مدرب المنتخب المغربي وليد الركراكي محمولا على أكتاف اللاعبين احتفالا بفوزهم على منتخب إسبانيا/ صورة: AFP (AFP)
تابعنا

سطع نجم لاعبين عرب وخصوصاً من القارة الإفريقية في سماء القارة العجوز وباتوا عناصر وركائز أساسية مع أنديتهم في المنافسات الكروية المحلية والقارية.

ودفع تألق هؤلاء فوق "المستطيل الأخضر" إلى زيادة قيمتهم السوقية في عالم "الساحرة المستديرة" ما أدى إلى تهافت أندية أوروبية في محاولة منها للحصول على خدماتهم وتعزيز الصفوف بأفضل اللاعبين في ظل احتدام المنافسة والصراع على الألقاب.

أظهر مونديال قطر، الذي أسدل الستار عليه في 18 ديسمبر/كانون الأول 2022، لعشاق اللعبة الشعبية الأولى في العالم مجموعة جديدة من اللاعبين المتألقين في عالم كرة القدم، من ضمنهم لاعبين عرب.

صنع منتخب المغرب التاريخ في نسخة قطر المونديالية بعدما بات أول منتخب عربي وإفريقي يبلغ الدور نصف النهائي من بطولة كأس العالم على الإطلاق، بعد تصدر مجموعته بالدور الأول بـ7 نقاط من فوزين وتعادل، قبل إقصائه إسبانيا في دور الـ16. ثم أتبعها بمفاجأة مدوية بإزاحة رفاق النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو من دور الثمانية في الطريق إلى المربع الذهبي.

كان المدرب المغربي وليد الركراكي يعتمد في تشكيلته المونديالية على عدة أسماء أكدت أحقيتها باللعب لـ"أسود الأطلس" وأضحت تحت مجهر أندية أوروبية كبيرة.

ويأتي نجم خط الوسط سفيان أمرابط (26 عاماً) على رأس هؤلاء بعدما قدّم أدواراً دفاعية لافتة أحبطت هجمات المنافسين بفضل تدخلاته الحاسمة والخروج بالكرة من مناطق فريقه في إطار أدائه دوره الهجومي في بناء الهجمات.

عز الدين أوناحي لاعب المنتخب المغربي (Others)

كما بزغ نجم عز الدين أوناحي (22 عاماً) مع "أسود الأطلس" إذ أظهر إمكانيات كبيرة في منتصف الميدان من خلال انتزاع الكرة تحت الضغط ليخطف قلوب الجماهير العربية، ويصبح تحت أنظار الأندية الأوروبية.

عروض مالية متواضعة

ومع ذلك فإن العروض المالية التي انهالت على أمرابط وأوناحي لم ترتقِ أبداً إلى أدائهما الكبير في "قطر 2022"، إذ تشير تقارير صحفية إلى أن العروض لم تتخطَّ حاجز 30 مليون يورو.

إذ كشف موقع "توتو ميركاتو" الإيطالي أن باريس سان جيرمان الفرنسي دخل على خط المفاوضات مع فيورنتينا الإيطالي لضم لاعبه أمرابط، مشيراً إلى أن النادي الباريسي قدم 30 مليون يورو، في ظل اهتمام من ناديي ليفربول وتوتنهام الإنجليزيين.

ولفت إلى أن إدارة النادي الإيطالي تتطلع إلى تمديد عقد أمرابط الذي ينتهي صيف 2024 لضمان بيعه بأعلى سعر. فيما نقلت شبكة "ليفربول إيكو" البريطانية أن الدولي المغربي بات مطلباً للمدرب الألماني يورغن كلوب، كاشفة أن فيورنتينا يطالب بـ50 مليون يورو مقابل التخلي عن نجم خط وسطه.

في سياق ذي صلة قدّم نادي نابولي الإيطالي 25 مليون يورو لنادي أنجيه الفرنسي مقابل استقدام أوناحي، حسب الصحفي في شبكة "سكاي إيطاليا" جيانلوكا دي مارزيو، لكنه قال إن نادي الجنوب الإيطالي يفكر في إعارة اللاعب بعد ضمه في الميركاتو الشتوي نظراً لكثرة لاعبي خط الوسط.

يؤكد الكاتب والمحلل الرياضي المعروف محمد عواد أن المسألة لا تتعلق بالجنسيات أبداً سواء العربية أو غيرها ولكن تتعلق بـ"التجربة الاحترافية التي يمر بها اللاعبون"، وفق رأيه.

ويوضح عواد في حديثه إلى TRT عربي، أن أمرابط وأوناحي وغيرهم من نجوم المغرب ظهروا في ست أو سبع مباريات بمستوى فني كبير، مبيناً أنهم بالفعل لاعبين جيدين من قبل.

لكنه استدرك كلامه بالقول إن كشافة الأندية الأوروبية تتردد بشأن المراهنة على لاعبين تألقوا بشكل كبير في المونديال خلال فترة قصيرة، مشيراً إلى أن كثيراً من اللاعبين الذين تألقوا في دورات كأس العالم "خفت نجمهم لاحقاً".

ويشدد عواد على عدم وجود سياسة تمييز أو عنصرية لكنه يقول في الوقت عينه إن " الجنسية تلعب دوراً مهماً وتضفي قيمة وتؤثر بشكل كبير في قيمة اللاعبين".

ويضيف أن اللاعب الإنجليزي دائماً يكون سعره أعلى من السعر الطبيعي بنسبة تتراوح بين 30% و40%، وهو ما يجعل الأندية الإنجليزية تفضل التعاقد مع لاعبين إنجليز، وكذلك ينطبق الأمر على اللاعبين الفرنسيين والإيطاليين والالمان.

ويلفت إلى أن هؤلاء يحملون جنسية أوروبية ولا يشغلون بذلك مقاعد أجنبية في الأندية ولا يخلقون مشكلات فيما يتعلق بتصريح العمل وغيره، كما يُنظر إليهم أنهم لاعبين "مستقرين لفترة طويلة في ملاعب القارة الأوروبية".

ويشير عواد إلى أن هذه الآلية تتغير مع الزمن مستدلاً بالنجم المصري محمد صلاح الذي وصل سعره في سوق الانتقالات إلى 150 مليون يورو، كما أن النجم الجزائري رياض محرز الذي بيع تقريباً بـ 100 مليون يورو، فيما كان سيباع الجناح السنغالي ساديو ماني بمبلغ مشابه لولا وصوله إلى سنته الأخيرة في عقده مع ليفربول.

ويختم عواد حديثه مع TRT عربي، بالتأكيد على عدم وجود عنصرية بمعناها الواضح ولكن يتعلق الأمر بـ "التجربة وإثبات الذات لذلك ارتفعت أسعار هؤلاء النجوم العرب وقيمتهم السوقية بشكل كبير".

عنصرية وقلة احترام

أما الصحفي والمحلل الرياضي المغربي إبراهيم الزوين يؤكد أنه لا يمكن الاختلاف على أن جنسية اللاعب تلعب دوراً كبيراً في تحديد سعره وقيمته السوقية، مشدداً في حديثه لـ TRT عربي على أنه "واقع نعيشه للأسف في عالم كرة القدم".

ويوضح الزوين أنه كلما كان اللاعب ينتمي إلى جنسية من الجنسيات المعروفة في كرة القدم كالبرازيل والأرجنتين وغيرها "يُتخيل إلى الأذهان أننا أمام موهبة كروية ولاعب من طينة الكبار، خلافاً للاعبين الموهوبين العرب الذين تكون قيمتهم السوقية منخفضة رغم أفضلية بعضهم فوق أرضية الميدان".

سفيان امرابط لاعب المنتخب المغربي (Others)

ويضيف أن هؤلاء اللاعبين العرب قد يواجهون أيضاً عنصرية من بعض المدربين الذين يفضلون لاعبين ينتمون إلى جنسيات معروفة في عالم كرة القدم، مشيراً إلى أن الأمر لا يقتصر فقط على العرب وإنما يطول اللاعبين الأفارقة كذلك.

ويلفت إلى أن معظم الصفقات الكبيرة التي ارتبطت بلاعبين عرب تعود إلى انتقالهم من نادٍ كبير إلى آخر عريق مثل المغربي حكيم زياش والمصري محمد صلاح والجزائري رياض محرز، مشيراً إلى أن المصالح تتداخل بين الأندية الكبيرة وقتها، فضلاً عن حسابات اقتصادية وثقل وكلاء اللاعبين وعلاقاتهم بالوسط الكروي.

ويقول الزوين بصريح العبارة إنه كلما تعلق الأمر بانتقال لاعب عربي "كلما انخفض سعره في سوق الانتقالات"، رغم الموهبة والقوة "لكنه يدفع دائماً ثمن جنسيته العربية".

وضرب مثالاً بالثناء والإطراء الكبيرين اللذيْن حظي بهما النجم المغربي أوناحي في مونديال قطر، "وعلى الرغم من ذلك نسمع عروضاً بمبالغ مالية قليلة"، خلافاً لحالة الإشادة الكبيرة التي نالها من مدربين كبار كالإسباني لويس إنريكي وغيره.

ويلفت إلى أنه "لا أحد ينظر إلى هؤلاء اللاعبين، ولو وجدوا اهتماماً فإنهم يلاقون في الوقت نفسه صعوبات ومشاكل كبيرة في التأقلم داخل الأندية الكبيرة كزياش ومحرز وغيرهم".

ويؤكد الزوين في حديثه مع TRT عربي، أن ما يحدث هو "عنصرية بكل ما تحمله الكلمة من معنى وقلة احترام للاعب العربي مهما توفرت فيه كل المؤهلات"، مشدداً على أن جنسيته تبقى دائماً عائقاً له في تحديد مساره وقيمته السوقية والاهتمام من أندية عريقة.

ويضيف أن الأمر لا يتعلق بالمدربين والمسؤولين ولكن يطول الأمر الجماهير والمشجعين إذ يفضلون لاعبين من القارة اللاتينية على العرب والأفارقة، ويعتقدون أنهم أقل قيمة، وهو ما يعيق تطور اللاعب العربي وانتقالاته ما يؤثر على مشواره ونجوميته في كرة القدم.


TRT عربي