الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يسعى لفرض النموذج لاقتصادي والسياسي الفرنسي على الاتحاد الأوروبي (Others)
تابعنا

منذ أولى خطاباته، رئيساً فرنسياً، أوضح ماكرون تصوره للسياسات الأوروبية، وضغطه لتصبح نسخة طبق الأصل عن السياسات الفرنسية. هذا ما ينطلق منه تقرير أخير لمجلة "فورين بوليسي" الأمريكية، في رصد ما سماه محاولات باريس عبر عقلية "المركزية الفرنسية" لتفكيك الاتحاد الأوروبي.

ويستدل التقرير على ذلك بالسياسات الدبلوماسية والاقتصادية الفرنسية في علاقتها بروسيا أو في دعواتها إلى تطبيق حمائية على الواردات من الولايات المتحدة الأمريكية. خالصاً إلى أن هذه السياسات تسهم في عزلة الاتحاد الأوروبي، واتساع الصدع القائم داخله.

صانع مشكلات أوروبا!

وصف موقع "بوليتيكو" الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، بـ"صانع مشكلات أوروبا"، وذلك ارتباطاً بتصريحات الرئيس لصحيفة "Les Echos"، في شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي، والتي دعا فيها إلى سياسات صارمة لإعادة التفضيل للمنتجات الأوروبية في أسواق الاتحاد، رداً على ما وصفه بالسياسة الحمائية للولايات المتحدة.

وقال ماكرون وقتها: "الأمريكيون يشترون ويتبعون استراتيجية صارمة للغاية لمساعدة الدولة. الصينيون يغلقون أسواقهم. لا يمكننا أن نكون المنطقة الوحيدة، الأكثر احتراماً من حيث المناخ، التي تمنح الأفضلية لمنتجها الداخلي". وأضاف: "أنا أدافع بقوة عن تفضيل المنتج الأوروبي في هذا المجال (السيارات الكهربائية) ودعم قوي لصناعة السيارات. يجب أن نقف إلى جانب هذا ويجب أن يحدث في أقرب وقت".

وأشار الموقع الأمريكي وقتها إلى أن مثل هذه التصريحات قد تقود العلاقات بين الاتحاد والولايات المتحدة نحو التوتر، في الوقت الذي يجب على بروكسل وواشنطن "أن تكونا أكثر اتحاداً من ذي قبل".

وفسر "بوليتيكو"، حديث ماكرون بأنه انعكاس لقلق الاتحاد الأوروبي بشأن قانون خفض التضخم الأمريكي، في حين لا تغامر بروكسل بالتصعيد مع واشنطن، بل تطمح في إيجاد حل وسط دبلوماسي لشركات صناعة السيارات الأوروبية ومورديها، بعيداً عن اندلاع أي حرب تجارية جديدة، "هي آخر شيء يريد الطرفان إهدار أموالهما ووقتهما فيه"، حسبما صرح به مسؤولون أوروبيون للموقع الأمريكي. وبالتالي فإن ماكرون يلعب دور حشد القوى الأوروبية نحو تلك المغامرة.

ليس دفاعاً عن أوروبا بل عن فرنسا وحدها!

تؤكد مجلة "فورين بوليسي"، أن الدور التحريضي الذي يلعبه ماكرون من أجل حشد موقف أوروبي إزاء الصادرات الأمريكية، ليس نابعاً من غيرة باريس على مصالح التكتل الأوروبي، بل محاولة منها لإثبات مركزيتها داخل الاتحاد، وذلك عبر تحويله إلى نسخة طبق الأصل من نمط إدارة السياسات الدبلوماسية والاقتصادية الفرنسية.

وتستدل المجلة الأمريكية في ذلك بدفاع ماكرون عن علاقاته بروسيا، حتى آخر اللحظات التي سبقت اندلاع الحرب. قائلة: "أدى ذلك إلى تقويض الثقة بفرنسا بشكل قاتل في جميع أنحاء الكتلة".

ويضيف ذات المصدر، أن ماكرون سعى من خلال حليفه في المفوضية الأوروبية، مفوض السوق الداخلية الأوروبي تييري بريتون، إلى تطبيق سياسات اقتصادية حمائية، وتصميمها بشكل يستفيد منها بشكل رئيسي الفاعلون الصناعيون الفرنسيون. في إشارة إلى "الخطة الصناعية الأوروبية لتحقيق الأهداف المناخية المستقبلية"، والتي "سرعان ما أطلقت صراعاً سياسياً واقتصادياً أوسع بين سياسة التدخل الفرنسية وتركيز بروكسل التقليدي على ليبرالية السوق".

وأورد المقال أن ترويج المفوض الأوروبي بريتون لمفهوم صندوق السيادة الأوروبي من أجل "دعم الميزانية المباشر والسريع والمرن للمشاريع المحددة جيداً التي تهم سيادة الاتحاد الأوروبي عبر أي قطاع من قطاعات طيفنا الصناعي"، لن يكون إلا تفويضاً انتقائياً تُغذيه الديون للتدخل على مستوى الاتحاد الأوروبي عبر القاعدة الصناعية الأوروبية بأكملها".

وتخلص المجلة إلى أنه، بالنسبة إلى ماكرون فضمان جلوس فرنسا على نفس الطاولة مثل القوى العظمى التقليدية الأخرى، ولو كان ذلك يعني عقد صفقات مع روسيا، سيكون دائماً أكثر أهمية من الاعتراف بالتراجع النسبي لفرنسا خلال القرن الماضي. وهو ما يعمق الانفصال بين فرنسا وباقي دول الاتحاد الأوروبي.

TRT عربي
الأكثر تداولاً