رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو 
تابعنا

تراشق بالكلمات من جديد ما بين الحكومة الإسرائيلية والجانب التركي بعد تغريدات رئيس الوزراء الإسرائيلي مؤخراً على حسابه الرسمي على منصة تويتر يصف فيها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بالديكتاتور، وأنه من الأفضل له ألا يتدخل في القدس، عاصمة اليهود منذ 3000 سنة على حد قوله، كما سخر من حديث الرئيس التركي عن الديمقراطية وأخبره أنه يجب عليه أن يتعلم الديمقراطية من الإسرائيليين، لأنهم يحترمون الأديان ويقدسون حقوق الإنسان.

تزامنت تغريدات بنيامين نتنياهو مع واقعتين تتعارضان كلياً بما يتحدث عنه من احترام الإسرائيليين للأديان و احترامهم لحقوق الإنسان، أولهما تصريح الأخير قبل يومين بأن إسرائيل هي دولة لليهود فقط رداً منه على تصريحات المذيعة الإسرائيلية روتم سيلاع التي انتقدت فيها حكومة بلادها بعدم المساواة والافتقار إلى احترام حقوق العرب.

أما الواقعة الثانية فهي تتمثل في الصراع الديني الذي تشهده مدينة القدس منذ شهر فبراير/شباط الماضي على حد قول وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي غلعاد أردان، وذلك بسبب إصرار الاحتلال على إغلاق مصلى باب الرحمة، بعدما تمكن المقدسيون من فتحه بعد إغلاق دام 16 عاماً، وإخلائهم المنطقة من المصلين وتدنيسهم المصلى والمسجد بعد اقتحامهم إياه بأحذيتهم.

لا يزال بنيامين نتنياهو مروجاً لبلاده على أنها "الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط"، وتحديداً قبيل الانتخابات الإسرائيلية المبكرة في التاسع من نيسان/أبريل المقبل، مستخدماً ذلك في انتقاده أمس رئيس الجمهورية التركية رجب طيب أردوغان، فهل حقق نتنياهو لبلاده الديمقراطية فعلاً أم أنه مجرد "ديكتاتور في ثوب ديمقراطي"؟

وزير لكل الوزارات

لا يحمل بنيامين نتنياهو في حقيبته الوزارية منصب رئيس الوزراء فحسب، حيث صار استلام نتنياهو وزارات محورية في الحكومة الإسرائيلية حينما لا يجد مرشحاً لاستلامها، أمراً أساسياً وشائعاً في السياسة الإسرائيلية منذ توليه رئاسة الحكومة قبل عشر سنوات تقريباً من الآن.

في نهاية المطاف يسيطر نتنياهو الآن سيطرةً مطلقة على قوات الجيش الإسرائيلي والسلك الدبلوماسي في البلاد إضافة إلى أجهزة الدولة المرتبطة بمكتب رئيس الوزراء، والتي يكون من بينها جهاز الموساد وجهاز الشاباك أو المعروف بالعبرية بالشين بيت، وهو جهاز الأمن الإسرائيلي الداخلي.

هذه ليست المرة الأولى التي يكون نتنياهو فيها مسؤولاً عن أكثر من حقيبة وزارية؛ في دورات انتخابية سابقة كان نتنياهو وزيراً للتعاون الإقليمي ووزيراً للمالية، إضافة إلى كونه أيضاً وزيراً للخارجية والاتصالات في الوقت ذاته.

نتنياهو الآن وزيرا للهجرة، الصحة، الخارجية، ومؤخراً صار وزيراً للدفاع أيضاً، وذلك بعد استقالة وزير الدفاع السابق أفيغدور ليبرمانمن من منصبه كوزير للدفاع عقب تصعيد في قطاع غزة نهاية العام الماضي.

كما كان نتنياهو وزيراً للاتصالات أيضاً، الوزارة التي تشمل الإعلام، قبل أن يتخلى عنها لنظيره من حزب الليكود أيوب كارا الذي يشغل المنصب حالياً، وذلك بعد اتهامات بالفساد تلاحق نتنياهو يتهمه فيها المدعي العام الإسرائيلي بقبول رشوة وتقديم تسهيلات ضريبية مقابل دعاية له في موقع واللا الإسرائيلي والمعروف قضائياً بالملف 4000.

في حديثه لـTRT عربي ذكر المحامي الدولي الفلسطيني حسان عمران أن ركيزة النظام الديمقراطي هي المساواة القانونية بين المواطنين، وهو ما لا يجده في إسرائيل التي تنتهج سياسة عنصرية تجاه فلسطينيي الداخل الذين يحملون الهويات الإسرائيلية، كما ذكر عمران في حديثه أن لبنيامين نتنياهو ميولاً ديكتاتورية، إلا أن النظام القضائي والسياسي في الدولة يدفع نتنياهو أن يكون ديكتاتوراً في "ثوب ديمقراطي".

نتنياهو شخص شعبوي إلى درجة كبيرة، ولهذا فهو على استعداد دائم لتطويع أيديولوجيته بأية وسيلة من أجل البقاء في السلطة، حتى وإن أدى ذلك بالإضرار بالنظام القضائي، كما أضاف أن اليمين الإسرائيلي على استعداد للتضحية من أجله كونه في نظرهم أنه من يحميهم من العرب ومن يحافظ على قومية الدولة اليهودية بحسب تعبير المحامي الدولي حسان عمران.

التحالف مع المتطرفين للبقاء في السلطة

تعددت الألقاب التي توصفهم على مدار عقد كامل من التحالف مع الحكومة الإسرائيلية بقيادة بنيامين نتنياهو، بداية كانوا يُعرفون باليمين، ومن ثم عُرفوا بالقوميين المتطرفين، إلا أن ما يُعرفون به الآن هو ما يُعبر بالفعل عن واقعهم الذي كانوا عليه قبل التحالف مع الحكومة الإسرائيلية، إنهم اليمين الإسرائيلي المتطرف.

حزب "القوة اليهودية" أو كما هو معروف بـ "عوتسماه يهوديت"، أحد الأحزاب اليهودية المتطرفة، تم تأسيسه منذ 6 سنوات، يطلق عليه وعلى كل من ينتمي إليه العنصريين المعادين للعرب، رئيسه ميخائيل بن آري حرّض من قبل ضد المليون و700 ألف فلسطيني في الداخل المحتل، الذين يحملون الهويات الإسرائيلية، وهددهم في شهر أغسطس/آب الماضي قائلاً "إن عارضتم اليهود فلن تبقوا على قيد الحياة، لن يتم ترحيلكم أو سحب الجنسية الإسرائيلية منكم فحسب، سيتم رميكم بالرصاص، هذا ما يفهمه العرب".

قرر نتنياهو أن يسمح لحزب "عوتسماه يهوديت" ألا يدخل الكنيست فحسب، بل أن يكون جزءاً من الحكومة أيضاً، وذلك بعد أن قرر أن يتحالف حزب الليكود، الحزب الحاكم، مع "عوتسماه يهوديت" المتطرف، كما مارس ضغوطات على الأحزاب اليمينية مثل حزب "البيت اليهودي" بخوض الانتخابات في قائمة مشتركة مع "عوتسماه يهوديت" خوفاً من تشتيت أصوات اليمين إذا ما فشل أحد أحزاب اليمين في دخول الكنيست.

لم يثِر ذلك التحالف سوى تساؤلات في البرلمان الإسرائيلي من قِبل اليسار المعارض حول ما إن كانت أحزاب الوسط أو اليسار صارت أقلية في البرلمان وعما إذا كانت الحكومة الإسرائيلية بقيادة بنيامين نتنياهو ما زالت تؤمن بالديمقراطية الليبرالية فعلاً، وإذا كانت الاستثناءات المتكررة لأحزاب اليهود المتطرفين تلك، وآخرها تحالف اليمين معهم، دليلاً على استعداد نتنياهو لفعل أي شيء مقابل البقاء في السلطة.

مستقبل "بيبي" نتنياهو

بنيامين نتنياهو هو أطول من احتفظ بمنصب رئيس الوزراء في تاريخ إسرائيل بعد دافيد بن غوريون، دفع بقوانين لم يرها الكنيست ضرورية، مثل قانون القومية اليهودية، الذي صدّق عليه الكنيست في يوليو/تموز العام الماضي، والذي يقر بيهودية الدولة وأحقية تقرير المصير فيها لليهود وأن لغتها الرسمية هي العبرية، مجبراً فلسطينيي الداخل على أن يكونوا أقلية على أرض بلادهم غير مُعترف بمساواتها مع اليهود.

نتنياهو اليوم يواجه تهماً وجهها إليه المدعي العام الإسرائيلي تتضمن خيانة الثقة واستغلال منصبه كرئيس وزراء لقبول الرشوة وتقديم تسهيلات ضريبية مقابل دعاية إعلامية له، ويتحالف مع أحزاب متطرفة تضمن بقاءه في السلطة لمدة أطول، ويشكك القضاء الإسرائيلي في قدرته على موازنة العمل في أكثر من أربع حقائب وزارية محورية، إلا أنه لا يزال يروج لبلاده على أنها الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط أمام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.

يؤكد بنيامين نتنياهو على استمرار التقارب العربي الإسرائيلي أكثر وأكثر، في ظل مباحثات علنية وفي الخفاء وصفها نتنياهو نفسه بأنها "بشرى تُعد في غاية الأهمية بالنسبة لرؤية السلام بمعنى السلام المبني على القوة". أكد نتنياهو في تغريداته على حسابه الرسمي على تويتر أنه يُجري اتصالات مع دول عربية وإسلامية كانت تُكن الكراهية لإسرائيل حتى في الفترة الأخيرة، ربما لم يتبقَّ في المنطقة مَن يستطيع نتنياهو أن يُظهر له وجهه الحقيقي بعيداً عن "عمليات التطبيع" التي يفخر بها سوى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.

ميخائيل بن آري رئيس حزب "عوتسماه يهوديت" أو "القوة اليهودية" (AFP)
TRT عربي - وكالات