اضطرت مصر إلى تحريك عملتها هبوطاً أمام الدولار، وطلبت مساعدة صندوق النقد الدولي / صورة: AA (AA)
تابعنا

يتوقع أن يكون عام 2023 أحد أكثر الأعوام ركوداً في الولايات المتحدة. كما يتوقع انتقال الركود عبر المحيط إلى المملكة المتحدة ثم إلى الاتحاد الأوروبي، إذ تواجه القارة العجوز أزمة تضخم وطاقة وحرباً في جانبها الشرقي.

ومن التضخم العالمي والتشديد النقدي والحرب في أوكرانيا، إلى تفشي كورونا في الصين وأزمة الطاقة، تشهد دول العالم أسباباً عديدة متشابكة لتفاقم خطر الركود.

هذا الأسبوع، قال صندوق النقد الدولي إن ثلث دول العالم على الأقل ستعاني من ركود في العام الجاري، مشيراً إلى أنه سيكون عاما صعبا على الاقتصاد العالمي.

وأمام كل هذه المخاوف، تترقب الدول العربية تبعات هذا الركود على اقتصادها، والتي لم تتعاف معظمها من تبعات جائحة كورونا خلال عامي 2020 و2021، والحرب الروسية-الأوكرانية وضغوطات التضخم.

وفعلياً، تأثرت غالبية الدول العربية من التشديد النقدي الذي نفذه البنك الفيدرالي الأمريكي، بزيادة أسعار الفائدة 7 مرات في 2022 على الأموال الاتحادية، وتبعات ذلك على ارتفاع كلفة القروض والواردات المقوّمة بالدولار.

الدول المنتجة للنفط

وكما بقية الأزمات السابقة، لن تكون تأثيرات خطر الركود بالدرجة نفسها على الاقتصادات العربية، والتي تنقسم بين منتجة للنفط ومستهلكة له.

نجحت الدول المنتجة للنفط في أكثر من أزمة سابقة بإدارة التحديات الاقتصادية التي واجهتها، بفضل الملاءة المالية المطمئنة التي تتمتع بها بفعل عائدات النفط الخام والغاز الطبيعي.

وأبرز الدول العربية التي تملك احتياطات مالية مرتفعة، هي: السعودية، قطر، الإمارات، الكويت، الجزائر، العراق، وبدرجة أقل، سلطنة عمان والبحرين وليبيا.

وبينما قد يدفع الركود نحو إبطاء الطلب على مصادر الطاقة التقليدية، إلا أن العقوبات على النفط الروسي قد تبقي أسعار النفط عند مستويات مطمئنة فوق 80 دولاراً للبرميل، وهو مستوى مقابل للدول العربية النفطية.

وفي حين جرى تعديل توقعات النمو بالنسبة لمعظم البلدان من جانب صندوق النقد الدولي، فقد جرى تعديل توقعات نمو الناتج المحلي الإجمالي بشكل طفيف لدول مجلس التعاون الخليجي.

ويرجع ذلك جزئياً إلى مزيج من استمرار عائدات النفط القوية للدول المصدرة، والتي ستوفر حاجزاً لاقتصاداتها وتسمح لها بتحقيق فوائض مالية كبيرة، وتخفيف التضخم.

الدول المستهلكة للنفط

بينما تواجه الدول المستهلكة للنفط تحديات أكبر قد تعيدها سنوات إلى الوراء، إذ إنها لم تتعاف حتى اليوم من تبعات الجائحة والحرب الروسية الأوكرانية.

هذا العام، اضطرت مصر إلى تحريك عملتها هبوطاً أمام الدولار، وطلبت مساعدة صندوق النقد الدولي، بينما تعاني بلدان مثل تونس والأردن والسودان ولبنان من أزمات اقتصادية متباينة.

أما تونس التي طلبت مساعدة الصندوق أيضاً لا تزال بانتظار توافق الأطراف كافة داخل البلاد قبيل موافقة الصندوق، فيما أنهى الأردن مؤخراً موجة احتجاجات كان سببها ارتفاع أسعار الديزل.

فرضية الركود، تعني أن الدول العربية المستوردة للخام ستدخل عاماً ثالثاً سلبياً على المستوى الاقتصادي، بحكم اعتماد جزء من النقد الأجنبي الوارد إليها من خلال العمالة المهاجرة، والتي قد تتأثر مداخيلها بالركود.

كذلك يلقي الركود بثقل مالي على الأسر والشركات حول العالم، ما يعني زيادة التقشف لتوفير النفقات الأساسية، والمحصلة تراجع السياحة الوافدة إلى عديد الدول العربية بصدارة مصر الباحثة عن مداخيل للنقد الأجنبي.

وتعتبر عائدات السياحة، حتى قبيل الجائحة، أحد أهم ثلاث عائدات لمصر من النقد الأجنبي، إلى جانب تحويلات العمالة المصرية في الخارج، وعائدات الصادرات.

ورغم أن سوق النفط توفر انتعاشاً إضافياً لمُصدّري الخام من الدول العربية، إلا أن المنطقة ليست محصنة ضد الضغط العالمي، بسبب التضخم وأسعار الفائدة المرتفعة.

TRT عربي - وكالات