الفلسطينيون أحيوا ذكرى يوم الأسير برفع صور قدامى الأسرى في سجون الاحتلال (AFP)
تابعنا

تأتي ذكرى يوم الأسير الفلسطيني هذا العام في ظروف مختلفة عن الأعوام السابقة، في ضوء ما تسجله مؤسسات فلسطينية من ارتفاع عدد الأسرى من الأطفال والنساء والصحفيين، ممن يعيشون ظروفاً صعبة ومأساوية في سجون الاحتلال الإسرائيلي. خاض على أثرها عدد من الأسرى إضراب "معركة الكرامة".

ويبلغ عدد المعتقلين في سجون الاحتلال الإسرائيلي 5700 معتقل، فيما تشير الإحصائيات إلى أن عدد الفلسطينيين الذين اعتقلتهم إسرائيل منذ عام 1967 بلغ مليون فلسطيني.

وتكشف الإحصائيات التي نشرتها مؤسسات فلسطينية معنية بحقوق الأسرى أن الاحتلال لا يفرّق بين السليم من الفلسطينيين والسقيم، أو الرجال والنساء والأطفال، حيث يقبع في سجون الاحتلال 700 مريض بين معتقلي العام الجاري وحده، منهم 30 مصاباً بالسرطان. ونحو 250 طفلاً من بين إجمالي أعداد المعتقلين، و36 طفلاً مقدسياً قيد الحبس المنزلي، و5 قاصرين محتجزين في مراكز إيواء.

يذكر أن إسرائيل اعتقلت منذ عام 1967 نحو 16 ألف امرأة فلسطينية، وفق المؤسسات ذاتها.

وتتعرض الأسيرات الفلسطينيات، حسب هيئة شؤون الأسرى والمحرَّرين، لاعتداءات لفظية وجسدية خلال فترات الاعتقال والتحقيق.

وعدّت الهيئة، المقدسية إسراء الجعابيص أكثر الأسيرات صعوبة من حيث الوضع الصحي، إذ تحتاج إلى عمليات جراحية عاجلة بعد إصابتها بحروق شديدة في أثناء الاعتقال، وبتر 8 من أصابعها، فيما يماطل الاحتلال في استكمال علاجها.

اعتقال الرأي

تعتقل إسرائيل في سجونها 22 صحفياً فلسطينياً، بينهم ثلاث سيدات، وفق بيان للجنة دعم الصحفيين. وقد صدرت أحكام بالسجن الفعلي لنحو 7 صحفيين منهم، فيما اعتُقل 4 صحفيين بلا محاكمة، ووُقف 11 إعلامياً وصحفياً إلى حين إصدار الحكم.

لا تختلف ظروف اعتقال الصحفيين عن ظروف اعتقال باقي الأسرى داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي، فهي كما يصفها مكتب إعلام الأسرى "ظروف صعبة ومأساوية لا يتحقق فيها أدنى مقومات الحياة التي تتوازى مع القانون الدولي، واتفاقية جنيف الثالثة والرابعة، بل حتى مع الأعراف المجتمعية".

وذكر المتحدث باسم مكتب إعلام الأسرى علي المغربي لـTRT عربي أن وحدات الدرور الإسرائيلية تقتحم غرف الإعلاميين الأسرى وتصادر كل قصاصة ورقية ورواية وكتاب ومقال قد يفضح الاحتلال". وقال إن "الاحتلال يعمل على تكتيم الأفواه وكسر كل قلم يمانعه ويفضح جرائمه".

يوم الأسير الفلسطيني

يعود يوم الأسير الفلسطيني بجذوره إلى 17 إبريل/نيسان عام 1974، حين أقر المجلس الوطني الفلسطيني هذا التاريخ يوماً وطنياً للوفاء للأسرى الفلسطينيين داخل السجون الإسرائيلية.

وتأتي ذكرى يوم الأسير هذا العام، في ظل ظروف قاسية مرّ بها الأسرى خلال العام المنصرم. إذ يشير المغربي إلى أن عام 2018 "كان عام العقوبات والإجراءات التعسفية من خلال إصدار مجموعة من القوانين كقانون إعدام الأسرى الذي أُقر بالكنيست الإسرائيلي، وقانون خصم مستحقات أهالي الأسرى من المقاصّة بين السلطة الفلسطينية والاحتلال، في محاولة من الأخيرة لاستهداف عوائل الأسرى عن طريق لقمة العيش"، وفق المغربي.

يضاف إلى ذلك، حسب مكتب إعلام الأسرى، أن عام 2018 كان عام التنافس المحموم بين الأحزاب والشخصيات السياسية الإسرائيلية، إذ حاولوا التسلق على معاناة الأسرى لكسب مزيد من أصوات الناخبين للانتخابات الإسرائيلية التي جرت مؤخراً.

تبع ذلك، مع بداية العام الجاري، تنفيذ توصيات لجنة جلعاد أردان وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي، التي قضت بعدد من الإجراءات العقابية بحق الأسرى، من ذلك مصادرة آلاف الكتب، ومنع زيارات الأهالي، ونقص كميات الأموال التي تدخل إلى المقصف، وإغلاق مرفقي المغسلة والمحلقة، بالإضافة إلى قطع الماء عن الأسرى لفترات محدودة من اليوم، ومنع الدراسة داخل سجون الاحتلال.

وفي ظل الظروف القاسية التي زادتها مساعي الاحتلال إلى تركيب أجهزة تشويش تسبب السرطان في السجون، نفّذ الأسرى سلسلة من الخطوات الاحتجاجية، بلغت ذروتها حسب مكتب إعلام الأسرى ليلة 24فبراير/شباط حين طعن الأسير إسلام وشاحي من مدينة جنين أحد الضباط، مُشعِلاً ثورة داخلية بين الأسرى ضدّ كل الإجراءات التي اتخذتها إدارة السجون الإسرائيلية.

ويضيف المغربي أن الإجراءات التعسفية لإدارة السجون الإسرائيلية أسفرت عن قرابة 400 إصابة، منها 150 إصابة في سجن عوفر، و56 إصابة في سجن ريمون، و100 إصابة في سجن النقب.

ويشير إلى أن معظم هذه الإصابات كانت خطيرة؛ استُخدمت فيها الأسلحة النارية، والصواعق الكهربائية، والكلاب البوليسية، والوحدات الخاصة.

معركة الكرامة 2

التصعيد في السجون الإسرائيلية كان سبباً رئيساً للإضراب المفتوح عن الطعام، الذي أطلقه الأسرى تحت عنوان "معركة الكرامة 2"، وكان شعاره "لا تفاوُض على نسبة الكرامة فهي كل لا يتجزأ"، حسب المغربي.

وتَوصَّل الأسرى على أثره إلى اتفاق مبدئي مع إدارة السجون الإسرائيلية، وانتهى إضرابهم عن الطعام، مقابل تلبية جملة من المطالب، أبرزها وقف تشغيل أجهزة تشويش الاتصالات، وتركيب هواتف عمومية والسماح باستخدامها 3 مرات أسبوعياً لمدة ربع ساعة لكل أسير.

وشمل الاتفاق، حسب نادي الأسير الفلسطيني، تخفيض إجمالي الغرامات التي فُرضت على الأسرى.

يقول علي المغربي إن الحركة الأسيرة "حققت إنجازاً لم يتحقق في تاريخها على مدار الإضرابات السابقة التي خاضتها، كونه أقصر إضراب فلم يستمر أكثر من 8 أيام، وبأقل عدد من الأسرى المشاركين، وبأكبر مطلب تحقق وهو الهاتف العمومي".

ويوضح المغربي "نحن نتحدث عن شيء نوعي سوف يدخل إلى جغرافية السجون، لأننا نتحدث عن شريحة النساء والفتيات الفلسطينيات المأسورات اللائي لم يتمكنّ طيلة عشرات السنوات الماضية من التواصل مع ذويهنّ، كون بعض الأسيرات ممنوعات من الزيارة، كما هو الحال مع باقي الأسرى الأشبال والمرضى والمعزولين".

يضاف إلى مكتسبات "معركة الكرامة 2" حسب المغربي، إعادة الحال في سجون الاحتلال إلى ما كان عليه قبل 16 فبراير/شباط عام 2019 حين بدأ تنفيذ الإجراءات العقابية.

نطالب بوضع إستراتيجية وطنية فلسطينية تعمل على تحرير الأسرى وليس فقط على مساندتهم

علي المغربي
ماذا بعد؟

تواصل المؤسسات العاملة في ملف الأسرى الفلسطينيين العمل على مساندتهم بكل الوسائل المتاحة، ولا يُعَدّ ذلك كافياً، حسب المغربي الذي يقول "نطالب بوضع استراتيجية وطنية فلسطينية تعمل على تحرير الأسرى ليس فقط مساندتهم".

ودعا المغربي إلى تضافر جهود المؤسسات الرسمية والأفراد للعمل من أجل الأسرى، وتحويل قضية الأسرى إلى قضية عالمية تعرض قصص الاضطهاد اليومية التي يعيشونها. وحذر من تكرر مشاهد سجن أبوغريب وغوانتانامو بحق الأسرى الفلسطينيين داخل السجون الإسرائيلية.

الأسيرة إسراء الجعابيص تعد الأكثر صعوبة من حيث الحالة الصحية ومماطلة الاحتلال في علاجها
فلسطينيون يتجمعون أمام اللجنة الدولية للصليب الأحمر في غزة بمناسبة يوم الأسير الفلسطيني (AA)
مظاهرة في مدينة نابلس للفت الانتباه إلى معاناة الأسرى في السجون الإسرائيلية (AA)
TRT عربي
الأكثر تداولاً