خلف أشرطة فضية وطبقة بيضاء من الماكياج مزيّنة برسوم، تُبقي نيفي إمينكوفا عينيها مغمضتين في حفل زفافها.
وتحتفل المرأة الشابة (21 عاماً)، في قرية ريبنوفو الجبلية في بلغاريا، بطقوس زواج كانت تتبع قديماً وتمكّنت أقلية بوماك المسلمة من الحفاظ عليها، رغم سياسات الاستيعاب التي عانت منها في الحقبة الشيوعية.

ويستمر هذا التقليد المفعم بالألوان ليومين كاملين، ويبلغ ذروته مع الرسم على وجه العروس.
ويتمثّل هذا المشهد المسمّى "غيلينا" بوضع طبقة بيضاء سميكة على الوجه قبل لصق حبات لامعة ملوّنة.

وتقول العروس التي لا تفتح عينيها إلا بعد إعلان الإمام عقد القران: "أردنا الزواج بالطريقة المحلية"، وفق حديثها لوكالة الصحافة الفرنسية.
ويضيف خطيبها شابان كيسيلوف: "لم تسنح لوالديّ فرصة لإقامة احتفال مماثل، فاخترت هذه الطقوس القديمة لإسعادهما".

ويعتبر الشاب البلغاري (24 عاماً) الذي لا تتناسب ملابسه العادية مع زينة شريكته أنّ رهانه نجح، ويقول "يبدو أنّ والديّ سعيدان أكثر منّا!".
ويعرب عدد كبير من سكان هذه المنطقة التي تضم ثلاثة آلاف نسمة، عن فخرهم بإعادة إحياء حفلات الزفاف التقليدية التي طواها النسيان في أماكن أخرى.
وكانت السلطة المعادية أصلاً للمسيحية الأرثوذكسية في ظل النظام الشيوعي الذي انهار عام 1989، قاسية جداً على المسلمين.

ويقول ميهايل إيفانوف، وهو مؤلّف دراسة واسعة عن البوماك، إنّ "السلطة في سبعينات القرن الماضي ذهبت إلى حد تغيير الأسماء واستبدالها بألقاب ذات طابع ديني".
وعانت من هذه السياسة سلالة البلغار الذين أصبحوا مسلمين خلال الحكم العثماني (في القرنين الرابع عشر والتاسع عشر).

ويؤكد الخبير والمستشار السابق لرئاسة الجمهورية في موضوع الأقليات أنّ محاولات أولى للاستيعاب جرت في ريبنوفو عام 1964 وقوبلت بمقاومة شديدة.
ويعيش حالياً في بلغاريا نحو 200 ألف من البوماك، لكن هذه القرية الواقعة في جبال رودوبي وقرية أخرى في جنوب البلاد أعادتا إحياء هذا التقليد الشتوي.