تقديم جميع خدماتنا بعد نهاية شهر فبراير/شباط".

ويأتي ذلك في أعقاب تعليق التمويل من قِبل 16 دولة مانحة على إثر مزاعم ضد موظفي الأونروا في قطاع غزة، مما قد يحرم الوكالة أكثر من 51% من دخلها المتوقع لعام 2024، ويعرض الاستجابة الإنسانية والرعاية الصحية والتعليم والإغاثة والخدمات الاجتماعية والدعم الاقتصادي لمجتمع لاجئي فلسطين عموماً في المنطقة، ومنها الأردن، لمخاطر شديدة.

وردّت المنسقة المقيمة للأمم المتحدة شيري أندرسون على سؤال طرحته TRT عربي في مؤتمر عقدته الأونروا في 13 فبراير/شباط الماضي في مخيم الوحدات بالعاصمة عمّان، حول ما إذا كان هناك أي مقترحات أو خطط أخرى لدعم الأونروا غير وقف الخدمات، وقالت: "نحن نعتمد على كرم المانحين لمساعدتنا على الكلفة التشغيلية، وما نقوم به هو تكليف من الدول الأعضاء في الجمعية العامة، ولذلك نعتمد عليهم بشكل أكبر".

وأوضح أولاف بيكر خلال مشاركته في المؤتمر أن الوضع لا يتعلق بالتفكير في الاستبدال بوكالة الأونروا، لأن وجودها يحمل طابعاً سياسياً مرتبطاً بتطلعات الشعب الفلسطيني للحق في العودة.

وأضاف مدير شؤون أونروا في الأردن: "لا يمكن العثور على بديل للوكالة، وأي تغيير محتمل يجب أن يأتي من خلال قرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة بالتصويت".

وتبلغ ميزانية الأونروا السنوية في الأردن نحو 145 مليون دولار أمريكي، وتشغّل ما يقارب 7 آلاف موظف، وتلعب المنظمة الأممية دوراً حيوياً في تقديم الخدمات الأساسية لمجتمعات لاجئي فلسطين، ويمكن لهذه الإجراءات القاسية أن توقف الدعم المساعدات النقدية لـ59 ألف شخص من الفئات الأكثر ضعفاً، فضلاً عن 20 ألفاً من لاجئي فلسطين فرّوا من سوريا.

في الوقت نفسه حذر الملك عبد الله الثاني خلال استقباله في قصر الحسينية وفداً من مجلس الشيوخ الأمريكي برئاسة السيناتور كريس كونز من وقف الدعم الدولي للأونروا، "التي تُعَدّ شرياناً مهماً لنحو مليونين ممن يواجهون خطر المجاعة بغزة، فضلاً عن تقديمها خدمات أساسية للاجئين الفلسطينيين في أماكن أخرى بالمنطقة".

بدوره أكد وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي خلال استقباله المفوض العام للوكالة فيليب لازاريني في 1 فبراير/شباط الماضي أنه "لا جهة أخرى قادرة على القيام بالدور الرئيسي الذي تقوم به الوكالة".

وحذر الصفدي من أن "أي تخفيض في الدعم المالي المقدم للوكالة سينعكس فوراً على معاناة أعمق لأهل غزة الذين يواجهون مجاعة جماعية مردها منع إسرائيل إدخال الحد الأدنى من احتياجاتهم الإنسانية".

وفي 12 أكتوبر/تشرين الأول 2023 أعلنت الأردن تبرعها بمبلغ 4.3 مليون دولار (3 ملايين دينار أردني) لدعم وكالة الأونروا من أجل تمويل استجابتها للمأساة التي في قطاع غزة.

TRT عربي