تابعنا
جددت المملكة الأردنية الهاشمية مؤخراً اتفاقية توريد النفط الخام مع العراق، بمعدل 10 آلاف برميل يومياً وبسعر تفضيلي يقل بمقدار 16 دولاراً عن سعر نفط خام برنت العالمي، وتغطي بذلك 7% من احتياجات المملكة اليومية.

الإنفاقية التي تتجدد للعام الثاني على التوالي، جاءت بعد مشاورات ولقاءات عقدت في عمان وبغداد، آخرها كان بزيارة وفد أردني من 7 وزراء ورئيس الحكومة الأردنية بشر خصاونة إلى بغداد ولقاء رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، جرى خلالها توقيع مسودة تجديد الاتفاقية، إلى جانب عدد من الاتفاقيات الأخرى، أبرزها الربط الكهربائي بين البلدين.

بيانات شركة تسويق النفط العراقية سومو، كشفت أن مجموع الصادرات النفطية إلى الأردن خلال يوليو/تموز 2020 بلغت 261 ألفاً و894 برميلاً، وأن معدل التصدير بلغ 8 آلاف و448 برميلاً يومياً، وأضافت الشركة أن العراق لم يصدر النفط الخام إلى الأردن في شهري مايو/أيار ويونيو/حزيران 2020 بعد انخفاض أسعار النفط، فيما كانت الصادرات النفطية لشهر أبريل/نيسان إلى الأردن 325 ألفاً و374 برميلاً وبمعدل 10 آلاف و495 برميلاً يومياً.

الحكومة الأردنية ومن خلال استراتيجية الطاقة 2020 - 2030، التي أطلقتها في تموز العام الماضي، وضحت أنها تسعى لتنويع مصادر استيراد النفط الخام، إلى جانب إنشاء ومد أنابيب للنفط الخام والمشتقات النفطية، وذلك ضمن رؤية كاملة لقطاع الطاقة في الأردن للأعوام العشرة.

خط النفط بين البصرة والعقبة الأردنية.. منفعة متبادلة (AA)

إجراءات لوجستية

وزارة الطاقة والثروة المعدنية الأردنية قالت إن العمل ما زال جارياً حتى الآن مع الجانب العراقي على تنفيذ عدد من الإجراءات الإدارية واللوجيستية الخاصة باتفاقية توريد النفط للأردن

ولم تحدد الوزارة في ردها على " TRT عربي" موعداً واضحاً لبدء نقل النفط من كركوك إلى مصفاة البترول بالزرقاء، غير أنها أشارت إلى أن الإجراءات الآن تسير بهدف تمكين الطرفين من المضي قدماً في تمديد العمل بمذكرة التفاهم التي وقعت قبل أسابيع، خلال زيارة الحكومة إلى بغداد.

لا خسائر

الخبير والباحث في مجال النفط والطاقة المهندس عامر الشوبكي قال إن اتفاقية توريد النفط بين الأردن والعراق تصب بشكل كبير في مصلحة الدولتين ولها أثارها الإيجابية عليهما.

وأضاف الشوبكي لـ TRT عربي، أن العراق يُصدر النفط عبر "ميناء الفاو" بسعر متوسط ما بين خامي عُمان ودبي، منوهاً إلى أن الاتفاق مع الأردن بتوريد 10 آلاف برميل يومياً سيكون بسعر أقل بـ16 دولاراً عن سعر برميل برنت العالمي والخام العراقي، ويشمل فَرق النوعية وأجور النقل بين مصفاة بيجي والموانئ العراقية ومصفاة البترول الأردنية.

وأوضح أن الأردن يستورد وفقاً للاتفاقية التي وقعت بين الدولتين 10 الآف برميل يومياً تُكرر فوراً وتوزع على السوق الأردني دون أن تُخزن، منوهاً إلى أن السعر التفضيلي للأردن هو أقل من 16 دولاراً للبرميل عن سعر برنت، يُخصم منه أجور النقل وفَرق النوعية، وبالتالي فإنها مكاسب للأردن والعراق على حد سواء دون وجود أي خسارة للطرفين، وموضحاً أن كميات النفط العراقي التي تصل الأردن تشكل أقل من 0.25% من إنتاج العراق اليومي من النفط البالغ 3.857 مليون برميل.

وأشار الشوبكي إلى أن هناك فائدة أخرى من هذه الاتفاقية تكمن بتفعيل التشاركية بين البلدين، وتشغل أسطول النقل لـ500 ناقلة نفط بين كل من الجانبين، إلى جانب تشغيل للخط البري، إضافة إلى أنه من مصلحة العراق أن يُصدر من إنتاجه لتخفيف الضغط على ميناء الفاو العراقي، بإشراف الحكومة من خلال "شركة تسويق النفط العراقية سومو"

وأكد أن الأردن يتطلع نحو هدف أكبر من ذلك، بإنشاء خط النفط من البصرة إلى مصفاة البترول الأردنية ثم العقبة، إلى جانب عدد من اتفاقيات الطاقة الأخرى، خاصة اتفاقية الربط الكهربائي.

بوابة لاتفاقيات أكبر

الخبير والمحلل الاقتصادي الدكتور حسام عايش، قال إن الأردن ومن خلال اتفاقية النفط مع العراق يحقق فائدة كبيرة للاقتصاد الأردني، نظراً لأن في هذه الاتفاقية التي تجدد للعام الثاني على التوالي سعراً تفضيلياً، يخفف من فاتورة الطاقة على المملكة.

وأضاف عايش لـTRT عربي، أن الأمر الأساسي بالنسبة للأردن هو توفير مصادر طاقة مستوردة بشكل دائم، مع ضمان واستمرارية الإمداد وتوفر البدائل إذا ما وقع عارض ما، مشيراً إلى أنه في عام 2004 كانت المملكة تعتمد بشكل كامل على النفط العراقي، لكن نتيجة الأحداث السياسية أجبر الأردن على أن يبحث عن بدائل بتكاليف أكبر، ما سبب أزمة مالية للاقتصاد الوطني، وصلت فيها فاتورة الطاقة إلى 5 مليارات دولار وهو ما يقدر بـ 18 -20% من الناتج المحلي الإجمالي للمملكة.

وشدد على أن اتفاقية توريد النفط مع العراق، وبالرغم من أنها تغطي 7% فقط من احتياجات الأردن اليومية، فإنه يجب أن تكون بوابة لاتفاقيات أكبر، أهمها اتفاقية خط النفط من البصرة إلى العقبة، واستثمار عودة الهدوء إلى الساحة العراقية لتوسيع أوجه التعاون بين الدولتين.

وأكد عايش أن الأردن اليوم في وضع استراتيجي مريح في ملف النفط العراقي، مشيراً إلى أن هناك دراسات وترتيبات أن يكون الأردن مركزاً استراتيجياً للطاقة بالمنطقة، بحيث يكون ممراً للصادرات والمستوردات العراقية من النفط والغاز.

وأوضح أنه على مدار السنوات الماضية كانت تكلفة الطاقة على الأردن مرتفعة نتيجة تأثره بالأسعار العالمية، وهو ما انعكس على الحال الاقتصادي داخل المملكة، من ارتفاع في تكاليف الإنتاج وتسريح العديد من الأيادي العاملة، خاصة في القطاع الصناعي، داعياً إلى ضرورة وجود ضوابط لاستهلاك الطاقة في الأردن لكن دون أن يؤثر ذلك على الأداء اليومي للمواطنين، ودون أن تُفرض عليهم ضرائب مرتفعة، إلى جنب أن تكون اتفاقية النفط مع العراق مصدراً جديداً لزيادة إيرادات الخزينة الأردنية.

ووفقاً لبيانات دائرة الإحصاءات العامة الأردنية، أن الأردن يعتمد بشكل كبير على مصادر الطاقة المستوردة، والتي تتمثل في النفط الخام ومشتقاته، حيث تمثل هذه المصادر ما نسبته تقريباً 95% من الطاقة التجارية المستهلكة في المملكة.

وتشكل كلفة المحروقات المستوردة عبئاً كبيراً على الاقتصاد الأردني، حيث إن الارتفاع المضطرد في أسعار النفط العالمية يؤدي إلى زيادة قيمة الفاتورة النفطية مما يؤدي إلى زيادة العبء على موازنة الدولة من خلال قيمة الدعم المقدم للمشتقات النفطية.

TRT عربي