طائرة إماراتية تهبط في مطار "بن غوريون" الإسرائيلي للمرة الثانية خلال أقل من 3 أسابيع (صحيفة يدعوت أحرنوت الإسرائيلية)
تابعنا

كان للمعلومات التي كشفتها صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية قبل عامين ونيف عن وجود خط طيران سري بين تل أبيب وأبو ظبي، قيمة كبيرة نابعة من كونها مصدر إحراج لدولة عربية مثل الإمارات فُضحت علاقتها السرية باحتلال يغتصب حقوق الشعب الفلسطيني، لكن الوضع تغير الآن، وأصبحت الإمارات تجاهر بتطبيعها مع الاحتلال، في العديد من المناسبات وتوطد علاقتها به.

وتصاعدت عمليات التطبيع بين أبو ظبي وتل أبيب في الآونة الأخيرة، وتفاخر بها رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إذ بلغت ذروتها باستقبال وزيرة الثقافة والرياضة السابقة ميري ريغف المعروفة بمواقفها الفظة والعنصرية للفلسطينيين، في عدة مرافق ومؤسسات في الإمارات منها مسجد زايد الكبير.

ومع الوقت، تراكمت حوادث التطبيع واحدة تلو الأخرى، وأصبحت وسيلة الاحتلال للتباهي بعلاقته بدول عربية أنقذته من عزلته في الشرق الأوسط، وبدأت تتقبله كدولة صديقة، بدلاً من دولة احتلال.

وما إن هبطت الطائرة الإماراتية في مطار "بن غوريون"، حتى سارعت الأذرع الإعلامية الإسرائيلية بالتباهي بالعلاقات مع دولة الإمارات العربية، وظهر التطبيع هذه المرة علناً ودون أي خشية من الانتقادات الفلسطينية والعربية.

واحتفت الأوساط الإسرائيلية بهبوط الطائرة الإماراتية، ونشرت وسائل إعلام مقاطع فيديو وصوراً لهبوطها في المطار بشعارها الرسمي.

واعتبر حساب "إسرائيل بالعربية" في تغريدة له على تويتر، أن لحظة هبوط الطائرة هي "لحظة تاريخية"، "بعد رحلة مباشرة من أبو ظبي وعلى متنها مساعدات إنسانية للفلسطينيين لمواجهة فيروس كورونا".

من جانبه، وصف المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي أفيخاي أدرعي، هبوط الطائرة الإماراتية بـ"الحدث التاريخي"، فيما عبر إعلاميون إسرائيليون عن آمالهم في أن تكون الرحلة فاتحة لعلاقة طبيعية وعلنية بين إسرائيل ودولة الإمارات.

وعبر حساب "إسرائيل في الخليج" عن أمله أن تحمل الرحلات القادمة سياحاً من الإمارات إلى إسرائيل.

إعلان هوية الطائرة.. رسالة للفلسطينيين

ودون إخفاء معالمها وهويتها، أو أي تنسيق مع الفلسطينيين، وللمرة الثانية في غضون ثلاثة أسابيع، حطت الطائرة الإماراتية تحمل ألوان العلم الإماراتي وبقية إشارات شركة الطيران الإماراتية، بخلاف الطائرة السابقة التي لم تفصح عن هويتها من الخارج، حين هبطت في مطار بن غوريون قبل ثلاثة أسابيع بدعوى شحن مساعدات طبية للفلسطينيين.

ونقلت القناة السابعة الإسرائيلية عن الحاخام مارك شناير الذي يشغل منصب مستشار ملك البحرين قوله: "وجود شعار الإمارات على الطائرة التي هبطت في تل أبيب ولم يجرِ إخفاؤه هو بحد ذاته رسالة من أبو ظبي للفلسطينيين مفادها أن الغضب لن يجدي نفعاً ولن نتراجع، في المرة السابقة جئنا بلا شعار، ورفضتم ما أرسلناه لكم بسبب تعاملنا مع إسرائيل ولكن هذه المرة جئنا بشعارنا بشكل واضح، لنرى ماذا أنتم فاعلون".

وأضاف: "مسؤولون رفيعو المستوى في الدول الخليجية يقولون لنا إنهم يريدون بناء علاقات مع إسرائيل خاصة للحرب على كورونا، هناك فروقات أيدلوجية ولكن الحرب على كورونا فوق كل شيء، يجب أن نعمل معاً".

وأكدت الإذاعة الإسرائيلية أن وصول الطائرة الإماراتية الثانية قد سبقه اتصالات وعمليات تنسيق بين وزارة خارجية الاحتلال وما يعرف بـ"منسق أعمال الحكومة في الضفة الغربية" المحتلة، مرجحة أنها تحمل ماكينات للتنفس الاصطناعي، فيما نفى رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية، في وقت سابق من الثلاثاء، أي تنسيق من قبل الإمارات مع حكومته، بشأن أي مساعدات محتملة، تحملها طائرة إماراتية، من المقرر أن تهبط مساء في مطار بن غوريون.

لا علم لنا بتلك المساعدات، وقد سمعنا عنها من وسائل الإعلام، ولم ينسق معنا بشأنها. نُرحب بأي مساعدات دولية لنا، لكن بعد التنسيق والحديث معنا مباشرة

رئيس الوزراء الفلسطيني - محمد اشتية
راعية السياسات التآمرية

وسبق أن أرسلت الإمارات طائرة مساعدات طبية للسلطة الفلسطينية الشهر الماضي، لكن السلطة الفلسطينية رفضت استقبالها واحتجت على وصولها عن طريق الاحتلال ودون التنسيق معها بل بالتنسيق مع سلطات الاحتلال.

واعتبرت السلطة الفلسطينية أن الحديث يدور فعلياً عن عمليات تطبيع تقوم بها الإمارات مع إسرائيل عن طريق تقديم مساعدات للفلسطينيين، رافضة أن تكون جسراً للتطبيع بين أطراف عربية وإسرائيل بذريعة معونات طبية وإنسانية.

في السياق ذاته، قالت "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين"، إن إصرار دولة الإمارات، على تطبيع علاقاتها مع إسرائيل، يؤكد أنها "راعٍ ومنفذ للسياسات التآمرية الإسرائيلية والأمريكية في المنطقة العربية".

وقالت الجبهة في بيانٍ إنّ "تصاعد وتيرة التطبيع بين الإمارات وإسرائيل، والوصول لحد تسيير رحلات طيران مباشرة بينهما، يُشكل إمعاناً في طعن القضية الفلسطينية وتضحيات شعبنا وأمتنا العربية".

مساعدة الفلسطينيين.. حجة للتطبيع

ونوهت إذاعة الاحتلال إلى أن المعدات والأدوات الطبية التي وصلت لمطار بن غوريون قبل ثلاثة أسابيع ما زالت في أرض المطار، مرجحة أن تحول لأيدٍ إسرائيلية بنهاية المطاف.

ورغم أن صحيفة "يديعوت أحرنوت" الإسرائيلية قالت إن الطائرة الإماراتية على ما يبدو تحمل مساعدات إنسانية للفلسطينيين من أجل مكافحة فيروس كورونا"، إلا أنها كشفت رفض مسؤولين إسرائيليين التعقيب المباشر على سبب هذه الرحلة، وماهية المواد التي تحملها".

ونقلت الصحيفة عن مصدر إماراتي لديه علاقة بالموضوع قوله "هدف الطائرة هو ليس التطبيع إنما حمل مواد للفسطينيين، ورغم ذلك هناك من سلط الأضواء على الموضوع واتهموا الإمارات بتطبيع العلاقات مع إسرائيل، نحن أرسلنا فعلاً مساعدات لكل العالم وحتى إيران رغم المشاكل التي بيننا على صعيد سياسي وأيدلوجي".

وأضاف المصدر الإماراتي: "يجب أن يفهم الجميع أنه ورغم عدم التوافق في الرؤى سياسياً، لا يوجد أي فرق بيننا، أعتقد أنه يجب أن نجد حلاً للقضية الفلسطينية يضمن حياة مشتركة، سوى ذلك لا أرى أي مشكلة في إقامة علاقات رسمية مع إسرائيل".

من جانبها، أشارت صحيفة "يسرائيل هيوم" المقربة من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، إلى أن "الطائرة الإماراتية تسبب خيبة أمل للفلسطينيين، وهي دليل على تواصل تعميق العلاقات بين أبو ظبي وتل أبيب".

تطبيعٌ قديم

وبالتزامن مع أخبار الطائرة الإماراتية، نشرت صحيفة "يدعوت أحرنوت" تقريراً مفصلاً عن حفل الختان اليهودي الأول من نوعه في أبو ظبي، واحتفت بالحدث معرجة على افتتاح أول كنيس يهودي في الإمارات عام 2022.

وأقيم الحفل اليهودي المعروف أيضاً باسم بـ"ريت ميلاه" باللغة العبرية، بالتعاون مع mohel (العبرية للختان) الذي يعمل في الإمارات العربية المتحدة منذ عدة سنوات.

وعقب الحفل، عقد الحاخام يهودا تيتشتال اجتماعاً مطولاً مع السفير الألماني لدى الإمارات بيتر فيشر حول الحياة اليهودية الناشئة في أبوظبي. وتحدث الحاخام فيما بعد إلى مسؤول إماراتي رفيع المستوى.

وأشارت الصحيفة إلى أن "الجالية اليهودية الجديدة في أبو ظبي تتطور، في ضوء جهود السلطات المحلية لإثبات انفتاحها الديني".

وأضافت: "وسائل الإعلام المحلية أفادت أن بناء أول كنيس يهودي في الدولة الإسلامية سيبدأ في عام 2021 وسيكتمل بحلول عام 2022. وسيكون جزءاً من مجمع متعدد الأديان في أبو ظبي يسمى بيت العائلة الإبراهيمية والذي سيشمل أيضاً كنيسة ومسجداً، وجرى رفع بناء المجمع لأول مرة في فبراير/شباط الماضي، بعد الزيارة التاريخية للبابا فرنسيس في الإمارات العربية المتحدة، والتي اعترفت خلالها السلطات الإماراتية بالجالية اليهودية في البلاد لأول مرة".

ونوه التقرير إلى "أن الرأي العام في الدولة العربية مؤيد إلى حد كبير للفلسطينيين، وهناك كثر من الشعب الإماراتي ينظرون إلى العلاقات الدافئة مع إسرائيل كشكل من أشكال الخيانة".

من جانب آخر، تعددت أشكال التطبيع في الإمارات، في جميع مناحي الحياة، وبالإضافة إلى سرقة الاحتلال للطعام الفلسطيني ونسبه للتراث الإسرائيلي، افتتحت إسرائيل أول خدمة طعام "يهودي كاشير" في منطقة الخليج، حيث كشف حساب "إسرائيل بالخليج" عن افتتاح أول مطعم إسرائيلي في دولة الإمارات عبر واحدة من أعضاء الجالية اليهودية في الإمارات وتدعى إيلي كرييل، وذلك نتيجة الطلب المتزايد على الطعام اليهودي في البلاد.

وحمل عام 2019 كثيراً من خطوات التطبيع العلنية، إذ أعلنت دولة الاحتلال مشاركتها في معرض "إكسبو دبي 2020"، حسب هيئة البث الإسرائيلية.

وفي 15 ديسمبر 2019، توجه وفد من كبار المسؤولين في وزارة العدل الإسرائيلية إلى الإمارات للمشاركة في مؤتمر دولي حول مكافحة الفساد، ينظَّم بأبوظبي، وترأست الوفد الذي كان يضم مسؤولين كباراً من القسمين الجنائي والدولي في النيابة العامة الإسرائيلية، دينا زيلبر، نائبة المدعي العام، الذي يضم مسؤولين كباراً، حسب صحيفة يدعوت أحرنوت الإسرائيلية.

ومطلع يوليو الماضي، زار وزير الخارجية الإسرائيلي، يسرائيل كاتز، أبوظبي، وشارك في مؤتمر الأمم المتحدة لشؤون البيئة، والتقى مسؤولاً إماراتياً كبيراً، وطرح مبادرة للسلام الإقليمي.

خلال زيارته للعاصمة الإماراتية أبو ظبي، قال وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس: "أنا متحمس للتواجد هنا في أبو ظبي...

Posted by ‎إسرائيل تتكلم بالعربية‎ on Monday, 1 July 2019

في السياق ذاته، نشرت حسابات سفارات دولة الإمارات في عدة دول، تهاني لليهود بمناسبة احتفالهم بما يسمى "عيد الحانوكا" (الأنوار)، وهو نوع من التلاطف لقي انتقاداً كبيراً.

وقبل ذلك، تبادل نتنياهو، ووزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد، تغريدات تروّج لتطبيع العلاقات بين "إسرائيل" ودول عربية وإسلامية، على منصة "تويتر". وأعاد نتنياهو نشر تغريدة لوزير الخارجية الإماراتي، على حسابه بـ"تويتر"، معرباً عن سعادته بما "يتم من تنسيق بين إسرائيل وبعض الدول العربية".

ومن الطعام والعلاقات السياسية والتهاني، إلى الرياضة، إذ أعربت وزارة الخارجية الإسرائيلية عن فخرها بارتفاع عَلمها بإحدى الدول العربية مجدداً، من خلال وفدها الرياضي المشارك في الأولمبياد الخاص الذي أقيم بدولة الإمارات، في مارس/آذار 2019، مؤكدة أنه أكبر وفد رياضي يمثلها في بطولة رياضية على أرض عربية.

وفي مايو 2019، شارك دراجون إماراتيون وبحرينيون في طواف إيطاليا الشهير الذي استضافته إسرائيل.

ومؤخراً، افتتح في دولة الإمارات حساب على تويتر باللغة العبرية يحمل اسم “الإمارات بالعبرية“، ويشير موقع “ماكور ريشون ” الإسرائيلي إلى أن الحساب يزيد الاعتقاد بأن الإمارات تسعى إلى التواصل مع الشعب اليهودي وتعميق علاقاتها بإسرائيل بشكل أوسع.

حاخام يهودي والد الطفل الإسرائيلي يؤدون أول عملية ختان في الإمارات العربية المتحدة (صحيفة يدعوت أحرنوت)
TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً