وفي كلمة خلال مؤتمر نظّمه معهد مبادرة مستقبل الاستثمار السعودي في ولاية ميامي الأمريكية، قال المبعوث الأمريكي الخاص للشرق الأوسط ستيف ويتكوف، الخميس، إنّ المرحلة القادمة من الاتفاق ستكون "أكثر صعوبة"، لكنه اعتبر أنه توجد "فرصة حقيقية للنجاح إذا بذل الجميع جهداً كافياً".
وأضاف ويتكوف، الذي كان يتحدث إلى جانب جاريد كوشنر، المستشار السابق للرئيس الأمريكي دونالد ترمب، أن الأطراف جميعاً متفقة على ضرورة استمرار عمليات تبادل الأسرى بين إسرائيل وحركة حماس، واصفاً ذلك بأنه "أمر إيجابي ويجب أن يستمر"، وفق ما نقلت عنه صحيفة هآرتس العبرية.
وقالت وزارة الخارجية القطرية، الثلاثاء، إنّ مفاوضات المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة "لم تبدأ بشكل حقيقي"، مشيرة إلى "أجواء إيجابية" قد تقود إلى بدئها "قريباً".
وكان من المفترض أن تبدأ مفاوضات المرحلة الثانية في 3 فبراير/شباط الجاري، إلا أن الحكومة الإسرائيلية، برئاسة بنيامين نتنياهو، لم ترسل وفداً بعد. وتُجري مصر وقطر وساطات مكثفة لإنقاذ الاتفاق، في ظل استمرار الانتهاكات الإسرائيلية والثغرات اللوجستية التي حالت دون تنفيذ بنود المرحلة الأولى بالكامل.
شروط لتفجير المفاوضات
في 19 يناير/كانون الثاني الماضي، بدأ سريان الاتفاق بين حماس وإسرائيل، الذي يتضمن ثلاث مراحل، تستمر كل منها 42 يوماً، على أن يُتفاوض خلال المرحلة الأولى على بدء المرحلة الثانية، بوساطة مصر وقطر، وبدعم من الولايات المتحدة.
وكان من المقرر أن تبدأ مفاوضات المرحلة الثانية في اليوم 16 من المرحلة الأولى، إلا أن نتنياهو يماطل حتى الآن في إطلاق هذه المفاوضات، فيما وصل الاتفاق إلى يومه الثاني والثلاثين.
وأعلن وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر، الثلاثاء، أن مفاوضات المرحلة الثانية ستبدأ خلال أيام.
وأكد ساعر مطالب حكومته بـ"نزع سلاح غزة بالكامل" ورفض حكومة الاحتلال استمرار وجود حركة حماس في القطاع.
ووفقاً لزعيم المعارضة يائير لابيد، في تصريح لهيئة البث الإسرائيلية يوم الأربعاء، فإن "حماس لن توافق على المرحلة الثانية إذا كان شرط إسرائيل هو نزع سلاحها وإبعادها عن غزة".
وأضاف لابيد: "هذه ليست شروطاً لصفقة، بل وسيلة لعرقلتها، فيما نحن بحاجة إلى إبرام الصفقة وإعادة الجميع (الأسرى الإسرائيليين)، وهذا يتطلب وقف القتال".
من جهتها نقلت صحيفة يديعوت أحرونوت عن مصدر رفيع مطلع على تفاصيل التفاوض بشأن وقف إطلاق النار في غزة أن نتنياهو بهذه الشروط يسعى لإفشال الصفقة.
ووفقاً للصحيفة العبرية، قال المصدر: "إحدى الدلائل على أن نتنياهو يسعى لإفشال الصفقة تكمن في تصريحاته وتصريحات المقربين منه، وكذلك تصريحات وزراء الحكومة، التي تفيد بأن إسرائيل إما أنها تعتزم استئناف القتال، وإما أنها تشترط توقيعها على المرحلة الثانية من الصفقة باستسلام حماس غير المشروط، وتسليم أسلحتها، ونزع السلاح من قطاع غزة بالكامل، وهو شرط من الواضح أن حماس لن توافق عليه".
وردّاً على التقارير الإعلامية الإسرائيلية، قالت حماس، مساء الثلاثاء، إن "اشتراط الاحتلال إبعاد حماس عن القطاع حرب نفسية سخيفة".
كما أعلنت الحركة رفضها نزع سلاح المقاومة أو إبعادها عن غزة، مؤكدة أن أي ترتيبات لمستقبل القطاع ستكون "بتوافق وطني فلسطيني".
وبشأن تمديد المرحلة الأولى قال إيتمار إيشنر، المحلل في صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية، الجمعة: "على الرغم من تحذيرات نتنياهو وحماس بأنهما سيدفعان الثمن كاملاً، يجب الاعتراف بأن إسرائيل ليس لديها الكثير لتفعله في الوقت الراهن. إنها لا تريد إفساد الحدث".
وأضاف إيشنر: "ترغب إسرائيل في البداية في مواصلة صفقة الرهائن الحالية، وإطلاق سراح الرهائن الستة الأحياء من غزة يوم السبت."
ورأى إيشنر أن "كسر القواعد الآن قد يؤدي إلى منع إطلاق سراح الستة، ولا أحد يريد ذلك. يجب عليك أن تعض شفتيك الآن، فالانتقام قد يأتي لاحقاً".
وحذّر إيشنر من أن "تدمير الاتفاق الآن يضر بمصلحة إسرائيل في تمديد المرحلة الأولى قدر الإمكان وتحرير مزيد من الرهائن من غزة".
واعتبر إيشنر أن "تمديد المرحلة الأولى من الصفقة على حساب المرحلة الثانية هو حل سياسي ممتاز بالنسبة إلى نتنياهو".
وتابع: "من ناحية أخرى، فإنّ الوصول إلى المرحلة الثانية بالانسحاب من محور فيلادلفيا قد يعني استقالة وزير المالية وزعيم التيار الديني الصهيوني بتسلئيل سموتريتش، ونتنياهو لا يريد الوصول إلى ذلك".
مؤشرات على عدم جدية الاحتلال
قال مصدر مطلع على مفاوضات وقف إطلاق النار لصحيفة يديعوت أحرونوت إن حكومة الاحتلال تمارس حملات تضليل تهدف إلى إخفاء حقيقة أنها لا تنوي التوقيع على المرحلة الثانية من صفقة تبادل الأسرى، ولا تسعى في هذا الاتجاه.
ووفقاً للمصدر، جرى التلاعب بوسائل الإعلام ودفع البعض إلى تصديق فكرة أن إسرائيل، بدلًا من تنفيذ المرحلة الثانية، تعتزم الاستمرار بنفس نهج المرحلة الأولى، أي إطلاق سراح مجموعة من الأسرى الإسرائيليين أسبوعياً مقابل عدد معين من الأسرى الفلسطينيين.
ويضيف: "لو كان هذا الخيار متاحاً لكنا قد بدأنا به منذ فترة طويلة، واستمررنا فيه حتى الإفراج عن جميع الأسرى".
وفي ما يتعلق بادعاءات الاحتلال حول إرسال وفد إلى قطر، أشار المصدر إلى أن "نتنياهو أرسل غال هيرش لأول مرة، وهو شخص لم يكن له أي دور مهم في المفاوضات حتى الآن، ما يُعَدّ دليلًا على أن هذه الزيارة كانت مجرد استعراض أمام الولايات المتحدة".
ونقل الصحفي الإسرائيلي رونين بيرجمان تعليقاً عن مسؤول كبير من إحدى الدول الوسيطة، قال فيه: "يبدو أنهم لم يحصلوا حتى على تفويض من نتنياهو للتحدث بجدية. الجميع أدرك أن هذا كان مجرد 'كلام فاضي' (بالعربية)".
وأشار المصدر إلى أن جهات سياسية مرتبطة بملف الأسرى نشرت مزاعم بأن إسرائيل "تطالب" بإطلاق مزيد من الأسرى بسبب وضعهم الصعب.
ويعلق ساخراً: "من الصعب أن أفهم كيف يصدق أحد هذا الهراء. حماس لم تنهَر حتى بعد عام ونصف من حرب وحشية مع إسرائيل، فهل ستنهار الآن لأننا فجأة اكتشفنا أن وضع الأسرى صعب، ونطالب بإطلاقهم؟ كيف لم نفكر من قبل في المطالبة، وبذلك نجبر حماس على الاستسلام؟".
وحول التعويل على دور الرئيس ترمب وتأثيره، أوضح المصدر أن الولايات المتحدة موقعة على الاتفاق بصفتها ضامناً لتنفيذه، إلى جانب مصر وقطر، ولا سيما لضمان استمرار المفاوضات حول المرحلة الثانية حتى يُتوصل إلى اتفاق.
وأضاف المصدر: "فجأة، قلَب ترمب الطاولة وقال إن الاتفاق الذي فرضه نتنياهو على المفاوضات ليس جيداً، وإنه يمنح حماس مهلة حتى ظهر يوم السبت للإفراج عن جميع الأسرى، وإلا فإن الجحيم سينفتح عليهم. بطبيعة الحال، سارت إسرائيل خلفه مباشرة، وها قد جاء يوم السبت، وأفرجت حماس عن نفس الثلاثة الذين كان من المفترض أن تطلق سراحهم وفقاً للاتفاق. وماذا حدث؟ لا شيء".