المجتمع الهندي أخطر أماكن العيش للمسلمين. (Reuters)
تابعنا

يبدو أن العلمانية السياسية، والهندية منها تحديداً التي تعتبر أكبر نظام ديمقراطي علماني في العالم، فشلت في تنفيذ مهامها الأساسية المتمثلة بإيجاد الحلول للمشاكل والصراعات الدينية والإثنية في هكذا مجتمعات، فضلاً عن فشلها في قطع الطريق على الأحزاب الهندوسية المتطرفة من استخدام التحريض الديني ضد المسلمين مع اقتراب الانتخابات.

ومع تصاعد حدة التوتر حول قانون حظر الحجاب الذي طبقته ولاية كارناتاكا جنوبي البلاد، تنذر التصريحات التي بدأت في إطلاقها شخصيات بارزة من حزب بهاراتيا جاناتا القومي الهندوسي الذي ينتمي إليه رئيس الوزراء ناريندرا مودي، بمواجهة دينية وشيكة في مدينة ماثورا القريبة من العاصمة نيودلهي، من شأنها أن تجعل حياة مسلمي الهند أسوأ من أي وقت مضى.

ولا يقتصر التحريض الديني ضد مسلمي الهند على الحجاب فحسب، بل يُنتظر أن يمتد ليصل إلى حد التهديد بهدم مساجد المسلمين ومنعهم من أداء صلاة الجمعة أيضاً وسط تصاعد الشحن القومي والطائفي في صلب انتخابات مهمة في الهند فاقمت مخاوف المسلمين.

قانون حظر الحجاب

بدأت القضية في يناير/كانون الثاني الماضي، عندما نظمت 6 طالبات مسلمات احتجاجاً لمدة أسابيع بعد أن طُلب منهن إما خلع حجابهن أو التوقف عن حضور الفصل في كلية حكومية في منطقة أدوبي.

وفي أعقاب قرار حظر الحجاب الذي طبقته عدة مدارس في ولاية كارناتاكا جنوبي البلاد الأسبوع الماضي، والذي منع دخول الفتيات المحجبات بناءً على أمر من وزارة التعليم الهندية، تظاهر مئات الطلاب في مدينة كلكتا الواقعة شرقي الهند الأربعاء، مع تصاعد حدة الخلاف حول ارتداء الحجاب في المدارس.

ووسط المظاهرات التي جادل فيها الطلاب المسلمون بأن حقوقهم الدينية قد انتهكت رغم ضمانها بالدستور الهندي، أغلقت ولاية كارناتاكا الهندية مدارسها لمدة ثلاثة أيام بعد أن دعمت الحكومة الإقليمية المدارس لفرض حظر على الحجاب، مما أدى إلى احتجاجات وأعمال عنف واسعة النطاق.

وبينما تواصل المحكمة العليا بالولاية النظر في الالتماس المقدم نيابة عن الطالبات المسلمات، انتشرت مقاطع مصورة تظهر سيدة مسلمة تتعرض للمضايقة من قبل مجموعة من الشبان الذين يهتفون بشعارات دينية في أثناء محاولتها دخول مدرستها في كارناتاكا، وكذلك مناقشات حامية بين طالبات يرتدين الحجاب وطلبة يرتدون الشال البرتقالي، وهو اللون الذي يعتبر رمزاً هندوسياً.

هل يمتد العنف إلى المساجد الأخرى؟

يدير ولاية كارناتاكا حزب بهاراتيا جاناتا القومي الهندوسي، والذي شهدت فترة حكمه للهند مداً متصاعداً من العنف ضد المسلمين ومقدساتهم في جميع أنحاء الهند، حيث يشكل المسلمون نحو 12% من تعداد السكان البالغ عددهم أكثر من 1.38 مليار نسمة، وفقاً لإحصائيات عام 2020.

ومن المتوقع أن تهيمن مسألة بناء معبد للإله رام في أيوديا مكان مسجد بابري الأثري، الذي هدمه قبل ثلاثة عقود متطرفون ما أثار أعمال شغب طائفية أدت إلى مقتل آلاف الأشخاص، صلب انتخابات ماراثونية مهمة تبدأ الخميس وتستمر لعدة أسابيع.

وبينما تستمر أعمال تشييد معبد الإله الأكثر عبادة بين الآلهة الهندوس في الموقع السابق للمسجد، يخشى المسلمون من أن تؤدي الانتخابات المحلية المرتقبة إلى تكرار مثل تلك المحاولات في أماكن أخرى، من الحزب القومي المتطرف الذي يعتبر نفسه حارساً الديانة الغالبية في الهند.

ويُذكر أن حزب بهاراتيا جاناتا الهندوسي يلعب دوراً محورياً في الحملة الهوجاء التي تمارس ضد المسجد الذي بنته سلالة المغول المسلمة التي حكمت معظم شبه القارة الهندية قبل قرون.

الهند أخطر مكان لعيش المسلمين

أوضح التقرير الذي نشرته شبكة حقوق الإنسان في جنوب آسيا نهاية عام 2020، أن سياسات الأغلبية القومية الهندوسية التي ينتهجها حزب الشعب الهندي بهاراتيا جاناتا، بقيادة ناريندرا مودي الذي يشغل منصب رئيس الوزراء في الهند منذ عام 2014، زادت الضغوط على المسلمين في البلاد التي تحولت في السنوات الأخيرة إلى مكان خطير على الأقلية المسلمة هناك.

وجاء في التقرير السنوي الذي تناول وضع الأقليات في جنوب آسيا، أن السجل الوطني للمواطنين (أن آر سي) الذي أعدته الحكومة الفيدرالية عام 2019، عرّض ملايين المسلمين لخطر تجريدهم من جنسيتهم ليصبحوا بلا جنسية. وأضاف التقرير أيضاً أن "قانون المواطنة الذي سُنَّ مؤخراً، مهد الطريق لحصول المهاجرين غير الشرعيين من أفغانستان وباكستان وبنغلاديش على الجنسية، ما أدى إلى استبعاد المسلمين، بشكل عنصري".

فيما يقول سياسيون معارضون داخل البرلمان وحقوقيون من الذين يتعرضون للخطر والتهديد باستمرار، إن "مشروع القانون يُعد تمييزاً ضد المسلمين، وينتهك الدستور العلماني الهندي". واعتبروا قانون الجنسية هذا خطة من الحكومة القومية التي تهدف إلى جعل 200 مليون مسلم مواطنين من الدرجة الثانية في الهند، في أثناء هدم مفهوم الحضارة القائم على التنوع.

TRT عربي