هل يبحث ماكرون عن نفوذ جديد وسط إفريقيا؟ / صورة: Reuters (Pool/Reuters)
تابعنا

من الغابون إلى جمهورية الكونغو الديموقراطية مروراً بأنغولا والكونغو برازافيل، هذا مسار الرحلة التي يرتقب أن يخوضها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مطلع مارس/آذار القادم، للمشاركة بقمة تهدف إلى "الحفاظ على الغابات الاستوائية".

فيما يرى مراقبون أن أهداف هذه الزيارة تتعدى تلك المعلنة منها لتدخل في إطار السياق الجيوسياسي الحالي الذي تعرفه القارة السمراء، إذ تحاول روسيا والصين توسيع نفوذهما هناك، إضافة إلى الانتكاسات التي تعيشها باريس بعلاقاتها بدول منطقة الساحل وغرب إفريقيا.

ماكرون في الغابات الاستوائية

وفق ما أعلن الإليزيه الخميس 23 فبراير/شباط الجاري ستنطلق رحلة ماكرون إلى وسط إفريقيا من العاصمة الغابونية ليبرفيل، حيث سيشارك يومَي 1 و2 مارس في "قمة الغابة الواحدة" (وان فوريست ساميت) المخصصة للحفاظ على غابات حوض نهر الكونغو وتعزيزها.

وبعد ذلك سيتوجه ماكرون إلى لواندا الأنغولية في الثاني من مارس لإطلاق شراكة لإنتاج زراعي فرنسي أنغولي. وفي نفس اليوم سيواصل جولته إلى برازافيل بالكونغو ثم إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية في 3 و4 من الشهر نفسه.

وحسب الرئاسة الفرنسية فإن هذه الزيارة تأتي في سياق رغبة ماكرون بتكثيف العلاقات مع البلدان الإفريقية الناطقة باللغة الإنجليزية والبرتغالية، و"لتعميق العلاقات الفرنسية مع هذه الدول في مجالات التعليم والصحة والبحث العلمي والثقافة والدفاع".

وكان ماكرون وعد بجعل وسط إفريقيا من أولويات ولايته الثانية، وسبق له في يوليو/حزيران الماضي أن نفذ جولة شملت الكاميرون وبنين وغينيا بيساو.

هل يبحث ماكرون عن نفوذ جديد وسط إفريقيا؟

وتشهد القارة الإفريقية منذ سنوات صراع نفوذ دولي متعدد الأطراف أبرزها روسيا التي أصبحت مصدر الألم الكبير لفرنسا بدول الساحل وغرب إفريقيا، بعد أن أطبقت موسكو عبر مجموعة فاغنر نفوذها بإفريقيا الوسطى ومالي، وتسعى لتوسيع ذلك بشراكات مع النظام العسكري الجديد في بوركينا فاسو.

مقابل هذا يتنامى العداء الشعبي بالساحل الإفريقي للوجود العسكري الفرنسي، وهو ما كشفت عنه المظاهرات الحاشدة في تشاد والنيجر وبوركينا فاسو، المناوئة لباريس وسياساتها في المنطقة.

بالمقابل تصوب الصين، التي أصبحت هي الأخرى لاعباً في القارة السمراء، أنظارها على خليج غينيا، وهو ما كشفته تقارير استخباراتية أمريكية تفيد بعزم بكين تدشين أول وجود عسكري دائم لها على المحيط الأطلسي، في دولة غينيا الاستوائية الصغيرة الواقعة وسط إفريقيا.

وتفسر الطموحات الصينية في خليج غينيا بما يمثله الوجود الصيني به للأمريكيين، أي حصوله على منفذ على المحيط الأطلسي، مقابل السواحل الشرقية الأمريكية، ما سيمكّن البواخر الحربية الصينية من الإمداد والتسليح أسهل وأسرع، وسهولة صيانتها ورفع جاهزيتها القتالية في مياه المحيط.

إضافة إلى تمكينها بكين من وضع يدها على احتياطيات النفط الذي تزخر به المنطقة، كما ستظل بذلك على أحد أهم التقاطعات التاريخية لخطوط النقل البحري بين شمال وجنوب القارة وغربها والعالم.

وبالتالي وسط صدام الفيلة الحاصل تسعى فرنسا للملمة أوراقها التي تبدو مشتتة. وهو ما يؤكده المحلل والصحفي التشادي محمد طاهر زين في حديثه لـTRT عربي قائلاً: "زيارة ماكرون (لوسط إفريقيا) تأتي رد فعل لزيارات الروسي سيرغي لافروف الأسابيع الماضية لمالي وموريتانيا والسودان، في محاولة لمعرفة المساحة التي يمكن اللعب عليها الفترة المقبلة ضمن استراتيجية استعادة الهيبة وفرض السيطرة على المنطقة".

"وبالتالي"، يضيف المحلل التشادي، "الأمر لا يخلو من التنافس الروسي والفرنسي والصيني والأمريكي على المنطقة التي تزخر باحتياطات كبيرة من الذهب والألماس"، و"فرنسا تعمل بسبل شتى لاستعادة نفوذها بعد خسارة الرهان بمالي وإفريقيا الوسطى وبوركينا فاسو. وبالتالي ما يحصل الآن يقع بعمق صراع المصالح الجيوسياسية الدائر".

TRT عربي