تابعنا
تشهد مدن جنوب اليمن مواجهات عنيفة بين "المجلس الانتقالي الجنوبي" مواجهاتٌ أفضت إلى خروج القوات الموالية للإمارات من مدينة شبوة، وتراجعها إلى مدينتي أبين وعدن.

عدن ــــ لم تتوقف المعارك جنوبي اليمن منذ 3 أسابيع بين القوات الموالية للإمارات وقوات حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي المدعومة من السعودية، معارك حرفت مسار الجهود الأممية الرامية إلى جمع الحكومة و"أنصارالله" من أجل التوصل إلى السلام الشامل في اليمن، إلى محاولة جمع طرفَي الصراع في الجنوب.

تشهد مدن جنوب اليمن مواجهات عنيفة بين "المجلس الانتقالي الجنوبي"، المدعوم إماراتياً من جهة، وبين حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي المعترف بها دولياً من جهة أخرى، مواجهات أفضت إلى خروج القوات الموالية للإمارات من مدينة شبوة، وتراجعها إلى مدينتي أبين وعدن.

وعلى الرغم من إعلان "المجلس الانتقالي" وقف معارك شبوة قبل يومين، "استجابة للدعوة السعودية" فإن قواته استمرت في خوض المعارك قبل تراجعها الأخير، فيما تستمر أيضاً القوات الحكومية من جهتها في التقدم والسيطرة على أجزاء واسعة من مدينة أبين، قبل أن تتوقف على مشارف العاصمة المؤقتة عدن.

وحسب تصريحات نائب رئيس الحكومة وزير الداخلية أحمد الميسري، فإن "قواته مستعدة لإسقاط عدن"، داعياً القوات الموالية للإمارات بـ"الاستسلام مقابل ضمانة حكومية بالعفو وعدم ملاحقة أي من القيادات الميدانية". ويبدو أن طرفي الصراع لم يستجيبا للدعوة السعودية الإماراتية التي جاءت في بيان وزارتي خارجية الرياض وأبو ظبي، الذي شدد على ضرورة "الالتزام التام بالتعاون مع اللجنة المشتركة التي شكلتها قيادة تحالف دعم الشرعية لفض الاشتباك، وإعادة انتشار القوات ضمن إطار المجهود العسكري لقوات التحالف"، البيان أيضاً دعا مجدداً إلى "الانخراط في حوار (جدة) لمعالجة أسباب وتداعيات الأحداث التي شهدتها المدن الجنوبية".

ومع اتساع رقعة المواجهات بين القوات الحكومية و"الانتقالي"، تحوّل الجنوب إلى مناطق نفوذ تتمايز فيها مصالح أبو ظبي والرياض، وتسعى الدولتان لتحقيقها عبر الحلفاء المحليين.

غير أن عدداً من القيادات القبلية والسياسية البارزة جنوبي اليمن، سجّلت مواقف تدعو إلى وقف العبث الذي يرعاه ويموله "التحالف" في اليمن، وهو ما عبّر عنه رئيس "اللقاء التشاوري لقبائل أبين"، الشيخ وليد الفضلي، في حديث لـTRT عربي، قائلاً إن "مواجهة عبث المليشيات المدعومة من الخارج، واجب على كل القوى الوطنية، خصوصاً والمليشيات تُستخدم كجسر عبور لتحقيق أهداف الدول الإقليمية"، داعياً "أبناء مدينة أبين المنخرطين ضمن قوات الحزام الأمني التابع للإمارات، إلى الالتحاق بالحكومة الشرعية".

في موازاة ذلك ألقت التطورات الميدانية التي تشهدها الجنوب بظلالها على عملية السلام الشاملة التي تحضّر لها الأمم المتحدة عبر مبعوثها الخاص إلى اليمن مارتن جريفيث.

إذ من المزمع بدء مشاورات تجمع فريق "أنصار الله" الحوثيين مع فريق الحكومة "الشرعية"، نهاية سبتمبر/أيلول المقبل.

غير أن مواجهات الجنوب حوّلت البوصلة الأممية نحو جمع طرفَي الصراع في الجنوب، وهو ما ظهر في سلسلة اللقاءات التي أجراها سفراء الدول الأجنبية مع قيادات الحكومة و"المجلس الانتقالي"، في محاولة لتهدئة في الجنوب وعودة الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل مواجهات 7 أغسطس/آب الجاري.

وفي هذا الإطار يعتبر عدد من المحللين اليمنيين أن "التحالف" حرف مسار أهداف التدخّل في اليمن التي رفعها قبل أكثر من 4 سنوات، المتمثلة في عودة حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي إلى صنعاء، إذ إن مواجهات الجنوب كشفت أن الرياض وأبو ظبي توسعان انتشارهما في الجنوب في وقت تشهد الجبهات في المناطق الشمالية المحاذية لقوات "الحوثيين" توقف سير المعارك، فضلاً عن أن الإمارات أعلنت سحب قواتها من تلك المناطق قبيل خوض حلفاءها المواجهات في مدينة عدن، وبالتزامن مع موجة التصعيد العسكري "الحوثي" ضد أهداف سعودية، نفذها طيران مسيّر وعمليات أخرى بالصواريخ الباليستية.

من هنا يتساءل مراقبون عن الأسباب التي دعت "التحالف" إلى التوجه صوب الجنوب على الرغم من التطورات العسكرية، سواء فيما يتعلق بمعارك الحدود مع السعودية التي يخوضها مقاتلو "أنصار الله"، أو عبر الهجمات المتفرقة على المدن السعودية.

وفسّر الأمين العام لـ"مكون الحراك المشارك في مؤتمر الحوار" سعيد باكحيل، في حديث لـTRT عربي، بأن "التطورات الأخيرة في المحافظات الجنوبية، مؤشر على فشل التحالف السعودي الإماراتي في تحقيق الهدف الذي تدخّل لأجله في اليمن"، مشيراً إلى أن "التحالف حالياً يتخبط في الجنوب ويمارس انتهاكات ويدعم أيضاً مليشيات خارج المؤسستين العسكرية والأمنية للدولة".

ولفت باكحيل إلى أن "التحالف يريد أن يفرض المجلس الانتقالي بقوة السلاح ليمثل المحافظات الجنوبية والشرقية في انتهاك لإرادة أبناء تلك المناطق". وأوضح أن "مؤتمر الحوار الوطني" الذي عُقد عام 2013 برعاية الأمم المتحدة وإشراف المجتمع الدولي والإقليمي، ومصادقة "مجلس الأمن" على مخرجاته، تمخض عنه "حل القضية الجنوبية وفق مخرجات الحوار الوطني"، معتبراً أن "تدخلات التحالف في الجنوب تتجاوز تلك المخرجات على الرغم من الإجماع الدولي عليها".

في مقابل ذلك يرفض "المجلس الانتقالي" الصيغة التي تضمنتها مخرجات "الحوار الوطني" فيما يتعلق بحل قضية الجنوب، ويرى أن تدخل "التحالف" في اليمن ألغى تلك المخرجات"، ويطالب "المجلس" بـ"إجراء مفاوضات بين الجنوب والشمال للتوصل إلى حل للقضية الجنوبية"، وخلافاً لموقف "المجلس الانتقالي" فإن "التحالف" يتمسك بـ"المرجعيات الثلاث" المتمثلة في "المبادرة الخليجية وقرار مجلس الأمن 2216 إضافة إلى مخرجات الحوار الوطني"، ويعدّها "التحالف" ركائز لعملية السلام في اليمن.

TRT عربي