لماذا رٌفع فيتو الاتحاد الأوروبي في وجه ألبانيا ومقدونيا الشمالية؟ (Others)
تابعنا

أعلنت مسودة قرار للاتحاد الأوروبي، سابقاً في 7 مايو/أيار السنة الماضية، موافقة دوله الـ27 على بدء المحادثات بشأن توسيع الاتحاد الأوروبي شرقاً، ليشمل دولاً من غرب البلقان؛ وهما ألبانيا وجمهورية شمال مقدونيا.

غير أنه، وبعد سنة من ذاك، ما زالت المحادثات لم تحقق تقدماً يذكر، حيث تواجه معارضة كبيرة من قبل دول بعينها، على رأسها بلغاريا التي تلوح برفع الفيتو في وجه أي قرار يفضي إلى ضم جارتها الغربية إلى الاتحاد. لدرجة دفعت بها مفوض الشؤون الخارجية للاتحاد الأوروبي، جوسيب بوريل، بأن يصف الأمر على أنه "هدية إلى روسيا".

وأضاف بوريل قائلاً: "هذا الوضع لا يضرهم فقط، إنه يضرنا. إنه يكلفنا نحن والمنطقة الكثير من حيث المصداقية والمنظور السياسي. إنه هدية إلى روسيا"، في وقت تسعى فيه المنظومة الأوروبية إلى كل جهودها لتنزيل الحزمة السادسة من العقوبات ضد موسكو، رداً على هجومها على أوكرانيا في 24 فبراير/شباط الماضي.

وحدَّد مفوض الخارجية الأوروبية أن قرار الحسم في انضمام دول غرب البلقان عامة، وألبانيا ومقدونيا الشمالية على وجه الخصوص، بجب أن يؤخذ قبل نهاية الرئاسة الفرنسية للاتحاد في 30 يونيو/حزيران القادم. وإلا ستكون هناك "أزمة خطيرة" مع دول غرب البلقان في غياب حل بحلول هذا التاريخ.

خصومة سكوبي وصوفيا

في 30 أغسطس/آب الماضي، نقلت وكالة بلومبيرغ الأمريكية على لسان مبعوث الاتحاد الأوروبي الخاص إلى غرب البلقان، ميروسلاف لاجاك، قوله خلال اجتماع افتراضي مع قادة تلك الدول، بأن بلغاريا تعطل بدء المفاوضات مع مقدونيا الشمالية من أجل إطلاق مسار انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي.

رداً على ذلك، أكد رئيس وزراء مقدونيا الشمالية، زوران زاييف، في الجلسة ذاتها: "حتى بعد خيبة الأمل بسبب تأخر محادثات الانضمام، نحن نختار الاتحاد الأوروبي، دول أخرى مثل الصين وروسيا لديها مصالح هنا وستحاول استغلال الوضع، لكن هذا لن يغير وجهة نظرنا. ولن يقارن ذلك بأحلامنا المتعلقة بالاتحاد الأوروبي".

فيما تعود جذور هذا الوضع العالق إلى الخصومة بين صوفيا وسكوبي حول التاريخ والهوية المشتركة بينهما. فلطالما كانت الأراضي المقدونية حلبة صراع بين البلغار والصرب، وصولاً إلى تاريخ البلاد المعاصر ضمن اتحاد جمهوريات يوغوسلافيا، حين قاد زعيم البلاد الماريشال تيتو سياسات قاسية لتهميش الأثر الثقافي واللغوي البلغاري بين المقدونيين.

وتجادل بلغاريا للضغط على مقدونيا الشمالية من أجل الاعتراف بأن اللغة المستخدمة هناك مشتقة من اللغة البلغارية. بينما تعد هذه المطالب قاسية بالنسبة للحكومة في سكوبي، التي رضخت قبلاً إلى الضغوطات اليونانية بإضافة "الشمال" إلى اسم البلاد، لإرضاء أثينا التي لديها مقاطعة تسمى مقدونيا.

وفي هذا الصدد، أصدرت الخارجية البلغارية بياناً، في 28 يونيو/حزيران 2021، قالت فيه إنها ملتزمة بحل خلافاتها مع مقدونيا الشمالية، لكنها تطالب بوضع حد لما تصفه بقمع حقوق الأشخاص في مقدونيا الشمالية "الذين يعرّفون أنفسهم بأنهم بلغاريون".

ردت عليه سكوبي على لسان نائب رئيس وزرائها للشؤون الأوروبية، نيكولا ديميتروف، بأنه "لقد قدَّمنا أفضل ما لدينا، لكن نعتقد أنه يمكننا إيجاد حل أوروبي يصب في صالح الصداقة المقدونية البلغارية، والوعود الأوروبية للمنطقة، ومقدونيا الشمالية".

ألبانيا أو ضريبة الإسلام

تشترك ألبانيا وجارتها الشمالية في مصير تعطل محادثات انضمامهما إلى الاتحاد الأوروبي، بينما تدفع الأولى ضريبة عرقلة بلغاريا للملف المقدوني الشمالي، كونهما يشتركان في ملف انضمام موحد.

وللخروج من هذا الانسداد، قررت تيرانا الانفصال عن جارتها سكوبي، ومتابعة محادثات الانضمام منفردة. وقال رئيس الوزراء الألباني إيدي راما، في تصريحات له شهر أبريل/نيسان الماضي، بأن بلاده ستطلب من الاتحاد الأوروبي متابعة طلب العضوية بشكل منفصل عن جارتها مقدونيا الشمالية التي لا تزال تواجه حق النقض البلغاري.

وأضاف راما قائلاً: "لا يمكن لألبانيا الانتظار أكثر من ذلك حتى يحل جاراها خلافهما". وبالتالي فإن "مسارنا السياسي بشأن هذه القضية سيتغير بالكامل".

لكن ليست هذه هي المعضلة الوحيدة التي تواجهها تيرانا في مسارها للانضمام إلى عائلة بروكسيل، بل وجود أصوات أوروبية متشككة من انضمام بلد به أغلبية مسلمة. حيث يمثل المسلمون، حسب تقديرات، ما بين 56.7 و70% من سكانه.

حيث ترى هذه الأصوات المشككة أن الهوية الإسلامية لألبانيا تختلف عما يسمونه الهوية الأوروبية، كما يعارضون ما يروجون له على أن ألبانيا تمثل "تدخلاً للقوة الناعمة التركية في أوروبا". يؤكد ذلك جيمس بيتيفر، أستاذ تاريخ البلقان في جامعة أكسفورد، بقوله: "العلاقة الطيبة بين تركيا وألبانيا، والصداقة الوثيقة لرئيس وزرائها إيدي راما بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان من أسباب عرقلة تقدم محادثات انضمام ألبانيا إلى الاتحاد الأوروبي".

وبالتالي، يضيف بيتيفر، هناك "أعضاء الاتحاد الأوروبي الأكثر يمينية، لا سيما في فرنسا والمجر، يرفضون على الإطلاق حقيقة أن يكون أي بلد أوروبي بأغلبية مسلمة، ولهذا يستبعدون عضوية الألبان".

TRT عربي