صورة من مظاهرات سريلانكا.  (Eranga Jayawardena/AP)
تابعنا

منذ منتصف مارس/آذار، تهز احتجاجات واسعة سريلانكا، البلد الآسيوي الذي يعيش أسوأ أزمة اقتصادية في تاريخه منذ 74 سنة. هذا ورغم الجذور الاجتماعية والاقتصادية للاحتجاجات، فسرعان ما تحولت إلى مطالب سياسية، حيث رفع المتظاهرون شعارات بإسقاط الحكومة وإلغاء الرئاسة التنفيذية.

وتبادلت أحزاب السلطة والمعارضة الاتهامات بتأجيج الاحتجاجات، التي أدت في 3 أبريل/نسان الماضي إلى استقالة أعضاء الحكومة. فيما تختار الحكومة الجديدة الخصخصة كجواب للأوضاع الطارئة، وتقدم عملية بيع قطاعات واسعة من الدولة كخلاص لاقتصاد البلاد المأزوم.

دولة "دون وقود"

تجاوز الدَّين الخارجي لسريلانكا الناتج الداخلي الخام. ووجدت البلاد نفسها، نهاية شهر مارس/آذار الماضي، مدانة فيها للخارج بـ7 مليارات دولار، فيما لا تتوفر خزينتها العامة إلا على 1,19 مليار دولار فقط من مبالغ الاحتياط في نهاية مارس/آذار. حينها أعلن حاكم البنك المركزي السريلانكي، ناندال فيراسينغي، تخلف بلاده عن سداد ديونها الخارجية.


وقال فيراسينغي: "لقد فقدنا القدرة على تسديد الدَّين الخارجي (...) هذا تخلف وقائي عن السداد جرى التفاوض بشأنه، أبلغناه للدائنين".

هذا الوضع انعكس بشدة على حياة المواطنين، الذين فقدوا وظائفهم ويعانون من تضخم كبير في الأسعار إثر انهيار العملة المحلية. كذلك انقطاعات الكهرباء، وفقدان الوقود بالمحطات. وتضاعفت نسبة الفقر في سريلانكا بثلاث مرات، فبلغت 12%.

انفجار الاحتجاجات

هذه الأوضاع أججت احتجاجات عارمة خرجت في أرجاء البلاد كافة، تطالب بإصلاح الأوضاع المعيشية. واعتصم المحتجون في محيط القصر الرئاسي، رافعين شعارات تنادي بإقالة الحكومة التي يحملونها مسؤولية ما آل إليه الاقتصاد، كما نادوا بإسقاط الرئاسة التنفيذية.

وحصلت صدامات عنيفة بين المتظاهرين ورجال الأمن، كذلك بين المتظاهرين ومناصري الرئيس. وأعلنت السلطات حالة الطوارئ بالجزيرة، وحظر تجول في محاولة لاحتواء الوضع.

وفي خطابه عشية السنة السنهالية التاميلية، اتهم رئيس الوزراء ماهيندا راجاباسكا، وهو شقيق الرئيس، أحزاب المعارضة بتسييس المطالب الشعبية. داعياً المحتجين إلى الحوار، معتبراً استمرارهم في التظاهر هو السبب في بقاء الأوضاع الاقتصادية المتدهورة.

وفي 3 أبريل/نيسان استقال أعضاء الحكومة السريلانكية. وانتظر رئيس الوزراء في منصبه، حتى اندلعت صدامات عنيفة بين مناصريه والمحتجين، مخلفة سقوط 78 جريحاً، ليقدم استقالته في 9 مايو/أيار، ويتنحى لترك المجال لتشكيل حكومة وحدة وطنية.

حكومة الخصخصة و استمرار المظاهرات

في 12 مايو/أيار، عيَّن الرئيس غوتابايا راجاباكسا اسماً آخر من حزبه لتشكيل حكومة "وحدة وطنية"، هو رانيل ويكرماسينجه الذي يتقلد المنصب للمرة الخامسة في حياته السياسية. فيما تشمل اللائحة الوزارية الجديدة أسماء كثيرة من سابقتها المستقيلة.

بالمقابل تدفع حكومة ويكرماسينجه نحو الخصخصة كمفتاح للأزمة الاقتصادية، وكشفت عن خططها لبيع شركة الطيران المملوكة للدولة "سريلانكان إيرلاينز"، التي تكبدت العام الماضي خسائر 45 قدرت بـ124 مليون دولار. وبرر رئيس الوزراء ذلك يوم الاثنين قائلاً: "لا ينبغي أن تكون هذه الخسارة على عاتق أفقر الفقراء، والذين لم تطأ أقدامهم أي طائرة من قبل"، حسب ما نقلته وكالة "بلومبيرغ".

وأضاف ويكرماسينجه متحدثاً عن الوضع المعيشي بالبلاد، أن مخزونها من الوقود لا يكفي إلا ليوم واحد، متحججاً بأن "هناك سفينة بنزين في مياهنا.. (لكن) ليس لدينا عملة أجنبية". موضحاً أن الحكومة السريلانكية مدينة للمُورّد نفسه بمبلغ 53 مليون دولار هي ثمن شحنة سابقة من البنزين.

هذا وما زالت المظاهرات مستمرة، حيث لا يرى المحتجون استجابة لمطالبهم من قبل الحكومة، وعلى رأسها رحيل الطبقة السياسية الحاكمة، وفتح المجال أمام الشباب لقيادة البلاد.

TRT عربي