ماذا يحدث في إسرائيل؟ / صورة: DPA (DPA)
تابعنا

نزل عشرات الآلاف من الإسرائيليين إلى الشارع، ليلة الأحد/الاثنين، في مظاهرات واسعة رداً على إقالة وزير الدفاع يوآف غالانت من منصبه. أغلق المتظاهرون عدداً من الطرق الرئيسية في البلاد، وتجمهروا في محيط مبنى الكنيست ومنزل رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، فيما وُصفت بأنها الاضطرابات الاجتماعية الأوسع في البلاد منذ السبعينيات.

هذا وأقال بنيامين نتنياهو وزير الدفاع غالانت من منصبه، يوم الأحد، على إثر انتقاد الأخير للإصلاح القضائي الذي تعتزم الحكومة تطبيقه، كما دعا إلى تجميد هذا الإجراء الذي يلقى معارضة واسعة في الشارع الإسرائيلي. وعلى إثر الاحتجاجات الأخيرة، تتوارد أنباء عن قرب إعلان رئيس الوزراء تراجعه عن تطبيق الإصلاح، وهو ما قد يهدد بإسقاط حكومته، ويعيد البلاد مجدداً إلى الأزمة سياسية.

طوفان محتجين في شوارع إسرائيل

عقب إعلان إقالة غالانت، نزل عشرات الآلاف من الإسرائيليين إلى شوارع تل أبيب والقدس وحيفا ومدن أخرى. وحسب تقديرات، تظاهر حوالي 200 ألف شخص في شارع "كابلان" بالعاصمة تل أبيب، وعمدوا في وقت لاحق إلى إغلاق الطريق السريع "أيالون" الرابط بين تل أبيب والقدس.

وفي القدس، نجح محتجون في اختراق الحواجز الأمنية أمام منزل رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، كما تظاهر المئات في محيط الكنيست الإسرائيلي منددين بإقالة وزير الدفاع ومطالبين بإسقاط مشروع الإصلاح القضائي. وفي حيفا وبئر سبع، جرى إغلاق الشوارع الرئيسية من قبل المحتجين.

ودفعت الشرطة الإسرائيلية بتعزيزات أمنية كبيرة إلى بؤر الاحتجاج، وسعت إلى تفريق المظاهرات باستخدام خراطيم المياه والعصي، كذلك ملاحقة الخيالة للمحتجين المتجمهرين. كما جرى اعتقال 32 متظاهراً، وفق ما صرحت به داخلية الاحتلال.

وكان وزير الدفاع يوآف غالانت قد وجه انتقادات إلى الحكومة بخصوص مشروع الإصلاح القضائي، الذي يشهد منذ يناير/كانون الثاني معارضة شعبية واسعة. وفي خطاب مساء السبت، قال غالانت: إنّه يخشى أن يؤدّي استمرار الانقسام في صفوف الشعب حول هذا الملفّ إلى "تهديد حقيقي لأمن إسرائيل".

وبعد ساعات من إعلان الإقالة، استقال القنصل العام الإسرائيلي في نيويورك. وقال أساف زمير، الذي يشغل هذا المنصب منذ 18 شهراً، في تغريدة عبر تويتر، إنّ "الوضع السياسي في إسرائيل بلغ نقطة حرجة وأشعر بإحساس عميق بالمسؤوليّة وبالتزام أخلاقي بالدفاع عن الصواب والكفاح من أجل القيم الديموقراطيّة التي أعتزّ بها".

ومن جانبه، وجه زعيم المعارضة ورئيس الحكومة السابق يائير لابيد، عبر حسابه على "تويتر"، انتقادات حادة للحكومة. قائلاً إنه "بإمكان نتنياهو إقالة غالانت لكنه لن يستطيع إقالة من يواجهون جنون الائتلاف الحاكم"، مؤكداً أن "رئيس الحكومة الإسرائيلية خطر على أمن دولة إسرائيل".

في المقابل، قال مسؤولون في حزب الليكود إن وزير العدل متهور ومستعد لحرق البلاد، وفق ما نقلته قناة 12 الإسرائيلية.

كما أضافوا أن "وزير العدل وضع البلاد على شفا حرب أهلية وعليه أن يستقيل". كذلك أشارت القناة 12، إلى أن الجيش رفع حالة التأهب في البلاد بعد فقدان السيطرة داخل إسرائيل.

ضغط الجيش

وفي الأسابيع الأخيرة، دخل الجيش الإسرائيلي على خط الرفض الشعبي لمشروع الإصلاح. وأعلن مئات ضباط الاحتياط مقاطعتهم الخدمة العسكرية في حال استمر نتنياهو بدفع تشريعات خطة إصلاح القضاء.

ونشرت صحيفة "هآرتس"، بأن "عشرات الطيارين من ضباط الاحتياط في سلاح الجو الإسرائيلي، أعلنوا الجمعة، أنهم لن يحضروا تدريباتهم المقررة الأسبوع المقبل، احتجاجاً على خطة الإصلاح القضائي التي تعتزم حكومة نتنياهو تنفيذها". وفي وقت سابق، وقع قرابة 150 ضابطاً وجندياً من وحدة "8200" التابعة للمخابرات العسكرية، عريضة بعدم الحضور للخدمة الاحتياطية اعتباراً من الأحد المقبل، للسبب ذاته.

وقبيل المظاهرات الرئيسية، يوم السبت، تظاهر أكثر من ألف متظاهر، بقيادة مجموعة تمثل جنود الاحتياط باسم "إخوة في السلاح". وقالت الحركة الاحتجاجية في بيان إن "غالانت، الذي يلتزم الصمت بدافع الخوف، والذي يدرك أنه مسؤول عن تفكك جيش الشعب، والذي يعرف أن الجنود الإسرائيليين سيواجهون تهماً في لاهاي، يمد يده إلى الدكتاتورية".

وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد حذر، الجمعة، من خطورة العصيان بين ضباط وجنود الجيش، احتجاجاً على خطة الإصلاح القضائي. وقال نتنياهو: "من دون جيش الدفاع لن تكون هناك دولة"، واصفاً رفض الخدمة العسكرية بـ"الخطر الرهيب".

اثنين "الشلل"

ما زالت الاحتجاجات في إسرائيل مستمرة، بعدما دخلت البلاد في إضراب عام ومفتوح يوم الاثنين، شل معظم قطاعات العمل بها. ولوّح رئيس اتحاد نقابات العمال أرنون بار دافيد، بأن الإضراب العام "التاريخي" قد يبدأ اليوم إذا لم يعلن نتنياهو وقف الإصلاح القضائي. هذا في وقت خرجت فيه المسيرات مجدداً خلال الصباح، في شوارع تل أبيب والقدس ومدن أخرى.

وقررت الجامعات في إسرائيل، تعطيل الدراسة الاثنين، احتجاجاً على عدم وقف الإصلاحات القضائية. وقالت صحيفة "يديعوت أحرنوت"، إن "رؤساء الجامعات الأكاديمية في إسرائيل قرروا تعطيل الدراسة في الجامعات، الاثنين، على خلفية استمرار العملية التشريعية التي تقوض أسس الديمقراطية الإسرائيلية وتعرض استمرارها للخطر، على حد وصفهم".

وأعلنت نقابة الأطباء في إسرائيل الوقف الفوري للخدمات الصحية لحين تجميد الإصلاحات القضائية. ونقلت صحيفة "يديعوت أحرونوت" عن النقابة قولها: "سيكون هناك إضراب كامل في الجهاز الصحي، وسيشمل الإضراب جميع المستشفيات العامة وجميع العيادات المجتمعية، ولكن سيكون ممكناً تقديم العلاجات والخدمات المنقذة للحياة".

هذا وقالت هيئة البث الإسرائيلية، إن الشرطة ضاعفت من انتشارها في القدس بالمئات من العناصر، يوم الاثنين، وسط مخاوف من وقوع اشتباكات بين مؤيدين ومعارضين للإصلاح. ونقلاً عن المصدر ذاته، قال مسؤول بالشرطة: "سنسمح بحرية التظاهر ولن نتسامح مع العنف والاضطرابات".

حكومة نتنياهو "على كف عفريت"

فاقمت الاحتجاجات الأخيرة من الأزمة التي تعرفها الحكومة الإسرائيلية، بقيادة نتنياهو ومشاركة أحزاب اليمين المتطرف. أول ارتدادات لهذه الأزمة، كان طلب سحب الثقة من الحكومة الذي قدمته المعارضة لرئيس الكنيسيت.

وأفاد رئيس الكنيست الإسرائيلي، الاثنين، بأن أغلبية الائتلاف الحاكم ترفض مقترحاً قدمته المعارضة لإجراء تصويت لحجب الثقة, موضحاً أن المقترح رُفض بأغلبية 59 صوتاً مقابل موافقة 53 صوتاً.

وكان من المتوقع أن يدلي نتنياهو ببيان عبر التلفزيون، صباح الاثنين، يعلن فيه وقف خطط التعديلات القضائية. لكن وسط تقارير عن احتمال انهيار ائتلافه القومي الديني أعلنت محطات تلفزيونية إسرائيلية أن رئيس الوزراء أرجأ البيان. وهدد كل من وزير الأمن القومي إتمار بن غفير ووزير العدل ياريف ليفين، بالخروج من الائتلاف الحاكم في حال تجميد الإصلاحات.

وصرّح وزير العدل ياريف ليفين: "سأحترم أي قرار يتخذه رئيس الوزراء نتنياهو بخصوص الإجراءات التشريعية للإصلاح القانوني. هذا مع العلم أن الوضع قد يؤدي على الفور إلى سقوط الحكومة وانهيار الليكود. يجب علينا جميعاً بذل جهد لتحقيق الاستقرار في الحكومة والتحالف". مضيفاً أنه "علينا الآن إقناع الوزير بن غفير بأن لا يفكك الائتلاف الحكومي في حال تمسك بموقفه المعارض لتأجيل التشريعات".

من ناحيته قال بن غفير في حديث مع نتنياهو: "في حال تأجيل التشريعات سأستقيل من الحكومة، غير أنني سأواصل دعمها من خارج الائتلاف"، حسب هيئة البث الإسرائيلية.

TRT عربي