وحسب ما نقلته صحيفة الغارديان البريطانية اليوم الخميس عن الأطباء، فإن عديداً من الوفيات وبتر الأطراف والجروح التي غيرت حياة للأطفال الذين عالجوهم جاء نتيجة إطلاق الصواريخ والقذائف في مناطق مكتظة بالمدنيين، محملةً بمعدن إضافي مصمم للتفتت إلى قِطَع صغيرة من الشظايا.
وصرح أطباء متطوعون في مستشفيين في غزة بأن أغلب العمليات التي أجروها كانت على أطفال أصيبوا بشظايا صغيرة تخلف جروحاً بالكاد يمكن تمييزها ولكنها تسبب دماراً واسع النطاق داخل الجسم. وقالت منظمة العفو الدولية إن هذه الأسلحة مصممة على ما يبدو لزيادة عدد الضحايا إلى أقصى حد.
ونقلت الصحيفة عن الجراح فيروز سيدوا، من كاليفورنيا، الذي عمل في المستشفى الأوروبي جنوب غزة في أبريل/نيسان الماضي، قوله إن نحو نصف الإصابات التي عالجها كان لأطفال صغار، أصيبوا بشظايا كانت صغيرة جداً، "لدرجة أنك تفوتها بسهولة في أثناء فحص المريض"، إذ إنّ الإصابات أصغر بكثير من أي شيء رآه من قبل، لكنها تسببت في أضرار هائلة في الداخل، حسب تعبيره.
وقال خبراء الأسلحة للصحيفة إن الشظايا والجروح تتسق مع الأسلحة الإسرائيلية المصممة لخلق أعداد كبيرة من الضحايا، على عكس الأسلحة التقليدية الأكثر شيوعاً المستخدمة لتدمير المباني، إذ يتساءل الخبراء عن سبب إطلاقها على مناطق مكتظة بالمدنيين.
وتحدثت صحيفة الغارديان مع ستة أطباء أجانب عملوا في مستشفيين في غزة، هما الأوروبي والأقصى، خلال الأشهر الثلاثة الماضية. ووصفوا جميعاً مقابلتهم لإصابات بالغة ناجمة عن الأسلحة "الشظية"، التي قالوا إنها أسهمت في معدلات مثيرة للقلق من عمليات بتر الأطراف منذ بدء الحرب.
وأضافوا أن الإصابات شوهدت لدى بالغين وأطفال، لكن من المحتمل أن تكون الأضرار التي لحقت بالأجسام الأصغر أكثر شدة.
وقال سيدوا: "الأطفال أكثر عرضة لأي إصابة نافذة لأن أجسامهم أصغر. أجزاؤهم الحيوية أصغر وأسهل في تعطيلها. عندما يُصاب الأطفال بتمزق الأوعية الدموية تكون أوعيتهم الدموية صغيرة جداً بالفعل، لذلك يصعب جداً إعادة توصيلها. الشريان الذي يغذي الساق، الشريان الفخذي، لا يزيد سمكه على حجم المعكرونة عند طفل صغير. إنه صغير جداً جداً. لذلك فإن إصلاحه والحفاظ على طرف الطفل متصلاً به أمر صعب للغاية".
بدوره، عمل مارك بيرلموتر، جراح العظام من نورث كارولينا، في نفس المستشفى الذي عمل فيه سيدوا.
وقال: "أكثر الجروح شيوعاً هي جروح الدخول والخروج التي يبلغ حجمها ملليمتراً واحداً أو اثنين".
وأكد بيرلموتر أن الأطفال الذين أصيبوا بقطع متعددة من الشظايا الصغيرة غالباً ما يموتون، والعديد من الناجين فقدوا أطرافهم.
وتمكنت منظمة العفو الدولية لأول مرة من التعرف على الذخائر المعبأة بالمكعبات المعدنية المستخدمة في صواريخ سبايك في غزة في عام 2009.
وفي تقرير صدر حينها قالت منظمة العفو الدولية: "يبدو أن هذه القنابل مصممة لإحداث أقصى قدر من الإصابات، وفي بعض النواحي تبدو كأنها نسخة أكثر تطوراً من الكرات أو المسامير والبراغي التي غالباً ما تضعها الجماعات المسلحة في الصواريخ البدائية والقنابل الانتحارية".
وقال تريفور بول، وهو فني سابق في الجيش الأمريكي متخصص في التخلص من المتفجرات، إن الأسلحة المزودة بأغلفة شظايا هي "ذخائر صغيرة نسبياً" مقارنة بالقنابل التي لها منطقة انفجار واسعة والتي ألحقت أضراراً أو دمرت أكثر من نصف المباني في غزة. ولكن لأنها معبأة بمعادن إضافية فهي مميتة للغاية، وعادة ما تقتل الشظايا من صاروخ سبايك وتسبب إصابات خطيرة على مسافة 20 متراً.
وقد تساءل خبير أسلحة آخر، صرّح للصحيفة ورفض الكشف عن اسمه لأنه يعمل أحياناً لحكومة الولايات المتحدة، عن استخدام هذه الأسلحة في مناطق غزة المكتظة بالمدنيين.
وقال: "الادعاء هو أن هذه الأسلحة أكثر دقة وتحدّ من الإصابات في منطقة أصغر.. لكن عندما يجري إطلاقها على مناطق بها تجمعات كبيرة من المدنيين الذين يعيشون في العراء دون أي مكان يحتمون به، يعرف الجيش أن معظم الضحايا سيكونون من هؤلاء المدنيين".