ما ملامح الحكومة المغربية القادمة؟ (Abdeljalil Bounhar/AP)
تابعنا

بعد ليلة محتدمة من توارد أخبار النتائج غير الرسمية لانتخابات يخوضها المغرب في ظروف استثنائية حتَّمت حسب ما فسَّرت به الداخلية قرارها بجمعها كلها في يوم واحد؛ جماعية وجهوية وتشريعية. وعند الساعة الثالثة من فجر الخميس (بالتوقيت المحلي) أطل وزير الداخليَّة المغربي في ندوة لإعلان النتائج شبه النهاية.

شق من هذه النتائج أتى متوقَّعاً، تصدُّر حزب "التجمع الوطني للأحرار" جزءاً منه، كما تبوؤ حزبي "الأصالة والمعاصرة" و" الاستقلال" مراتب متقدمة كذلك. فيما المفاجأة أتت على شكل ما أجمع على أنه "سقوط حر" للعدالة والتنمية الذي فقد 112 مقعداً عن حصيلته خلال نسختها السابقة، فاحتل بذلك المركز الثامن بـ 11 مقعداً.

بالنسبة للترتيب الكامل، جاء كالآتي: في المركز الأول تربّع حزب "التجمع الوطني للأحرار" بـ 102 مقعد في مركز الوصيف حلَّ "الأصالة والمعاصرة" برمزه الجرار حاصداً 87 مقعداً، يليه حزب الاستقلال بـ81 مقعداً، والاتحاد الاشتراكي في المركز الرابع بـ34 مقعداً. أما المركزان الخامس والسادس كانا تباعاً لكل من حزب الحركة الشعبية بـ28 مقعداً، ثم حزب التقدم والاشتراكية بـ22 مقعداً. وسابعاً جاء حزب الاتحاد الدستوري بـ18 مقعداً.

حسب الفصل 47 من الدستور المغربي "يعين الملك رئيس الحكومة من الحزب السياسي الذي تصدر انتخابات أعضاء مجلس النواب وعلى أساس نتائجها". وعلى هذا الأساس فالمهمة ستوكل، بعد إعلان النتائج النهائية، إلى الأمين العام لحزب "التجمع الوطني للأحرار"، عزيز أخنوش، لانطلاق في مسيرة تجميع الحكومة القادمة.

السيناريو السَّلس

يجمع المراقبون على أن سؤال التحالفات الحكومية لا يزال بعيداً، لكن لا يحجمون بالمقابل عن طرحه، كونه الشغل الشاغل للمغاربة بعد النتائج التي قطعت مع عشر سنوات من قيادة العدالة والتنمية الحكومة. فيما لا تفشي تصريحات وبيانات أمناء الأحزاب المنتصرة من الانتخابات عن أي إشارات لتقاربات مرتقبة، لا تفصح كذلك عن أي موانع من خوض نقاش التحالفات بينها.

هكذا يبقى السيناريو السَّلس أمام عبد العزيز أخنوش هو تكوين تحالف حكومي مع حزبي المركز الثاني والثالث. هذا سيمكنه من أغلبية حكومية مريحة بنحو 270 مقعداً من أصل 395. مع إمكانية تطعيم التحالف بأحزاب أخرى كالاتحاد الاشتراكي، الأقرب إلى ذلك المصير كون "الأحرار" هو من أتى به إلى حكومة العثماني سابقاً. كذلك حزب "التقدم والاشتراكية" الذي فك حلفه السابق مع العدالة والتنمية وسط عهدتها. أو حتى الاتحاد الدستوري المتشابه من حيث الطبيعة السياسية مع الحزب المترئس للحكومة.

السيناريو الصعب

السيناريو الصعب أمام أخنوش هو أن تستمر القطيعة بينه وبين الأصالة والمعاصرة، وهو الذي رشق أمينه العام عبد اللطيف وهبي رئيس الحكومة المستقبلي بـ"استعمال المال المفرط" أثناء الحملة الانتخابية. كما قبل دخول الحملة تقارب الحزب المذكور والعدالة والتنمية من أجل كبح جماح أخنوش.

يقول الصحفي المغربي أسامة باجي متحدثاً لـ TRT عربي بأن "سؤال التحالفات الانتخابية ما زال بعيد الإجابة، لكن هناك إشارات من داخل بيت الأصالة والمعاصرة باستبعاد فكرة الاشتراك في حكومة يقودها أخنوش". هذا ويرجع المتحدث علل ذلك للقطيعة المذكورة، كما لما أسماه "محاولة وهبي غسل سمعة حزبه التي ارتبطت قبلها باستعمال المال وتهم الاستقواء بالسلطة".

وفي هذا السيناريو، لا مفر لأخنوش من التحالف مع الاستقلال والاتحاد الاشتراكي ما سيمكنه من جمع نحو 217 مقعداً من أصل 395. في أغلبية هشة سيتحتم عليه تدعيمها بأحزاب "التقدم والاشتراكية" و"الاتحاد الدستوري" و"الحركة الشعبية". وبالتالي ستكون مهمته أصعب في التوفيق بينها.

السيناريو "المستحيل"

أما السيناريو "المستحيل"، هو أن يقع انسداد في مسار مفاوضة التحالف بين "الأحرار" و"الاستقلال" مع اختيار الأصالة والمعاصرة التموضع في المعارضة. إثرها لا سبيل لأخنوش إلا السعي إلى فك ذلك الانسداد، كون بقية الأحزاب على كثرتها لا تمكنه من جمع الأغلبية.

في هذه الحال، وإذا فشل زعيم "الأحرار" في تجميع الحكومة، فإن الحل الدستوري هو أن يعين الملك شخصاً آخر من الحزب نفسه بدلاً عن "زعيم الحزب" على رأس الحكومة، على غرار ما حدث وقت حكومة بنكيران الثانية. وإذا فشل هو الآخر، لا مناص من اختيار الأمين العام للحزب الوصيف أو شخصية منه وبالتالي تضيع الحكومة من حزب "الحمامة".

TRT عربي