شبح انكماش وتحديات قاسية.. هل يعصف الركود بالاقتصاد الألماني؟ (Friso Gentsch/AP)
تابعنا

لم يتعافَ الاقتصاد الألماني من تبعات جائحة كورونا التي ضربت العالم السنتين الماضيتين، لتضاف إلى متاعبه الحرب في أوكرانيا، وأزمة الطاقة التي خلفتها بعد ارتفاع سعر البترول ومخاوف توقف إمدادات الغاز الروسي إلى البلاد.

هكذا، ومنذ الربع الأخير من عام 2021 والتضخم يعصف باقتصاد ألمانيا، أحد أهم الاقتصاديات الأوروبية، وأيضاً التراجع في توقعات نموه السنوي. الأمر الذي يضع حكومة المستشار أولاف شولتس أمام مأزق اجتماعي وسياسي عويص، تصارع لسن إجراءات قوية للخروج منه.

وضع اقتصادي ألماني صعب

خفض البنك المركزي الألماني توقعاته بشأن النمو السنوي لاقتصاد البلاد، من 4.2% كما سبق أن أعلن في ديسمبر/كانون الأول 2021 إلى 1.9% شهر يونيو/حزيران الجاري. نتائج يؤكدها معهد "IFO" المختص في الدراسات الاقتصادية، والذي خفض هو الآخر توقعاته من 3.1% في مارس/آذار الماضي لتصبح 2.5% يوم الأربعاء.

هذا ولم يحقق الاقتصاد الألماني سوى نمو طفيف، لم يتعد 0.2%، خلال الربع الأول من السنة الجارية. يضاف هذا إلى الانكماش الذي حققه خلال الربع الأخير من سنة 2021، والذي بلغ 0.3%.

ومن جهة أخرى، حقق التضخم في ألمانيا أرقاماً قياسية، لم يعرف مثيلاً لها طوال السنوات الخمسين الماضية. فحسب أرقام مركز الإحصاءات الفدرالي "ديستاتيس"، نهاية مايو/أيار الماضي، بلغ التضخم نسبة 7.9% على أساس سنوي وفقاً للمعايير المحلية، ونسبة 8.7% على أساس سنوي وفقاً لمعايير الاتحاد الأوروبي المنسقة.

شبح الركود

على الأرض تواجه عجلة الإنتاج الألمانية ركوداً كبيراً، إذ يواجه عدد كبير من الشركات والمصانع، صغيرة ومتوسطة، شبح الإفلاس بسبب اختناق سلاسل التوريد والارتفاع في أسعار المواد الخام. هذه الشركات تمثل جزءاً حيوياً من الاقتصاد الألماني، إذ تسهم بخمس الناتج الداخلي الخام وتشغل ثلثي اليد العاملة بالبلاد.

كما يعاني المواطن الألماني من ارتفاع أسعار الطاقة الذي بلغ، حسب مكتب الإحصاء الاتحادي، 38.3% في مايو الماضي مقارنة بالشهر نفسه العام الماضي، وارتفعت أسعار المواد الغذائية كذلك بمعدل فوق المتوسط بلغ 11.1%.

فيما يجعل هذا السقوط الحاد للقدرة الشرائية للمواطن الألماني الواقع الاقتصادي أكثر تأزماً، لضعف الطلب على المنتجات المصنعة. هذا ما أكده المستشار الألماني أولاف شولتس بقوله إن "المشاكل حقيقية وملموسة وازدادت كلفة كثير من الأشياء من البنزين إلى نفقات الحياة اليومية، ومن ثم فإن المواطنين يحق لهم أن ينتظروا منا ألا نتركهم وحدهم".

ولم يستبعد المستشار الألماني أن تُطلق حزمة جديدة من الإجراءات لمكافحة التضخم، وإنعاش عجلة الاقتصاد. كما وعد بالاستمرار في تنفيذ السياسات الاجتماعية التي وعد بها خلال حملته الانتخابية، على الأخص ما يتعلق بالرفع من الدخل الفردي وحق السكن.

هذا ويتطلع البنك المركزي الأوروبي إلى زيادة أسعار الفائدة في منطقة اليورو، في خطوة لم تحدث منذ أحد عشر عاماً، ذلك بإنهاء سعر الفائدة السلبي على الودائع حالياً، والبالغ سالب 0.5%، مع زيادتين لأسعار الفائدة في يوليو/تموز وسبتمبر/أيلول المقبلين.

TRT عربي