حسب الوكالة الفرنسية للشغل، فاق عدد الباحثين عن العمل 5 ملايين شخص. / صورة: AFP (Philippe Lopez/AFP)
تابعنا

بعد أن توعدت الحكومة الفرنسية بإصلاح نظام التقاعد الذي يستهدف الطبقة العاملة، والذي لاقى رفضاً عارماً تَمثَّل في خروج العمال إلى الشارع يوم 19 يناير/كانون الثاني الجاري، جاء الدور على العاطلين عن العمل، الذين سيلحقهم كذلك إصلاح خاصّ، يأتي على كل مكتسباتهم من إعانات حكومية.

يأتي ذلك في وقت تتضاعف فيه أعداد الفرنسيين الذين فقدوا مناصب شغلهم جراء الركود الاقتصادي، وقبلها بسبب تَضرُّر الاقتصاد بالجائحة. كما يتوقع خبراء استمرار ارتفاع معدلات البطالة في البلاد إلى مستويات قياسية.

أكثر من 5 ملايين معطَّل

وفق تقديرات الوكالة الفرنسية للشغل (Pôle emploi)، بلغ عدد الباحثين عن العمل نحو 5.11 مليون شخص، مشيرة إلى انخفاض هذا العدد بنحو 9.4% على أساسه السنوي مقارنة بالعام الماضي.

من ناحية أخرى قالت مؤسسة الاستطلاع والإحصاء الفرنسية "Insee" إن نسبة البطالة في فرنسا، خلال عام 2022 بلغت عتبة 7.4%. ويمثل الشباب الفئة الأكثر معاناة من انعدام الشغل، إذ إن 18.9% من الأشخاص ما بين 15 و24 سنة ليس لديهم عمل، يليهم الأشخاص ما بين 25 و49 سنة بـ7.1%.

وكشفت صحيفة لوموند أن الانخفاض الذي أشارت إليه أرقام وكالة الشغل لا يعني بالضرورة انخفاض أعداد العاطلين عن العمل، بل رجعت الصحيفة الفرنسية ذلك إلى ارتفاع نسبة الشطب التلقائي بملفات الباحثين عن العمل من الوكالة، الذي بلغ 10.4%، لعدم استيفائهم الشروط أو لعدم ردهم على مراسلاتها.

في المقابل يرجّح خبراء الاقتصاد استمرار معدلات البطالة في فرنسا خلال العام الجاري بفعل الركود الاقتصادي الواسع الذي تشهده البلاد. ووفق توقعات البنك المركزي الفرنسي لعام 2023، فإن معدلات البطالة ستكمل مسارها التصاعدي لتفوق نسبة 8%.

في السياق ذاته، يتوقع البنك المركزي أن تتباطأ الزيادة في الناتج المحلي الإجمالي الفرنسي بشكل حادّ، من 2.6% في عام 2022 إلى 0.3% في عام 2023، وفقاً للسيناريو "الأكثر احتمالاً" للتوقعات الاقتصادية العامة للسنوات الثلاث المقبلة. وسيتبع هذا الانخفاض ارتداد إلى 1.2% في عام 2024، أي أقلّ من 1.8% التي جرى توقعها سابقاً.

"حرب" ماكرون على المعطلين؟

في 24 ديسمبر/كانون الأول الماضي، عرضت الحكومة الفرنسية على شركائها الاجتماعيين إصلاح صندوق "التأمين على فقدان الشغل"، الذي تعتزم من خلاله تقليل أيام التعويضات بنسبة كبيرة، وبالتالي حرمان المعطلين من هذه المساعدات الاجتماعية التي تعينهم على العيش حتى يعثروا على وظيفة.

وقد تصل عدد الأيام المعوَّض عليها حسب هذا النظام، في أقصاها، إلى 24 شهراً لمن هم دون 53 سنة، و30 شهراً لمن هم أكبر من ذلك. ووفقاً لمشروع الحكومة، ستُقلَّص عدد هذه الأيام 25%، عوض الـ40% التي كانت مقررة قبل أن تصطدم برفض النقابات.

بالإضافة إلى هذا، مرّرَت الحكومة الفرنسية مرسوماً يسمح لها بتغيير هذا النظام وقتما أرادت، في ارتباط مع صحة سوق الشغل ومؤشر نسبة البطالة واحتياطيات الصندوق المخصص لهذا الغرض.

ومن المرتقَب أن يصبح هذا الإصلاح قيد التنفيذ مطلع فبراير/شباط القادم، ويستمرّ العمل به إلى حدود 31 ديسمبر/كانون الأول القادم، وهي مدة قابلة للتمديد في انتظار أن تخرج الحكومة بنسخة دائمة للإصلاح، من خلال حوارها مع النقابات وأرباب العمل.

TRT عربي