تابعنا
بالتزامن مع ردها على عملية طوفان الأقصى في قطاع غزة، صعّدت قوات الاحتلال الإسرائيلي من انتهاكاتها في الضفة الغربية والداخل الفلسطيني المحتل عام 1948، ضمن عمليات انتقام جماعية.

بالتزامن مع ردها على عملية طوفان الأقصى في قطاع غزة، صعّدت قوات الاحتلال الإسرائيلي من انتهاكاتها في الضفة الغربية والداخل الفلسطيني المحتل عام 1948، ضمن عمليات انتقام جماعية.

وأطلقت كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، العملية المذكورة باقتحام مستوطنات غلاف غزة، رداً على الانتهاكات في المسجد الأقصى، ما نتج عنه مقتل أكثر من 1400 إسرائيلي.

وبدورها، بدأت إسرائيل عدواناً عسكرياً واسعاً على قطاع غزة، تسبّب باستشهاد 5087 فلسطينياً وإصابة أكثر من 1500 آخرين، لكنّها توسعت في انتهاكاتها لتشمل الضفة الغربية والأراضي المحتلة عام 1948.

تصاعد الانتهاكات

هاجم جيش الاحتلال الإسرائيلي مخيم نور شمس شمالي الضفة الغربية، ونفذ عملية استغرقت نحو 30 ساعة، ثم انسحب الجيش يوم الجمعة من المخيم بالكامل مخلّفاً وراءه 12 شهيداً فلسطينياً على الأقلّ، وفق مصادر محلية.

وأكد شهود عيان أنّ "القوات الإسرائيلية اقتحمت المخيم عند الثالثة من فجر الخميس الماضي، بعدد كبير من الآليات العسكرية والجرافات، وشرعت في تدمير الممتلكات وتجريف الشوارع والبنية التحتية".

وأضاف الشهود أنّ الجيش الإسرائيلي "قصف موقعاً في المخيم بطائرة مسيَّرة"، كما "اعتقل 10 مواطنين على الأقلّ"، مشيرين إلى أنّ القوات الإسرائيلية "أغلقت مداخل المخيم بسواتر ترابية وفرضت منعاً للتجوال، كما انخرطت في اشتباك مع عدد من المسلحين الفلسطينيين".

أما في أراضي 48، فقد قمعت قوات الاحتلال مساء الخميس الماضي، مسيرة احتجاجية في مدينة أم الفحم، انطلقت تنديداً بالعدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة. واعتقلت الشرطة الإسرائيلية 12 شخصاً من المسيرة، واعتدت على آخرين بينهم نساء وأطفال بالقنابل والرصاص المغلف بالمطاط.

كما اعتقلت قوات من الشرطة الإسرائيلية، معززة بقوات من "حرس الحدود"، مساء الأربعاء الماضي، 6 متظاهرين، بينهم 3 محتجّات على الأقلّ، خلال مشاركتهم في تظاهرة في مدينة حيفا، منددة بالعدوان الإسرائيليّ ضدّ غزة.

وأُصيب شخص إثر الاعتداء عليه، فيما اعتُقل شابان خلال مشاركتهما في تظاهرة في مدينة الطيبة.

ولم ينتهِ التصعيد الإسرائيلي عند قمع المظاهرات واعتقال المشاركين فيها، بل ركز جزءاً كبيراً من جهوده على المغردين المتضامنين مع غزة.

واعتقل الاحتلال الشاب محمد رائد زيود (21 عاماً) من مدينة أم الفحم، بتهمة "نشر تصريحات تحريضية ودعم تنظيم إرهابي" على شبكة التواصل الاجتماعي وتحديداً تطبيق "واتساب"، في إشارة إلى حماس.

كما اعتقلت شرطة الاحتلال الفنّانة الفلسطينية دلال أبو آمنة، لمدة يومين، لتفرج عنها ولكن بشروط مقيدة، بينها الحبس المنزلي في بيت والدتها بمدينة الناصرة حتى 23 أكتوبر/تشرين الأول، وإيداع كفالة قدرها 2500 شيكل (615 دولاراً أمريكياً). وكان من ضمن الشروط "عدم التواصل مع أي من الضالعين في القضية، ومنعها من نشر أي مدونة تتعلق بالحرب والظروف الراهنة لمدة 45 يوماً".

وقالت الشرطة الإسرائيلية في بيان، إنّ أبو آمنة "من الشخصيات المؤثرة في الشبكة في المجتمع العربي، والتي تنشر منشورات وأنشطة في وسائل الإعلام المختلفة أدلت فيها بتصريحات ضدّ دولة إسرائيل ودعم فلسطين".

وفي العموم، وصل عدد الشهداء في الضفة الغربية منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول وحتى اليوم إلى 95 شخصاً، وقال موقع عرب 48 في تعليقه على هذه الموجة: "يشهد المجتمع العربي حملة اعتقالات وتضييق على المواطنين في مختلف المجالات منها التعليم والعمل وغير ذلك، بسبب تضامنهم مع قطاع غزة".

وأردف: "تعرّض العشرات من المواطنين العرب للفصل من أماكن عملهم، كما جرى تهديد طلاب عرب من الجامعات والكليات المختلفة بالفصل، بسبب منشورات منددة بالحرب على قطاع غزة".

ومع تزايد الانتهاكات، غرد مبعوث الاتحاد الأوروبي للسلام في الشرق الأوسط سفين كوبمانز، قائلاً: "بينما نشعر جميعاً بالرعب ونركز بحق على جنوب إسرائيل وغزة مع آلاف الضحايا ومئات الرهائن وكارثة إنسانية لا يمكن تصورها، دعونا لا نغفل عن الضفة الغربية حيث تتزايد عمليات القتل والعنف والتهجير بشكل مثير للقلق".

"تخويف وإرهاب الأهالي"

وفي تعليقه على هذا التصعيد، يقول رئيس مجموعة الحوار الفلسطيني صادق أبو عامر، إنّه "كان من المتوقع أن تتصرف إسرائيل على هذا النحو لأسباب ودوافع مختلفة، أهمها محاولة تثبيت الضفة الغربية حتى لا تنفجر الأوضاع فيها بشكل متزامن مع غزة".

ويرى أبو عامر في حديثه مع TRT عربي، أنّ من أهداف الاحتلال "تصفية بعض الجيوب وإعطاء نفسه إمكانية لتحرك أكثر قوة وعنفاً تجاه بعض المخاطر والتهديدات التي يعتقد أنّه يجب التعامل معها وكانت مؤجلة".

ويبيّن الباحث في الشأن الفلسطيني أنّ الجيش الإسرائيلي يغيّر بشكل مستمر أوامر إطلاق النار للجنود ويسهلها، كما أنّه يدفع بالمستوطنين ويعمل على تسليحهم، "وهنا تزداد الانتهاكات".

ويلفت إلى أنّ عدد الشهداء في الضفة الغربية كبير جداً على مدار الأيام الماضية، "وهذا يعني أنّ إسرائيل تحاول إسكاتها وإخضاعها بشكل دائم، وفي الوقت نفسه قمع أي تحرك متوقع مساند لقطاع غزة".

ويضيف أنّ "إسرائيل تريد تخويف الأهالي وإرهابهم في الضفة الغربية وأراضي 48، وفرز البيئات وتحديد الأشخاص الذين يمكن أن يتعاطفوا مع غزة ويساندوها".

وعن أسباب التصعيد في الضفة رغم الانشغال بالحرب على غزة، يقول أبو عامر إنّ إسرائيل "لا تجزئ المعارك، وهي ترى أنّها تخوض حروباً مصيرية، فهي تريد أن تطمئن على مستقبلها على كل الصعد والجبهات".

ويؤكد الباحث الفلسطيني أنّ إسرائيل "معنية بإدارة صراع على الجبهات المتعددة، وهذا يتطلب نوعاً من الاستفزاز والضغط العسكري والأمني على جميع البيئات النشطة".

ويشير أبو عامر إلى أنّ "إسرائيل اليوم تحاول أن تخرج جميع مخططاتها لسحق كل حواضن المقاومة، لأنّها ترى نفسها في مرحلة تقرير مصير ككيان استعماري احتلالي بالمنطقة".

"محاولة رخيصة لاستغلال الحرب"

من جانبه، تحدث مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة "بتسيلم"، عن أهداف أكثر خطورة من التصعيد المتسارع في الضفة الغربية.

وقال المركز الإسرائيلي في 19 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، إنّه "منذ أنْ بدأت الحرب في قطاع غزة، تصاعد مستوى العنف في الضفة الغربية".

وأوضح أنّه "خلال عشرة أيّام فقط، نُصبت حواجز في جميع أنحاء الضفة الغربيّة وسُدّت منافذ بلدات كثيرة، وجرى إغلاق شوارع رئيسيّة وتقييد حركة الفلسطينيّين إلى حدّ كبير"، إضافة إلى ذلك، صعّدت إسرائيل من مساعي تهجير تجمّعات فلسطينيّة وعائلات معزولة عن منازلها وأراضيها.

وأردف: "ممارسات إسرائيل محاولة رخيصة لاستغلال الحرب كفرصة لمُواصلة تحقيق أهدافها السياسيّة في الضفة الغربيّة والسّعي قدُماً نحو الاستيلاء على المزيد والمزيد من الأراضي الفلسطينيّة".

ولفت المركز إلى أنّ مساعي الحكومة الإسرائيلية تتضح من خلال "ارتفاع حادّ طرأ على وتيرة وشدّة أعمال العُنف التي يمارسها المستوطنون ضدّ الفلسطينيين بدعم تامّ من جنود وعناصر شرطة، وفي أحيان كثيرة بمشاركتهم".

وأوضح أنّه بالنظر إلى ما يجري على أرض الواقع، يبدو أنّ المستوطنين يتصرفون، تحت غطاء الحرب، بلا أيّ وازع أو رادع، إذ لا أحد يعمل على وقف عُنفهم لا قبل وقوعه ولا في أثنائه ولا بأثر رجعيّ.

TRT عربي
الأكثر تداولاً