هزَّت استقالات 15 وزيراً الحكومة البريطانية حتى مساء الأربعاء، ذلك رداً على شائعات تفيد بأن رئيسها بوريس جونسون تستر على جرائم تحرش جنسي اقترفها النائب المحافظ السابق كريس بينشر.
وتزامنت الاستقالات الوزارية مع اعتذار بثه جونسون على شاشات التلفزيون، قائلاً بأنه ما كان ينبغي عليه تعيين بينشر في منصب حكومي، ما اعتبر اعترافاً ضمنياً بما نسب إليه من علم وتستراً على فضائح النائب، رغم إصرار مكتب رئاسة الوزراء على نفي ذلك. هذا واستقال بينشر من منصبه يوم الخميس الماضي، وسط مزاعم بأنه تحسس ضيفين في عشاء خاص في الليلة السابقة.
فيما تنضاف هذه الفضيحة الأخلاقية إلى سلسلة فضائح أخرى يترنح تحت وقعها ساكن "رقم 10 داونينغ ستريت" مؤخراً، أبرزها تلك التي عرفت إعلامياً بـ"بارتيغيت"، حيث بفعلها نجى في آخر لحظة من تصويت سحب الثقة. ما يدفع إلى السؤال ما إذا كان سيكمل ولايته تحت كل الضغوط التي يتعرض لها، أم ستعصف الفضائح بمنصبه.
استقالات متتالية
تقدّم، صباح الأربعاء، كل من وزير الدولة لشؤون الأطفال والعائلات البريطاني ويل كوينس، ووزير التعليم روبن وولكر، ووزير الخزينة جون غلين ومساعدة وزير الدولة لشؤون النقل لورا تروت باستقالتهم، ذلك غداة القرار المماثل الذي اتخذه وزيرا الصحة والمال سابقاً الثلاثاء.
وأرجع كوينس استقالته إلى أنه لم يبق لديه "خيار" آخر بعدما نقل "بحسن نية" معلومات إلى وسائل الإعلام حصل عليها من مكتب رئيس الوزراء "وتبين أنها غير صحيحة". في إشارة إلى تأكيده في وقت سابق عدم علم رئيس الوزراء بفضائح التحرش الجنسي التي تلاحق النائب كريس بينشر.
ويوم الثلاثاء، قال وزير المالية البريطاني المستقيل ريشي سوناك: "أدرك أن هذه قد تكون وظيفتي الوزارية الأخيرة، لكنني أعتقد أن هذه المعايير تستحق النضال من أجلها ولهذا السبب أستقيل". وأضاف مبرراً خيار الاستقالة بأنه "أصبح من الواضح لي أن مناهجنا مختلفة جدًا بشكل أساسي. أنا حزين لترك الحكومة لكنني توصلت على مضض إلى نتيجة مفادها أنه لا يمكننا الاستمرار على هذا النحو".
وكتب وزير الصحة ساجد جافيد، مخاطباً رئيس الوزراء، "آسف لأنني لم أعد أستطيع الاستمرار بضمير حي". مضيفاً أن التصويت على سحب الثقة من جونسون، الذي أجري شهر يونيو/حزيران الماضي، كان "لحظة للتوجه الجديد، ويؤسفني أن أقول، مع ذلك، إنه من الواضح لي أن هذا الوضع لن يتغير تحت قيادتك وبالتالي فقد فقدت ثقتي أيضاً".
هل تعصف الفضيحة بمنصب جونسون؟
هذا وفي وقت سابق الثلاثاء، اتهم كبير موظفي الخدمة المدنية السابق في وزارة الخارجية سايمون ماكدونالد، رئاسة الوزراء البريطانية بـ"كذبها" حول عدم علم جونسون بشكاوى رسمية حول سلوك كريس بينشر. مؤكداً أنه تم إطلاع رئيس الوزراء على تحقيق بشأن بينشر، الذي كان وقتها وزيراً للدولة في وزارة الخارجية.
وتمثل هذه الفضيحة، وما تلاها من استقالات واسعة في الحكومة، ضغطاً كبيراً على جونسون مهددة بقاءه في المنصب. هذا ما يؤكده تقرير لموقع "ديلي إكسبريس" البريطاني، متحدثاً عن أنه ربما كانت هذه الفضيحة "القشة الأخيرة" للمحافظين الذين، حتى وقت قريب، كانوا يوبخون علناً متمردي الحزب في البرلمان لعدم ولائهم لرئيس الوزراء.
هذا وتجمع أصوات كثيرة داخل المشهد السياسي البريطاني على إمكانية أن تكون هذه اللحظات هي اللحظات الأخيرة لبوريس جونسون في "داونين ستريت". من بين هذه الأصوات الزعيم السابق لحزب "بريكسيت" نايجل فاراج، الذي اعتبر الأمر بمثابة "المسمار الأخير في نعش رئاسة وزراء جونسون"، وشدد على أن "استبدال جونسون سيكون أيضاً فرصة رائعة لحزب المحافظين لإعادة اكتشاف هدفه".
ومع ذلك لم يقرر جونسون الاستقالة من منصبه، وليس هناك من سبيل لإسقاطه عبر آلية سحب الثقة، كون النظام الداخلي للحزب المحافظ لا يسمح بتفعيل هذا الإجراء سوى مرة كل سنة. ونجى جونسون شهر يونيو/حزيران الماضي من هذه الآلية عندما حظي بدعم 211 نائباً، في مقابل 148 نائباً صوتوا لصالح سحب الثقة منه.
وأصر جونسون، في كلمة أمام البرلمان، الأربعاء، على الاستمرار في رئاسة الوزراء على الرغم من تمرد متزايد داخل حزب المحافظين ضد قيادته، حسب هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي". وقال جونسون إن لديه "تفويضاً ضخماً" من انتخابات 2019 وإنه "سيستمر".