تابعنا
ويأتي قدوم ميسي، الذي نجح بإزاحة العبء الأكبر الملقى على عاتقه عقب تتويجه مع راقصي التانغو بمونديال قطر 2022، وفق اتفاقية مع وزارة السياحة السعودية تقضي بأن يكون سفيراً ووجهاً دعائياً للمملكة.

حل النجم الأرجنتيني ليونيل ميسي ضيفاً على المملكة العربية السعودية في زيارة ترويجية لمعالم البلد الخليجي، إذ تتزامن مع تزايد حديث وسائل الإعلام السعودية والعالمية حول احتمالية قدوم "البرغوث" إلى الدوري السعودي لكرة القدم.

ويأتي قدوم ميسي، الذي نجح بإزاحة العبء الأكبر الملقى على عاتقه عقب تتويجه مع راقصي التانغو بمونديال قطر 2022، وفق اتفاقية مع وزارة السياحة السعودية تقضي بأن يكون سفيراً ووجهاً دعائياً للمملكة.

وفي 9 مايو/أيار 2022 أعلن وزير السياحة السعودي أحمد الخطيب تعيين ميسي سفيراً للسياحة السعودية، وكشف عن قضاء الأخير إجازة استكشف من خلالها "كنوز البحر الأحمر، وموسم جدة وتاريخها العريق"، مؤكداً أن زيارته لن تكون الأخيرة.

وبعد عام عاد "السفير" ميسي إلى السعودية في ثاني جولاته السياحية، إذ ظهر مع زوجته وأولاده وهو يداعب ظبياً في إحدى المزارع السياحية، ويلعب "الكيرم" -وهي لعبة عربية شهيرة- مع أحد أبنائه.

وأجرى الدولي الأرجنتيني جولة في منطقة الدرعية شمال غربي العاصمة الرياض، والتقط صوراً تذكارية مع جماهيره ومحبيه، في حين غرد الخطيب قائلاً: "أهلاً ميسي في أرض العراقة وأصل التاريخ، الدرعية، في جولة سياحية ممتعة تضمنها تجارب متنوعة مع زوجته أنتونيلا وأبنائه ماتيو وسيرو، حيث التقى مع الشعب السعودي الكريم المضياف في حي الطريف".

ميسي والسعودية

العلاقة بين السعودية والنجم الأرجنتيني لم تكن وليدة اللحظة، بل تعود إلى سنوات ماضية، إذ التقى الأخير مع رئيس هيئة الترفيه بالمملكة تركي آل الشيخ أواخر 2019 في الرياض على هامش مباراة ودية تجمع منتخبي الأرجنتين والبرازيل.

وقال آل الشيخ حينها لميسي إنه فخور بمقابلته في السعودية، مشيراً إلى أن "المملكة اختلفت قبل 5 سنوات والآن، نحن نبني الآن سعودية جديدة، نحن الآن نسير من الخلف لنصبح في المقدمة".

"السعودية الجديدة" هي ما يريدها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان الذي طرح رؤية 2030، في أبريل/نيسان 2016، التي ترتكز على تنويع الاقتصاد بعيداً عن النفط عبر زيادة المداخيل من القطاعات غير النفطية كالترفيه والسياحة والرياضة والصناعة وغيرها.

وفي هذا السياق أبرم نادي النصر السعودي نهاية 2022 صفقة مدوية جلب بموجبها النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو إلى صفوفه حتى صيف 2025، وهو تعاقد يتجاوز تأثيره حدود المستطيل الأخضر.

ومنذ تلك اللحظة بدأ حديث الصحافة السعودية والعالمية حول إمكانية الجمع بين رونالدو وغريمه ميسي في دوري واحد مجدداً بعدما كانا معاً في الدوري الإسباني لنحو 10 أعوام، عرف بوجودهما إثارة وتشويقاً غير مسبوق.

هذا الخيار تزايد أكثر بعدما أبدى وزير الرياضة السعودي الأمير عبد العزيز بن تركي الفيصل استعداداً لدعم الأندية التي ترغب في ضم ميسي، وقال إنه لا يستطيع تسمية اللاعبين، "لأن الأندية هي مَن تحدد، ولكن توجد آلية ومعيار وميزانية لهذا الموضوع".

وكان الوزير السعودي قد أبدى في مقابلة مع شبكة سكاي سبورتس أواخر العام المنقضي رغبته في رؤية رونالدو وميسي في الدوري السعودي، معتبراً أنهما نموذج مثالي ومثل أعلى للاعبين الشباب، وأن قدومهما "يعزز سمعة البطولة المحلية".

لم يتوقف الأمر عند رغبة السعودية في جلب ميسي، بل رافقها تحرك جدي كشفت عنه صحيفة ماركا الإسبانية، مطلع أبريل/نيسان الماضي، وقالت إن الهلال السعودي قدم عرضاً رسمياً لضم "البرغوث" مقابل مبلغ خرافي قيمته 400 مليون يورو سنوياً، خالياً من أي ضرائب.

وبينت أنه في حال قَبِل النجم الأرجنتيني العرض السعودي فإنه "سيحصل على ضِعف ما يتقاضاه غريمه الأزلي كريستيانو رونالدو مع النصر، الذي تبلغ قيمته 200 مليون يورو سنوياً".

الصحيفة الإسبانية لفتت إلى أن وجهة ميسي، الذي ينتهي عقده مع باريس سان جيرمان الفرنسي في 30 يونيو/حزيران المقبل، لن تخرج عن ثلاثة مسارات، وهي البقاء مع فريقه الباريسي، أو العودة إلى ناديه الأم برشلونة الإسباني، أو الالتحاق بصفوف الهلال السعودي.

مسألة وقت!

يقول نجم الكرة السعودية الأسبق صالح الداوود إن السعودية لديها مشاريع سياحية ضخمة وأهداف تطمح إلى تحقيقها ضمن رؤية 2030 في السياحة والرياضة والترفيه، مبيناً أنه يجب أن يواكب هذه المشاريع ترويج ودعاية وإيصال رسائل إلى العالم.

ويوضح الداوود في حديثه مع TRT عربي أنه لكل هذا جرى جلب أفضل لاعبَين في العالم في السنوات الـ15 الأخيرة "لما يمتلكانه من شعبية جارفة تصبّ في الترويج والدعاية للسياحة السعودية".

ويعتقد المحلل الرياضي البارز أن قدوم ميسي إلى الدوري السعودي "مسألة وقت"، مرجحاً انضمامه في نهاية المطاف إلى صفوف الهلال، لافتاً إلى أن ديربي الرياض بين قطبي العاصمة سيحظى وقتها بمشاهدة عالمية في ظل المنافسة الكبيرة بين الفريقين ووجود "الدون" و"البرغوث" في صفوفهما.

ويلفت إلى أن وجود هذين النجمين بالمناطق السياحية في السعودية ساهم بشكل كبير في تغيير صورة مغلوطة عن البلدان العربية بأنها تفتقر إلى البنية التحتية ولا تمتلك القدرات اللازمة لتحقيق تطور في مختلف المجالات، مستدلاً بالقفزات والمكاسب التي حققتها المملكة في السنوات الأخيرة.

صعبة ولكن!

بدوره يقول الصحفي المختص بالشأن الرياضي السعودي بشير سنان إنّ زيادة الجدل حول زيارة ميسي للسعودية طبيعي لسببين، أولهما العلاقة المتوترة بين ميسي وناديه الباريسي، التي تبدو في طريقها إلى النهاية، ومن ثم التسريبات المتتالية القادمة من الرياض حول العروض المقدمة لـ"البرغوث".

ويعتقد سنان في حديثه مع TRT عربي أن فرضية قدوم ميسي لاعباً حالياً إلى السعودية تبدو صعبة، راجعاً ذلك إلى رغبة اللاعب في البقاء بأوروبا والعودة إلى برشلونة، لكنه استدرك بالقول إن "كل الفرضيات تسقط إذا استحضرنا وصول غريمه رونالدو إلى النصر في صفقة لم يصدقها أحد حتى الآن".

ويبين أن تغريدات وزير السياحة السعودي حول ميسي ونشاطاته السياحية بالمملكة "تدعم رغبة وتوجه الدولة في قدوم اللاعب، خصوصاً مع الدعم الكبير الذي تحظى به الرياضة السعودية من أعلى الهرم".

ويرى أن وجود ميسي سفيراً سياحياً للمملكة يعتبر "فرصة مثالية للاعب للاطلاع على عادات ومقومات البلد عن قرب"، مشيراً إلى أنه مع الرغبة السعودية في استضافة محتملة لكأس العالم فإن وصول ليو يزداد أهمية لدعم ملف الترشح ولو بعد موسم انتقالي في ناديه الأم برشلونة".

ويستبعد سنان، الذي شغل سابقاً منصب سكرتير رئيس الاتحاد السعودي لكرة القدم، وجود عقبات مالية أو غيرها أمام وصول ميسي إلى السعودية، باستثناء رغبة الأخير وإدارة برشلونة في لمّ الشمل مجدداً و"إعادة رسم سيناريو المغادرة السيئ للبرغوث قبل عامين بما يليق بمسيرة النجم الأرجنتيني الذهبية في كتالونيا".

وخلص في ختام تعليقه إلى أن عودة ميسي إلى برشلونة "قد تكون محطة ترانزيت قبل الوصول إلى المملكة"، لكنه فتح الباب أمام انتقال النجم الأرجنتيني إلى الرياض مباشرة كما حدث مع رونالدو بسبب "النهضة الكبيرة للرياضة السعودية، والتغير الواضح في خريطة البلاد على مختلف المستويات".

سيناريوهات عدة

من جانبه يوضح صانع المحتوى الرياضي محمد جوهر أن ميسي يمكنه التجديد مع ناديه الباريسي أو الانتقال إلى أي وجهة أخرى يفضلها، مشيراً إلى الأزمة الراهنة بين البرغوث وPSG.

وحسب حديث جوهر مع TRT عربي فإن التقارير حول عدم رغبة ميسي في تجديد عقده مع الباريسيين "تبدو منطقية بعد الاستقبال المحبط من الفرنسيين عقب عودته مُتوّجاً بكأس العالم وإقصاء فرنسا ونجمها كيليان مبابي في نهائي المونديال".

ويلفت إلى أن هذه التطورات "تفتح الباب أمام اللاعب والأندية الراغبة في ضمه إلى صفوفه"، مبيناً أن عودة ميسي إلى بيته برشلونة واللعب تحت قيادة تشافي مطروحة "ولكن الوضع الاقتصادي للبلوغرانا يجعل إمكانية تحقيق هذا الخيار معقداً".

وتطرَّق إلى الخيار الآخر وهو انتقال ميسي إلى الدوري السعودي للمحترفين من بوابة الهلال، وقال إنه "الأكثر تداولاً وإقناعاً لكثيرين، وقد يكون مرجحاً لاحقاً"، لكون ميسي يميل حالياً إلى البقاء في أوروبا والمنافسة على الألقاب والاستمرار في تحقيق وكسر الأرقام.

وطرح كذلك خيار انتقال ميسي إلى الدوري الأمريكي من بوابة إنتر ميامي المملوك للنجم الإنجليزي السابق ديفيد بيكهام، لكنه يبدو -وفق قوله- خياراً مستبعداً رغم الراتب العالي والعوائد المالية المتوقعة والمشاهدات والحضور الجماهيري.

TRT عربي