لقاء الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، على هامش قمة المناخ Cop 27. / صورة: AFP (AFP)
تابعنا

على هامش قمة المناخ "Cop 27"، المقامة حالياً بشرم الشيخ المصرية، رصدت عدسات المصورين لحظات مصافحة وعناق حار، بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ونظيره الفنزويلي نيكولاس مادورو. في سابقة لزعيم غربي يحتفي بلقائه رئيس فنزويلا، بل ويُدعى إلى زيارة البلد الأمريكي اللاتيني.

وفي اللقاء الذي لم يدم سوى دقائق معدودة، أعرب ماكرون عن رغبته في عودة المحادثات بين المعارضة والنظام الفنزويلي، وعودة العلاقات بين كراكاس والقارة الأوروبية التي "في طور إعادة الترتيب"، حسبما قاله الرئيس الفرنسي، داعياً إياه إلى لعب دور في الحرب الروسية-الأوكرانية الجارية.

فيما تأتي هذه الحادثة في ظرفية تعيش فيها أوروبا أزمة طاقة حادة، تهدد الاقتصاديات الأوروبية بركود مرير، كما الشعوب بأوضاع اجتماعية عسيرة جراء الارتفاع القياسي لمستويات التضخم. ما يطرح أسئلة حول ما إذا كان لفرنسا الإرادة لتذويب الخلافات مع فنزويلا، وحول علاقة هذا التوجه بالظرفية الحالية التي تعيشها أوروبا.

هل تحاول فرنسا التقرب من فنزويلا؟

حسبما أورد بيان لقصر الإليزيه، عقب لقاء ماكرون بمادورو، فإن فرنسا تحاول إعادة إطلاق المفاوضات بين حكومة الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو والمعارضة، المتوقفة منذ أكتوبر/تشرين الأول2021. إذ يأتي هذا اللقاء قبل أيام قليلة من انعقاد "منتدى باريس للسلام" في دورته الخامسة، يومي الجمعة والسبت، والذي يطمح إلى استضافته محادثات بين "المفاوضين الفنزويليين"، وفق ما أوردت اللجنة التنظيمية.

وبخصوص الموقف من فنزويلا، أكدت الرئاسة الفرنسية، أن موقف البلاد لم يتغير. لكنها لفتت إلى أن السياق تطور مع تغير الوضع السياسي في أمريكا اللاتينية، وإظهار الولايات المتحدة مرونة تجاه كراكاس التي قد تتمكن من استئناف صادرات النفط في حين ترتفع أسعار الطاقة بسبب الحرب في أوكرانيا.

ونقلاً عن وكالة "فرانس بريس"، فإن مادورو أخبر ماكرون، بأنه سيرسل رئيس الجمعية الوطنية خورخي رودريغيز إلى منتدى باريس، بوصفه قائد الوفد الرسمي في مفاوضات المكسيك عام 2021.

وأردفت الرئاسة الفرنسية بأن "الدينامية" و"وفرة الإمكانات" التي ستفصح عنها مواقف الظرفية بالرجوع إلى طاولة الحوار، ستشكل قاعدة لأي تعديل محتمل في الموقف تجاه نظام مادورو. وشدّدت على أن باريس لطالما سعت لمواصلة الحوار مع كل الأطراف، مشيرة إلى إبقاء السفارة الفرنسية في كراكاس مفتوحة وفرض فرنسا "عقوبات فردية خلافاً لإدارة ترمب".

أي دور لأزمة الطاقة؟

تعيش أوروبا أزمة طاقة عسيرة، تعد اقتصاداتها بركود قاسي، كما تهدد استقرارها السياسي مستويات التضخم القياسية التي تستمر في التصاعد، وارتفاع نسب البطالة جراء تضرر الاقتصاد. والحل الوحيد أمام دول الاتحاد، هو إيجاد بديل مناسب لواردات الطاقة الروسية، التي انقطعت عقب اندلاع الحرب.

من جهة أخرى، تعد فنزيلا أحدى أغنى الدول، على مستوى أمريكا الجنوبية والعالم، فيما يخص احتياطيات الطاقة الأحفورية. إذ تتمتع البلاد بأكبر احتياطي مؤكد للنفط في العالم، يقدر بنحو 303.65 مليار برميل، وهو ما يمثل 24.77% من إجمالي احتياطيات منظمة "أوبيك" البالغة 1.241 تريليون برميل.

بالمقابل، يشهد قطاع إنتاج النفط الفنزويلي تدهوراً كبيراً، جراء العقوبات الأمريكية والدولية عليها، وآخرها تلك التي طبقها الرئيس دونالد ترمب عام 2019. وفيما كان إنتاج البلاد يتجاوز 3 ملايين برميل يومياً في 2002، شهد انخفاضاً مستمراً ليصل إلى نحو 2.3 مليون برميل يومياً نهاية عام 2015. وتواصل هذا الانحدار ليبلغ أدنى مستوياته سنة 2020، بفعل أزمة كوفيد، ليصل إلى أقلّ من 400 ألف برميل يومياً في ذلك العام.

وتبرز فنزويلا أحد البدائل الأوروبية عن النفط الروسي، وأداة لتخفيض أسعار تلك المادة في السوق الدولية. خصوصاً بعد أن أظهرت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن مرونة بخصوص عودة صادرات كاراكاس النفطية.

وفقاً لتقرير سابق لصحيفة "وول ستريت جورنال"، مطلع أكتوبر الماضي، تستعد إدارة بايدن لرفع العقوبات عن صادرات النفط الفنزويلي، مقابل عودة نظام مادورو إلى طاولة المفاوضات مع المعارضة. وفي خضم هذه التطورات يأتي التحرك الفرنسي الأخير، ورغبة باريس في عودة الطرفين إلى المفاوضات.

TRT عربي