يواصل حرس الحدود اليوناني الاعتداء على المهاجرين وإرغامهم على العودة إلى الأراضي التركية (DPA)
تابعنا

تعد موجة النزوح التي تشهدها محافظة إدلب السورية منذ ديسمبر/كانون الأول الماضي، الأسوأ منذ بدء النزاع في سوريا قبل نحو تسع سنوات، إذ فر نحو 700 ألف شخص من التصعيد العسكري لقوات النظام، وفق ما أعلنت الأمم المتحدة.

وقبل أن تتدخل تركيا لوقف التصعيد ضد إدلب ولدفع النظام نحو حدود اتفاق سوتشي الذي أبرمته أنقرة مع موسكو، حذر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش نهاية فبراير/شباط الماضي من أن استمرار العمليات العسكرية للنظام السوري وحلفائه في محافظة إدلب ستكون له "عواقب وخيمة لا يمكن التنبؤ بها".

وأضاف غوتيريش في مؤتمر صحفي بالمقر الدائم للأمم المتحدة في نيويورك، أن القتال يتقدم الآن إلى مناطق بها نسبة تجمعات سكنية عالية الكثافة.

وأوضح أن نحو 900 ألف شخص -غالبيتهم العظمى من النساء- نزحوا من مناطق الشمال السوري.

وأضاف: "يوجد ما يقدر بنحو 2.8 مليون شخص في شمالي غربي سوريا يحتاجون إلى المساعدات الإنسانية".

وتنتشر في محافظة إدلب اليوم عشرات المخيمات وغالبيتها يتركز قرب الحدود التركية شمالاً. وتفاقم موجة النزوح اليوم الوضع الإنساني السيئ أساساً في إدلب، منذ نزوح أكثر من 400 ألف شخص منذ نهاية إبريل/نيسان حتى نهاية أغسطس/آب من العام الماضي، جرّاء حملة عسكرية مماثلة لنظام الأسد بدعم من موسكو في تلك الفترة.

تركيا تتحمل العبء وحدها

قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في كلمة ألقاها السبت، أثناء مشاركته في لقاء مع نواب حزبه "العدالة والتنمية" في إسطنبول، إن تركيا تستضيف 3.7 ملايين سوري على أراضيها، وأنها غير قادرة على استيعاب موجة جديدة من المهاجرين.

وأكد أن التاريخ والثقافة والعقيدة التركية لا تسمح لحكومة أنقرة بترك أهالي إدلب لمصيرهم تحت رحمة النظام السوري.

وأشار إلى أن حوالي 3 - 4 ملايين شخص يعيشون وسط الدمار في إدلب حالياً، مؤكداً إصرار بلاده على الوقوف إلى جانب أهالي إدلب.

وأكد أن تركيا تواصل جهودها لإنشاء منطقة آمنة فعلياً بعمق 30 كيلومتراً على طول حدودها المشتركة مع سوريا.

وحذّر الرئيس التركي دول القارة الأوروبية من تدفق ملايين اللاجئين والمهاجرين نحو أراضيها.

جاء ذلك في كلمة ألقاها خلال مشاركته في فاعلية لحزب العدالة والتنمية بالعاصمة أنقرة.

وقال أردوغان في هذا السياق: "منذ فتح حدودنا أمام اللاجئين، بلغ عدد المتدفقين نحو الدول الاوروبية مئات الآلاف وسيصل هذا العدد إلى الملايين".

وأكد أردوغان أن بلاده عازمة على عدم تحمل عبء مستدام لملايين اللاجئين على حدودها والفارّين من النظام الظالم والمنظمات الإرهابية.

وأوضح أن تركيا تكافح في سوريا من أجل أمن أراضيها وإنهاء الأزمة الإنسانية التي يعاني منها ملايين السوريين.

تركيا تقرر ألا تكون وحدها

وتابع الرئيس التركي أردوغان في معرض حديثه عن أوضاع اللاجئين بعد قرار تركيا ترك الحرية للاجئين في مسألة بقائهم أو مغادرتهم للأراضي التركية باتجاه أوروبا: "تركيا هي التي تستضيف 3.7 مليون سوري على أراضيها وأكثر من مليون سوري قرب حدودها الجنوبية، وليست روسيا أو إيران أو دولة أخرى، فمنذ 9 أعوام ونحن نتحمل أعباء اللاجئين وحدنا".

وأردف: "منذ سنوات وتركيا تدعو الغرب لإنشاء منطقة آمنة في سوريا لإيواء الفارّين من ظلم النظام، فلم يحركوا ساكناً، لكن عندما قررنا فتح الحدود أمام اللاجئين نحو أوروبا بدأت الاتصالات تنهال علينا".

ووضع أردوغان الدول الأوروبية أمام خيارين، قائلاً: "إما أن نوفر لهؤلاء عيشة كريمة على أراضيهم، أو ستتحملون نصيبكم من أعبائهم".

الغرب يلعب دور المتفرج

في الوقت الذي يشاهد فيه الغرب التقارير الأممية حول الأزمة الإنسانية التي قد ينتجها استمرار النظام في الهجوم على إدلب وستتحمل تركيا تكلفتها بالكامل، لم تحرك أوروبا ساكناً واكتفت بمشاهدة مئات الآلاف ينزحون من الحرب باتجاه الحدود التركية-السورية. قبل أن يقرر الجيش التركي التدخل لوضع الأمور في نصابها فيما يخص ملف إدلب بإطلاق عملية "درع الربيع" ضد خروقات النظام السوري لاتفاقية سوتشي. تنصل الغرب من مسؤولياته في قضية اللاجئين سابق على ملف إدلب، إذ قال وزير الخارجية التركي مولود جاوش أوغلو إن الاتحاد الأوروبي لم يدفع نصف تعهداته تجاه اللاجئين السوريين المقيمين في تركيا، والمقدرة قيمتها بـ6 مليارات يورو.

وأوضح جاوش أوغلو في تصريح لصحيفة يبلد الألمانية في 23 يناير/كانون الثاني الماضي، أن الاتحاد الأوروبي كان قد تعهد بدفع 3 مليارات يورو نهاية 2016، ومثله في نهاية 2018.

وأضاف قائلاً: "ها نحن الآن في عام 2020، والاتحاد لم يسدد الدفعة الأولى بشكل كامل، فمن أخلف وعده، تركيا أم الاتحاد الأوروبي؟".

وأشار إلى أن المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل لعبت دوراً مهماً في توقيع اتفاقية إعادة القبول المبرمة بين أنقرة والاتحاد الأوروبي، مبيناً أن حكومة برلين دافعت منذ البداية عن الاتفاقية.

وتابع قائلاً: "انظروا إلى موجات اللجوء التي كانت تنتقل من تركيا إلى الجزر اليونانية، فقبل الاتفاقية كان العدد يصل إلى 7 آلاف يومياً، بينما تراجع هذا العدد بعد الاتفاقية إلى حدود 57 يومياً، ومن هنا يمكنكم أن تدركوا الجهة التي صدقت بوعدها والجهة التي أخلفت".

ولفت إلى أن ألمانيا تعاني مصاعب جرّاء رفض بعض دول وسط أوروبا وشرقها قبول اللاجئين.

وأردف قائلاً: "كنا نستطيع فتح حدودنا مع أوروبا أمام اللاجئين، نظراً إلى وجود بنود في الاتفاقية لم تلتزمها أوروبا، مثل رفع تأشيرة الدخول وتحديث الاتفاق الجمركي وغيرها، لكننا التزمنا الاتفاقية ولم نفسح المجال للاجئين للتوجه نحو أوروبا".

تركيا تضع الغرب أمام المرآة

عقب القرار التركي بفسح المجال أمام اللاجئين فيما يخص رحليهم نحو الحدود الأوروبية، بدأت التصريحات الأوروبية تستوعب ما حذرت منه تركيا مراراً. فأعلنت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل أن منطقة إدلب السورية تحتاج إلى وقف إطلاق نار وتأسيس منطقة آمنة تستوعب النازحين، وهو ما تطالب به تركيا منذ أكثر من 5 سنوات.

وقالت ميركل في مؤتمر صحفي ببرلين الاثنين: "توجد حاجة إلى وقف إطلاق النار، فنحن بحاجة إلى منطقة آمنة لمئات الآلاف من النازحين السوريين الموجودين على حدود تركيا".

وأضافت أن تركيا تستضيف أكثر من 3 ملايين لاجئ سوري ومليون أفغاني وإيراني، وهي تواجه تحدياً صعباً بسبب ما تشهده إدلب.

وأشارت إلى أنها تناولت خلال مباحثاتها مع الرئيس رجب طيب أردوغان، قضية المساعدات الإنسانية ووقف إطلاق النار وتقديم مساعدة إضافة إلى تركيا.

وأضافت: "الرئيس التركي يعتقد أنه لم يتلقَّ الدعم الكافي من أوروبا".

ولفتت إلى أنها "تتفهم تطلع الحكومة التركية والرئيس أردوغان للحصول على قدر أكبر من العون من أوروبا".

تصريحات ميركل تذكّر برفض الرئيس الأمريكي باراك أوباما في 2016 فكرة إنشاء "منطقة آمنة" شمالي سوريا، داعياً في الوقت نفسه إلى "إعادة إرساء" الهدنة بين الفصائل العسكرية وقوات النظام.

المفارفة أن رفض أوباما جاء خلال مؤتمر صحفي مع المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل بمدينة هانوفر الألمانية. وتصريحات المستشارة الألمانية تأتي في الوقت الذي يواصل فيه اعتداء حرس الحدود اليوناني إرغام المهاجرين على العودة إلى الأراضي التركية عبر نهر مريج، بينما يتعين عليها تسجيلهم لديها.

وأوضحت مصادر أمنية لوكالة الأناضول، أن 55% من أصل نحو 130 ألف مهاجر غير نظامي ألقي القبض عليه العام الحالي، أعادتهم اليونان قسراً إلى تركيا، بشكل يتعارض مع اتفاقية جنيف والاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان واتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب.

وأكدت المصادر ازدياد وتيرة تلك الممارسات غير القانونية من قبل الجانب اليوناني في الأشهر الأخيرة.

وذكرت أن معظم المهاجرين الذين تُدفع عنوة نحو تركيا، تعثر عليهم السلطات التركية على الشريط الحدودي وهم مصابون ومنهكون من التعب.

وأوضحت أن ما لا يقل عن نحو 5 - 6 آلاف مهاجر خضعوا للعلاج في المشافي التركية هذا العام، جرّاء كدمات وإصابات مختلفة، ناجمة عن تعرضهم للضرب من قِبل حرس الحدود اليوناني.

وقُتل لاجئ سوري الاثنين 2 مارس/آذار، عند الحدود التركية اليونانية، بعدما أصيب برصاص أطلقته القوات اليونانية لمنع تدفق اللاجئين الذين فتحت تركيا الحدود أمامهم للتوجه إلى أوروبا.

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً