تابعنا
بعد دعوة الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون في مارس/آذار الماضي إلى إجراء انتخابات تشريعية مبكرة، نجحت الجزائر في تنظيم أول استحقاق انتخابي منذ حراك فبراير/شباط 2019 الذي أطاح بنظام الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة.

توجه الناخبون الجزائريون نحو صناديق الاقتراع يوم 12 يونيو/حزيران الجاري للإدلاء بأصواتهم واختيار ممثليهم في البرلمان، إلا أن نسب المشاركة كانت ضعيفة جداً وفق إحصائيات أولية جرى الإعلان عنها عبر الوسائل الإعلامية المحلية والأجنبية.

ووسط تضارب في التوقعات وضبابية في المشهد الانتخابي، تستمر عملية فرز الأصوات بعد إغلاق مراكز الاقتراع، دون الإفصاح عن أي مؤشرات حول النتائج الأولية للفرز.

نسب إقبال ضعيفة

فتحت صناديق الاقتراع لحوالي 24 مليون ناخب جزائري داخل البلاد وخارجها لاختيار ممثليهم ونائبيهم بالبرلمان، إلا أن السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات أعلنت عن نسبة مشاركة بلغت حوالي 30.20% وهي نسبة إقبال ضعيفة مقارنة بالنسب التي سجلتها مراكز الاقتراع في الانتخابات التشريعية السابقة عام 2012 و2017.

فبعد تسجيل نسبة مشاركة بلغت حوالي 14% قررت السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات التمديد في زمن الاقتراع إلى ساعة إضافية، لتتيح الفرصة لعدد أكبر من الناخبين للالتحاق بمراكز الاقتراع. إلا أن ذلك لم يغير بالنتيجة كثيراً.

ولم يختلف الأمر بالنسبة للجالية الجزائرية المقيمة بالخارج، والتي قدرت نسبة مشاركتها بالعملية الانتخابية حوالي 5% .

وأشار محمد شرفي رئيس السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات أن نسب الإقبال كانت متفاوتة بين مختلف المحافظات، حيث سجلت بعض المناطق نسب مشاركة تفوق 50% وأخرى تجاوزت فيها نسبة الإقبال 74% فيما سجل بعضها تقريباً امتناعاً عن التصويت وخاصة بمنطقة القبائل في بجاية والبويرة وتيزي وزو والتي بلغت فيها نسب الإقبال حوالي 1%.

وأكد شرفي أن عملية الفرز والإعلان عن النتائج الأولية، ستتطلب مزيداً من الوقت ويرجح أن يجري الإعلان عنها يوم الثلاثاء أو الأربعاء 16 يونيو/حزيران.

كانت هذه النسب الضعيفة صادمة بالنسبة للسلطات والمؤسسات الجزائرية التي كانت تأمل بمشاركة أعلى في هذا الرهان الانتخابي تبلغ ما بين 40 و50% ، إلا أنها كانت متوقعة لمراقبين ومحللين محليين وأجانب، بخاصة بعد حملات المقاطعة التي دعا إليها ناشطون وسياسيون معارضون كانوا يرون في العملية الانتخابية تماهياً مع خارطة طريق النظام الحاكم.

وتعليقاً على تدني مشاركة الناخبين الجزائريين في عمليات الاقتراع، قال الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون في تصريح تلفزي، بعد أن أدلى بصوته، بأن نسبة المشاركة لا تهمه، وإن ما يهمه هم من سيفرزهم صندوق الاقتراع لإدارة السلطة التشريعية.

أثار تصريح تبون انتقاداً واسعاً، حيث اعتبر خبراء ومحللون أن نسب المشاركة في الانتخابات تعبر عن مدى انخراط المواطن في العملية السياسية بالبلاد وأنها لا تقل أهمية عما ستفرزه الصناديق.

الجزائريون بين مؤيد ومقاطع

في ظل قانون انتخابي جديد وتعديلات دستورية، بلغ عدد المرشحين الجزائريين حوالي 23 ألف مرشح، يتنافسون ضمن قوائم حزبية وأخرى مستقلة للفوز بـ407 مقاعد بالبرلمان. وقدر عدد القوائم المستقلة حوالي 1208 قائمة تجاوز عددها القوائم الحزبية التي بلغت 1080 قائمة، وأغلبها أحزاب محسوبة على التيار الوطني، وأخرى على النظام السابق والأحزاب المعارضة والإسلامية.

وهي المرة الأولى التي يواجه فيها النظام الجزائري عدداً كبيراً من المستقلين، ترجح بعض الآراء أنه يمكن أن يفوز هؤلاء المستقلون بثقة الناخبين كقوة جديدة بعد أن فقدت الأحزاب مصداقيتها وتراجعت ثقة الشارع الجزائري فيها وحملت المسؤولية في الأزمة المتفاقمة بالبلاد.

أما نشطاء الحراك الشعبي والأحزاب اليسارية، فقد اختاروا مقاطعة الانتخابات والامتناع عن الإدلاء بأصواتهم، معتبرين أن هذا الاستحقاق مجرد مسرحية أو حفلة تنكرية انتخابية وفق تعبيرهم، وأنه لابد في البداية من إجراء تغيير جذري للنظام.

ولم تلقَ هذه الدعوات تجاوباً من السلطات الجزائرية التي بدت عازمة على المضي في تطبيق خارطة طريقها الانتخابية التي قامت بوضعها في وقت سابق. و قبل البدء بالعملية الانتخابية رصد حقوقيون وإعلاميون حملة اعتقالات واسعة للمعارضين والناشطين السياسيين وجرى منع المسيرات والمظاهرات التي دعا إليها ناشطو الحراك الشعبي.

تشكيك بالنتائج

وتزامناً مع انتظار الإعلان عن النتائج الرسمية، أعلنت حركة مجتمع السلم ذات التوجه الإسلامي في بيان رسمي "تؤكد حركة مجتمع السلم أنها تصدرت النتائج في أغلب الولايات".

وأشارت إلى أن هناك محاولات واسعة لتغيير النتائج وأن عواقب ذلك ستكون سيئة على البلاد في تشكيك منها في النتائج ومنبهة في الوقت ذاته من محاولات التزوير.

من جانبه أعلن أمين عام جبهة التحرير الوطني في تصريح لوسائل إعلامية محلية أنه "حسب أصداء من عدة ولايات، حل حزبنا في المركز الأول وننتظر النتائج الرسمية".

ووسط تصريحات متضاربة، يستمر الشارع الجزائري في الترقب لما ستفرزه صناديق الاقتراع، مع تباين كبير في الآراء حول جدوى إجراء هذه الانتخابات ولما سيترتب عنها.

TRT عربي