يستمر تبادل الاتهامات بين الصين ودول أوروبية بشأن آليات مكافحة كورونا، وسط شكوك بأهداف ونوايا الصين (Reuters)
تابعنا

يبدي الساسة الأوروبيون استياءهم من التمدد الجيوسياسي للصين في داخل القارة الحقيقية، فقد أخطأت الصين في البداية في طرق المكافحة والإعلان عن الفيروس، وتخطئ الآن في إرسال معدات غير صالحة وتساهم بانتشار الفيروس أكثر.

ومنذ بداية الأزمة، أبدى العالم انزعاجه من الصين لعدم كشفها عن الأرقام الحقيقية للمصابين بالفيروس،وأبدى البيت الأبيض "خيبة أمل كبيرة" بسبب عدم تعامل الصين بشفافية كافية مع الفيروس، معتبراً أن غياب الشفافية يصعّب تحليل الوضع وتقييم مخاطر الوباء وإيجاد علاج مناسب له، حسب وكالة الأنباء الفرنسية.

وجاء الانزعاج بعد الكشف عن أرقام مخيفة عن الفيروس، بعد أن أقالت بكين مسؤولي الحزب الحاكم في مقاطعتي هوبي وهونغ كونغ المنكوبتين، إذ أظهرت صورة من أكبر موقع إخباري صيني حصيلة لقتلى فيروس كورونا في الصين تفوق الحصيلة الرسمية التي أعلنتها بكين بـ80 مرة، وهو أمر أثار مخاوف عالمية كبيرة، حسب تقرير لصحيفة "دايلي ميل" البريطانية.

نشعر بخيبة أمل كبيرة بسبب غياب الشفافية من جانب الصينيين

المستشار الاقتصادي للرئيس الأمريكي - لاري كودلو

وقالت الصحيفة البريطانية إن "هذه الأنباء تأتي وسط تكهنات واسعة النطاق بأن الحزب الشيوعي في بكين ربما يقمع الأخبار المتعلقة بالفيروس".

ولا يختلف الأمر مع الدول الأوروبية التي انقسمت بالفترة الأخيرة بين المرحب بالمساعدات الصينية والروسية، وبين المنتقد لها، الأمر الذي كشف عن الأزمة العميقة في النظام العالمي بشكل عام وهشاشة أنظمة الدول الأوروبية في تخطي الأزمة، من خلال عجزها عن التصدي للوباء.

واتهمت فرنسا كلاً من الصين وروسيا باستغلال المساعدات الخاصة بمواجهة كورونا من أجل الدعاية، إذ عبرت عن استيائها من استثمار البلدين للمساعدات التي تقدمانها في مجال مكافحة فيروس كورونا لغايات دعائية.

لا يتعين على روسيا والصين استخدام المساعدة التي يأتون بها في سياق الأزمة الصحية كأداة لغايات دعائية

وزيرة الدولة الفرنسية للشؤون الأوروبية - إميلي دو مونشالان

تبادل الاتهامات

وعن الأبعاد الحقيقية التي تقف وراء هذا الاستياء يقول الباحث في مركز جنيف للدراسات السياسية ناصر زهير لـTRT عربي، إن السبب هو سياسة الصين في التعامل مع فيروس كورونا وانتشاره حول العالم وطرق مكافحته، منذ اعتقال الطبيب الذي اكتشف الفيروس ومن ثم وفاته ليتأخر العالم في اتخاذ الإجراءات الضرورية، وهي وجهة نظر الدول الأوروبية.

ويرى زهير أن ما يزعج الأوروبيين الآن، هو استغلال الصين للموضوع سياسياً بإرسال مساعدات إلى إيطاليا بالذات أكثر من غيرها٫ باعتبار أنها خاصرة أوروبا الضعيفة التي ترزح تحت أزمة اقتصادية قبل فيروس كورونا، وهي الدولة الوحيدة التي وقّعت مع الصين اتفاقاً منفرداً في مشروع الحزام والطريق وخرجت عن الإجماع الأوروبي.

ويمكن القول إن "القشة التي قصمت ظهر البعير" كانت الأجهزة الصينية الفاسدة التي أعلنت عنها جميع الدول التي تم إرسال أجهزة إليها (إسبانيا، روما، بلجيكا، البرتغال)، إذ قالت تلك الدول أن ما نسبته 35% إلى40% من الأجهزة والمعدات غير صالحة والفحوصات كانت خاطئة ما ساهم في انتشار الفيروس، إذ تُقرأ نتائج الفحص بأن المريض غير مصاب وهو مصاب، حسب الباحث.

المخرج الأوروبي

ويشير الباحث إلى أنه "في ظل تصاعد أعداد الإصابات بفيروس كورونا في الدول الأوروبية، لم تبق أمام تلك الدول لمكافحة الفيروس خيارات سوى التعاون الدولي وفتح باب التعاون مع الولايات المتحدة وروسيا والصين بضوابط محددة، وتنحية الخلافات الحالية لمواجهة الوباء عالمياً".

ويعتقد الباحث أن الأوروبيين سيتجهون الآن إلى الانفتاح على العالم الدولي، وتحسين منظومتهم الصحية، وهو أمر متأخر بعض الشيء، لكنهم سيحاولون زيادة التضامن بين دول الشمال والجنوب، وقد بدأ الأمر فعلياً بتبادل المرضى بين الدول من أجل العلاج.

وعن الاتهامات بين الأوروبيين والصين يقول الباحث إنها ستبقى لمدة طويلة كما هي الاتهامات بين الصين والولايات المتحدة، لحين الكشف عن آلية انتشار الفيروس وطرق انتقاله.

ويضيف: "هناك محاولات أوروبية الآن لتجنب التصدع الأوروبي خاصة بعد تعالي أصوات اليمين المتطرف التي بدأت تستغل المساعدات الصينية والروسية للإعلان عن أن الأوروبيين تخلوا عن الإيطاليين والدول المنكوبة، وهو أمر غير صحيح، لأن جميع دول الاتحاد ترزح تحت الوباء".

وتأتي المساعدات الصينية في الوقت الذي تتصرف فيه كل دولة من دول الاتحاد الأوروبي وحدها، وتظهر الفرقة بين الدول ويتسع الشرخ فيما بينها لتدخل الصين وروسيا بقوتها الناعمة من خلال تلك الثغرات، التي زاد من اتساعها عزلة الولايات المتحدة وانشغالها بالمرض على أراضيها وهي المرشحة أن تحصل على لقب "بؤرة كورونا"، لتجد بعض الدول الأوروبية المنكوبة العزاء في المساعدات الصينة والروسية.

ويقول خبراء إن ما يحصل جاء بسبب تفرق وحدة الاتحاد الأوروبي وعدم تصرفه ككتلة واحدة، الأمر الذي فسح المجال لقوات دولية أخرى للدخول في الفراغ الذي حدث.

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً