تابعنا
يواجه أيتام غزة مصيراً صعباً ما بين معاناة فقدان ذويهم، والظروف القاسية للعيش في ظل الحرب على القطاع. ومنذ بداية الحرب الإسرائيلية على غزة فقدَ آلاف الأطفال إما الأب وإما الأم وإما كليهما جرّاء عمليات القصف الإسرائيلية

فقدت الطفلة منى محمد علوان من قطاع غزة والديها في قصف إسرائيلي طالهم خلال الحرب الإسرائيلية المتواصلة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، إلى جانب فقدانها مجموعة من أفراد عائلتها، ما حوّلها إلى طفلة يتيمة تفتقد الرعاية والاهتمام من والديها.

وبين لحظة وأخرى تحوّلت حياة الطفلة منى، إذ فقدت عائلتها بالكامل وبقي مصيرها مجهولاً من دون تَعرُّف أيٍّ من أفراد عائلتها وأقاربها عليها، وكانت في بداية الأمر مجهولة الهوية في المستشفى الإندونيسي شمالي القطاع قبل نقلها إلى مستشفى ناصر في خان يونس جنوب القطاع.

ومنذ بداية الحرب الإسرائيلية على غزة فقدَ آلاف الأطفال إما الأب وإما الأم وإما كليهما جرّاء عمليات القصف الإسرائيلية الواسعة على القطاع، سواء القصف المدفعي أو الجوي، فيما تعرَّض عدد كبير منهم لصدمات نفسية جرّاء الأوضاع الإنسانية غير المسبوقة التي عايشوها.

وحسب تقرير المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان فإن "مستقبل مئات الآلاف من الأطفال لا يزال مجهولاً، إذ تعرضت 217 مدرسة في قطاع غزة لأضرار أو دُمّرت خلال الهجمات الإسرائيلية، ما أثّر بشكل كبير في العملية التعليمية في القطاع".

وأضاف المرصد أن "الأطفال تحت سِنّ 18 عاماً، الذين يشكّلون 47% من سكان قطاع غزة، يعانون منذ فترة طويلة من مشكلات تتعلق بالصحة النفسية، وقبل أعمال العنف الحالية كان أربعة من بين كل خمسة أطفال يذكرون أنهم يعانون من الاكتئاب أو الحزن أو الخوف".

بين فقدان الأهل.. والمصير المجهول

تقول السيدة الفلسطينية هناء الحمامي زوجة خال الطفلة منى علوان إن حجم المعاناة التي عايشتها الطفلة منذ إصابتها التي انتقلت منها من المشفى الإندونيسي إلى مشفى ناصر جنوب القطاع كانت صعبة وقاسية مقارنة مع سنها الصغيرة.

وتضيف السيدة الحمامي لـTRT عربي أن الطفلة انتقلت بإصابتها بعد أن كانت مجهولة الهوية لأيام، إذ جرى التعرف عليها من خلال شبكات الإنترنت، وتمكنت من الوصول هي وزوجها إلى الطفلة التي فقدت جميع أفراد عائلتها في قصف إسرائيلي طال منزلها.

وتعرضت الطفلة للإصابة في عينيها والفك وخضعت لسلسلة من العمليات تحسنت فيها حالتها الصحية بعد أن كانت في العناية المركزة لفترة من الزمن جرّاء صعوبة الإصابة التي تعرضت لها خلال القصف الإسرائيلي، وهو ما يتطلب نقلها للعلاج.

وتلفت السيدة الحمامي إلى أن العائلة تأمل أن تتمكن منى من اللقاء بأخواتها الموجودات في مدينة غزة، وأن تحصل على تحويلة للعلاج في الخارج من أجل الحفاظ على عينيها، وأن تُجرى جراحة لها في الفك كي تتمكن من الأكل والشرب بشكلٍ طبيعي.

ووفق السيدة الفلسطينية فإنّ الكلمة الوحيدة التي ترددها الطفلة هي "بدّي ماما (أريد ماما)"، في إشارة إلى بحثها عن والدتها في الوقت الذي لا تزال تجهل فيه مصير عائلتها بسبب حالتها الصحية ونظراً إلى إخفاء العائلة عنها ما حل بوالديها جرّاء القصف الإسرائيلي على منزلها.

ويعتني خال الطفلة منى بها وبحالتها الصحية في ظل وجود بعض من إخوة الطفلة في مدينة غزة المحاصرة جراء العملية العسكرية، فيما يبدو مستقبلها مجهولاً جراء استمرار العدوان الإسرائيلي المتواصل على القطاع واستمرار حالة الحرب منذ أسابيع.

وأعلنت وزيرة الأسرة والخدمات الاجتماعية التركية ماهينور أوزدمير غوكطاش أن بلادها تبذل جهوداً دبلوماسية لإحضار الأطفال المرضى والمصابين والأيتام من قطاع غزة، إذ يجري إعداد خطة لنقل الأطفال المصابين والمرضى والأيتام من القطاع، وذلك برعاية سيدة تركيا الأولى أمينة أردوغان، وبتنسيق مع وزارة الخارجية.

مصير مشابه.. فقدان أحد الأبوين

أمّا الفلسطينية آيات حمودة ففقدت طفلها الأكبر البالغ من العمر 6 سنوات وطفلتها البالغة من العمر سنتين، فيما ظل طفلها الرضيع البالغ من العمر عدة أسابيع في قصف إسرائيلي طال منزلهم في خان يونس جنوبي قطاع غزة، ما تسبب في مجزرة عائلية.

وتحملت حمودة مسؤولية رعاية طفلها الرضيع بعد أن فقدت زوجها في ذات القصف الذي استهدف منزلهم الذي يعود إلى عائلة أبو شمالة جراء قصف جوي إسرائيلي عنيف تعرَّض له المنزل، ما تسبب في تطاير كل من في المنزل بين شهيد وجريح بجراح متفاوتة.

وتقول حمودة لـTRT عربي إن المهمة ستكون صعبة عليها بعد أن فقدت زوجها وأطفالها ومنزلها، ما سيضعها أمام موقف صعب بعد أن تنتهي الحرب الإسرائيلية على غزة التي من غير المعروف إنْ كانت ستتوقف قريباً أم ستستمر لفترات أطول.

وتأمل السيدة أن يجري توفير رعاية خاصة للأطفال الأيتام الذين تعرضوا للقصف أو فقدان عائلاتهم أو جزء منهم، في ضوء الواقع المعيشي السيئ جراء الغارات الإسرائيلية على غزة أو الحصار الإسرائيلي المفروض للعام السابع عشر على التوالي وآثاره المترتبة على النساء والأطفال.

فقدان الأبوين وتشتت الإخوة

أمّا الطفلة ميرفت المجدلاوي فتعيش ظروفاً صعبة ومأساوية، إذ فقدت والديها في قصف إسرائيلي استهدف منزلها وتسبب في إصابات في الوجه والأطراف، إلى جانب استشهاد شقيقها الأكبر، فيما تفرَّق أخواها ليكون كل واحد منهما لدى واحد من أعمامها.

وتقول المجدلاوي لـTRT عربي -إذ توجد في المستشفى الأوروبي جنوبي القطاع- إنها فقدت أبويها جراء القصف الإسرائيلي المفاجئ الذي تعرَّض له منزلها قبل أسابيع، فيما انتقلت حالياً للعيش مع أحد أعمامها في مركز الإيواء داخل المستشفى.

وتشير إلى أنها تأمل أن تلتقي من جديد مع أخويها وأن تعيش معهما كما في السابق في مكان واحد، فيما تسيطر حالة من الصدمة والرغبة في اللقاء مع أبويها اللذين فقدتهما، إلى جانب الرغبة في أن تتوقف الحرب في أسرع وقت ممكن وأن يعيش الأطفال بسلام.

وحسب تقرير صدر عن برنامج "النظام الوطني لحماية الطفل والرعاية البديلة للطفل-SOS" في عام 2017، فلا يوجد سوى 4 دُور للأيتام في غزة، تضررت أهمها جراء قصف إسرائيلي في عام 2021، فيما تبلغ الطاقة الاستيعابية لدور رعاية الأيتام في غزة 2800 طفل.

واقع مأساوي.. تقديرات أولية

بدوره يقدر رئيس المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان رامي عبده أن تقديراتهم وثقت وجود قرابة 20 ألف طفل يتيم، فقدوا إما الأبوين وإما أحدهما بفعل الحرب الإسرائيلية المتواصلة على القطاع منذ بداية الحرب.

ويقول عبده لـTRT عربي إن "المأساة الإنسانية ستكون صعبة، إذ إنّ 60% من هؤلاء الذين فقدوا آباءهم فقدوا منازلهم، وهو ما يجعل مصير إقامتهم مجهولاً، لا سيما أن مصير العائلة الممتدة في هذه الحرب مجهول جراء القصف الإسرائيلي الواسع الذي استهدف العائلات الفلسطينية".

TRT عربي
الأكثر تداولاً