تفاصيل جديدة في قضايا فساد صفقة “رافال” الفرنسية (Getty Images)
تابعنا

سنة 2016 وقّع وزيرا الدفاع الفرنسي والهندي أحد أكبر عقود السلاح بين البلدين، اقتنت الهند بموجبه 126 طائرة "رافال" فرنسية تُصنّعها شركة الطائرات المملوكة للدولة في الهند، ليتبين بعدها أنها تتضمن أكبر عملية اختلاس كبيرة لأموال الحكومة الهندية، فيما سُمّي إعلامياً بفضيحة "أوراق رافال".

حيث قام رئيس الوزراء الهندي، ناريندرا مودي، بتغيير بنود العقد ليُجري تصنيع 36 مقاتلة "رافال" فقط في فرنسا وبيعها للهند مقابل 7.8 مليار يورو، أي بقيمة تقارب 3 أضعاف القيمة الحقيقية، تورّدها للحكومة شركة يملكها رجل أعمال مقرّب من رئيس الوزراء.

وفي سنة 2018 فضح الموقع الفرنسي "ميديابارت" القضية، ناشراً مستندات سريَّة تُثبت دفع شركة "داسو" (Dassault) مبلغاً قيمته مليون يورو لوسيط يُدعى سوشن جوبتا، وُجّهت إليه مِن قبلُ تهمة غسيل الأموال في قضايا فساد تتعلق ببيع طائرات هليكوبتر إلى الهند، وأُدرِج المبلغ حينها تحت عنوان "هدايا للعملاء".

أثار كشف الفضيحة الرأي العام في البلدين، حيث احتجّ الهنود ضدّ حكومة مودي لِمَا اعتبروه تبديداً لمالهم العام. بالمقابل سارعت السلطات الهندية بدفن القضية واعتبرت المحكمة العليا الهندية أن إجراء تحقيق كامل ليس أمراً ضرورياً.

سبعة ملايين وليست واحداً!

هذا وما زالت فضيحة "أوراق رافال" تُفشِي خباياها منذ أنْ كشفها أوّل مرة فريق تحقيق الموقع الفرنسي "ميديابارت" سنة 2018. وها هو ذات الموقع يعود لنشر تفاصيل جديدة تسلّط الضوء على العمليَّة التي دفعت بها شركة "داسو" الفرنسية، المصنِّعة للمقاتلات، رشى من أجل الضغط على الحكومة الهندية لتوقيع الصفقة.

ويورد موقع "ميديابارت" أنّ سمسار داسو المشبوه، سوشن جوبتا، تلقى مبالغ مجموعها 7.5 مليون يورو من شركة "داسو" الفرنسية في الفترة ما بين 2007 و2012، أي وقت بداية المفاوضات بين الشركة والحكومة الهندية على صفقة مقاتلات "رافال". هذه المدفوعات التي حصلت عبر فواتير مزوّرة بأرقام فلكية أصدرتها شركتان وهميّتان مملوكتان لجوبتا.

حيث تحايلت "داسو" على القانون عن طريق فواتير مزورة لشراء برامج معلوماتية من شركة وهمية مقرّها في سنغافورة، تبيّن فيما بعد أنّ من يديرها وكيل لجوبتا. بعد ذلك جرى تحويل تلك المبالغ من سنغافورة إلى شركة وهمية أخرى يملكها السمسار في جزر موريس كعمولات تلقّاها عن دوره في الضغط على الحكومة الهندية من أجل اقتناء الطائرات. بحسب "ميديابارت" يُقدّر مجموع العمولات التي حوّلتها "داسو" بهذه الطريقة 12.8 مليون يورو.

في المقابل رفع النائب العام في جزر موريس كل هذه البيانات والفواتير إلى المكتب المركزي الهندي للتحقيقات في 11 أكتوبر/تشرين الأول 2018، بيد أنّ هذا الأخير اختار فيما بعدها طيّ القضية وعدم متابعة التحقيق. هذا وكشف ذات المكتب أنّ تلك الفواتير المزورة كانت تُصاغ من محامي جوبتا المتابع هو الآخر في قضية "صفقة بيع المروحيات"، وعُثر على نماذج منها في حواسيب مكتب المحامي.

رشى وضغط

يعود توظيف شركة "داسو" لسوشن جوبتا إلى سنة 2001، أي منذ أول ما بدأ الحديث عن نية الحكومة الهندية اقتناء طائرات مقاتلة. ومنذ ذلك الحين والسمسار يتآمر مع أشخاص مقرّبين من الحكومة من أجل أن تحسم المناقصة لصالح المصنع الفرنسي.

وفي سبيل ذلك دفع جوبتا رشى لمسؤولين حكوميين هنود، هذا ما تكشفه مُراسَلة سريّة كشفتها "ميديابارت"، يقول فيها: "لقد وقعنا في المحظور، لديكم عميل ودفعنا المال، علينا أن نجعل كل شيء يبدو وكأنه قانوني ونظيف، فمن دون المال لن يكون هناك قرار، والمسؤولون يطلبون أموالاً، إذا لم ندفع لهم سيُلقوا بنا إلى السجن".

هذا وكشفت التحقيقات أنه في سنة 2015، عندما بلغت مفاوضات "رافال" مراحلها الأخيرة، توصّل سوشن جوبتا بوثائق سرية من وزارة الدفاع الهندية إلى عدد وأسعار الطائرات التي تودّ اقتناءها.

TRT عربي