سعد الجبري، "قيصر المخابرات السعودية" السابق (Aljazeera)
تابعنا

لا تزال الدعوى القضائية الدائرة في المحاكم الأمريكية والكندية بين "قيصر المخابرات السعودية" السابق، سعد الجبري، ووليّ العهد السعودي محمد بن سلمان، محل نزاع محتدم. وتحمل هذه الدعوى في طياتها أسراراً تمس الأمن القومي الأمريكي، كما قد تمس شخص الأمير السعودي الشاب محمد بن سلمان.

تورّط اللواء سعد الجبري، المنفي في كندا، في "صراع ملكي" مرير بين محمد بن نايف، ولي العهد السابق المختفي منذ قرابة عام ونصف، ومحمد بن سلمان ولي العهد والحاكم الفعلي للمملكة السعودية.

واتَهم الجبري العام الماضي، في دعوى قضائية أمريكية مثيرة للجدل، بن سلمان بمحاولة اغتياله عدة مرات عبر إرسال فرقة قتل تُدعى "النمر" إلى تورونتو، محل إقامة الجبري بكندا، وذلك في أكتوبر/تشرين الأول 2018. علاوة على اتهام من لواء المخابرات السابق للرجل القوي بالمملكة باحتجازه اثنين من أبنائه للضغط عليه للعودة إلى السعودية.

وفي دعاوى قضائية مضادة، أقيمت في الولايات المتحدة وكندا، اتهَم عدد كبير من الشركات المملوكة للسعودية الجبري باختلاس مليارات من الدولارات أثناء عمله في عمليات سرية تحت إدارة ولي العهد السابق محمد بن نايف، والذي أُطيح به فيما عُرِف بـ"انقلاب القصر" عام 2017، والمختفي قسرياً منذ مارس/آذار 2020.

وفي وقت سابق من العام الجاري، اتهمت شركة "سكب" السعودية اللواء الجبري باختلاس 3.47 مليار دولار أثناء عمله في وزارة الداخلية السعودية، وحثت محكمة "ماساتشوستس" الأمريكية على تجميد أصوله العقارية في بوسطن البالغة 29 مليون دولار.

ورفعت عدة شركات سعودية أخرى دعاوى قضائية ضد الجبري في كندا بشأن مزاعم مماثلة، وأعلنت محكمة كندية في وقت لاحق تجميداً عالمياً لأصول الجبري.

وذكرت "صحيفة واشنطن بوست" أن صهر الجبري يتعرض لتعذيب بشع كوسيلة أخرى من الرياض لإسكات الأخير وممارسة ضغوط عليه لدفعه للعودة إلى المملكة.

وتتوجّس السلطات في واشنطن من احتمالية كشف أسرار الدولة الأمريكية نتيجة لتأزُّم مستمر لمسار الدعوى القضائية، وذلك نظراً لطلب الجابري لوثائق ومستندات أمريكية سرية تثبت براءة ذمته من التهم الموجهة إليه من قِبل الشركات السعودية الموجهة من قبِل بن سلمان.

وانتشرت أنباء كشفتها وثائق قضائية تُفيد بأن المسؤولين الأمريكيين يتدخلون في الدعوى القضائية القائمة بكندا، وهو إجراء نادر الحدوث في معركة قانونية معقدة تهدد بكسر الغطاء على عمل سري حساس.

وتعكس الوثائق ذاتها أن واشنطن في مأزق لأنها تسعى إلى حماية أسرار أمنها القومي دون التخلي عن حليفها القديم اللواء الجبري، الذي يحتاج إلى تقديم أدلة على "تعاونه الاستخباراتي" لدعم موقفه إزاء الادعاءات الموجهة إليه.

يقول خبراء قانونيون إن بإمكان واشنطن التذرّع بـ"امتياز أسرار الدولة"، والذي من شأنه أن يسمح لها بالامتناع عن كشف مستندات استخباراتية حال طلبها من المحكمة، وذلك للحفاظ على سرية معلومات حساسة تخص الدولة الأمريكية.

ويبقى السؤال، هل لواشنطن مثل هذا التأثير المباشر على المحاكم الكندية؟ على ما يبدو أنها ناجحة حتى الآن في ذلك، حيث تُظهر أوراق القضية أن محامي وزارة العدل الأمريكية حثّ محكمة أونتاريو بكندا على "تأجيل جميع الإيداعات" حتى 30 سبتمبر/أيلول، وذلك لإتاحة الوقت لواشنطن للنظر في إجراءات لحماية مصالحها.

وكتب المدعي العام الكندي، مالكولم روبي، في رسالة بتاريخ 29 يونيو/حزيران المنصرم: "الأمور المتعلقة بالعلاقات الخارجية والأمن القومي للولايات المتحدة تتطلب أحكاماً "دقيقة" و"معقدة". وجرى تضمين إليزابيث ريتشاردز، مستشارة وزارة العدل الكندية، في الرسالة، ما يشير إلى أن الولايات المتحدة تنسق بهدوء مع نظرائها الكنديين.

وأضاف المدعي العام أنه بينما ليس لواشنطن "موقف" من القضية، فإنها قلقة بشأن "حماية معلومات الأمن القومي الحساسة".

وأفاد محام، طلب عدم الكشف عن هويته، وهو مقيم في تورونتو وعلى دراية كاملة بالقضية، بأن "المحاكم الكندية لم تشهد قط أي شيء كهذا".

وقال مصدر مقرب من القيادة السعودية لوكالة "فرانس برس" إن "الجبري يحاول استخدام هذه السبل القانونية لأنه في ورطة". وأضاف "هذه محاولة أخيرة لا أعتقد أنها ستنجح" على الرغم من خطر الكشف عن الأسرار التي "ستُسبب الحرج للولايات المتحدة".

وطالبت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، الأحد، بالإفراج الفوري عن أولاد الجبري سارة وعمر، المحتجزين لدى السلطات السعودية، وتؤكّد المنظمة أن احتجازهما جاء "فقط لخلق ضغط ضد والدهم".

ونفى مصدر مقرب للجابري ارتكابه أي مخالفات مالية، مع إنكاره لكل المزاعم الموجهة إليه ووصفها بأنها "ثأر أعمى". وأكد المصدر ذاته أن واشنطن "تقفز من خلال الأطواق القانونية لحماية مصالح أمنها القومي".

TRT عربي
الأكثر تداولاً