يتسابق المشترون على شراء المنتجات المخفضة أسعارها بمناسبة الجمعة السوداء (AP)
تابعنا

يتردد إلى المسامع في مثل هذا الشهر من كل عام، وفي أوساط الحديث عن الشراء والتخفيضات الموسمية، مصطلح (بلاك فرايدي / black friday) أو الجمعة السوداء، حيث تبدأ حمى التنافس بين المحال التجارية وكذا بين الأفراد.

فما هي الجمعة السوداء؟ ولماذا سُميت بهذا الاسم؟ وكيف يمكن أن يستفيد منها المواطن العربي في بلده؟ وما انعكاسها على السلوك الاستهلاكي للفرد في مجتمعاتنا؟

الجمعة السوداء

انطلقت فكرة الجمعة السوداء من الولايات المتحدة الأميركية، وما لبثت أن اتسعت لتشمل مختلف الدول؛ إذ يستعد كثيرون في آخر جمعة من شهر نوفمبر/تشرين الثاني من كل عام للاستفادة من تخفيضات المتاجر الإلكترونية والمراكز التجارية، وتوافق الجمعة السوداء هذا العام يوم 23 نوفمبر/تشرين الثاني.

وتنقل وسائل الإعلام في كل عام صور الزبائن من شتى أنحاء العالم وهم يتفاعلون مع عروض هذا اليوم، مُظهرةً إياهم واقفين في طوابير طويلة أو يفترشون الأرضَ جانب المراكز التجارية، ليكونوا من أوائل المشترين، ويستفيدوا من التخفيضات الكبيرة قبل نفاد السلع.

تعود فكرة هذا اليوم إلى عام 1869، عندما شهدت الولايات المتحدة الأميركية أزمة مالية أدت إلى خسائر اقتصادية كبيرة، ما تسبب في تراجع حركة البيع، الأمر الذي دفع المتاجر إلى سياسة تخفيض الأسعار والتنافس في ذلك؛ لغرض دفع الناس إلى الشراء، حتى أصبح ذلك تقليداً أميركياً سنوياً.

رمزية اللون الأسود

تعود رمزية تسمية هذه الجمعة بالأسود إلى الاختناق والفوضى والازدحام في حركة المرور التي يسببها ذلك اليوم.

وقد تم تسجيل الاسم لأول مرة في عام 1966من قِبل تاجر الطوابع النادرة إيرل أبفيلبوم، إذ كتب في أحد إعلاناته: "الجمعة السوداء" هو الاسم الذي أطلقته إدارة شرطة فيلادلفيا على يوم الجمعة التالي لعيد الشكر.

ويفتح يوم الجمعة السوداء رسمياً موسم التسوق لأعياد الميلاد، ويجلب معه عادة ازدحاماً مرورياً هائلاً، وأرصفة مزدحمة بالركاب، حيث تتكدس المتاجر بالمشترين منذ فتحها وحتى إغلاقها".

الجمعة السوداء هو الاسم الذي أطلقته إدارة شرطة فيلادلفيا على يوم الجمعة التالي لعيد الشكر. ويجلب معه عادة ازدحاماً مرورياً هائلاً، وأرصفة مزدحمة بالركاب، حيث تتكدس المتاجر بالمشترين

إيرل أبفيلبوم

وقد تكون دلالة هذا اليوم تحققت مع تعدي الأمر إلى وجود وفيات وجرحى، حيث بلغت عدد الخسائر البشرية في سجل تاريخ الجمعة السوداء 10 حالات وفاة و111 جريحاً بحسب ما أحصاه الموقع الإلكتروني المختص بذلك blackfridaydeathcount.

في المجتمع العربي: جمعة بيضاء

انتقلت الفكرة الاستهلاكية الأميركية فيما يُعرف بالجمعة السوداء إلى البلدان العربية، ولكن باسم الجمعة البيضاء لما في اللون الأسود من دلالة رمزية ارتبطت بالتشاؤم في الثقافة العربية، ولخصوصية يوم الجمعة لدى العرب والمسلمين.

وتنتشر العديد من العروض الإعلانية للمحال التجارية في المجمعات التجارية، وكذا عبر مواقع التواصل الاجتماعي تحت اسم الجمعة البيضاء.

وبحسب استبيان لشركة فوربس الشرق الأوسط، فإن مبيعات معظم الشركات قد تضاعفت العام الماضي في يوم الجمعة البيضاء إلى ثلاث مرات عما كانت عليه العام الذي قبله.

ومن ذلك ما سجله موقع سوق الإلكتروني (SOUQ.com) ومقره دبي، وهو أقدم موقع للتجارة الإلكترونية تأسس عام 2005، حيث استطاع تحقيق أكبر عدد من المبيعات في تاريخه، محققاً مليون صفقة في فترة أربعة أيام.

وتعد الإلكترونيات الفئة الأكثر مبيعاً لمعظم مواقع التجارة الإلكترونية التي شاركت في الاستبيان.

ويقدم الموقع الإلكتروني مينتال فلوس قائمة بعدد من المواد التي يُفضَل شراؤها في يوم الجمعة السوداء والاثنين الإلكتروني الذي يتبعه، مثل مواد التجميل والكتب والدروس الإلكترونية وما يتعلق بالسفر من تذاكر طيران وفنادق وجولات سياحية، إذ تجرى تخفيضات كبيرة على أسعارها.

عروض الجمعة السوداء حقيقة أم وهم ؟

وفيما يتعلق بحقيقة عروض ما يعرف بالجمعة السوداء أو زيفها، يقول الباحث الاقتصادي أحمد مصبح لـTRT عربي إن الحديث عن حقيقة أو زيف تلك العروض يعتمد على قوة النظام الرقابي داخل البلد ووعي المستهلك.

ويضيف "يتمثل قوة النظام الرقابي للبلد بقيام الجهات المختصة في الدولة بالتأكد من العروض ومن الأسعار وجودة المواد المعروضة".

ويلفت مصبح إلى دور وعي المستهلكين في حمايتهم، مؤكداً ضرورة أن يكون لديهم سلوك عقلانى، كما يصف. وذلك من خلال شراء ما يلزم ومعرفة الأسعار الحقيقية ومقارنتها مع العروض للتأكد من مصداقيتها. إذ تقوم بعض الشركات (الماركات الشهيرة) باستغلال جهل البعض بالأسعار الحقيقة، وتقوم برفع الأسعار وليس تخفيضها، بحسب مصبح.

ويؤكد الباحث الاقتصادي على ضرورة تتبع المسار العام لأسعار السلع المخطط لشرائها بغية تجنب العروض الوهمية.

المواطن العربي والجمعة السوداء

يقدم الباحث الاقتصادي أحمد مصبح عدداً من النصائح للمواطن العربي الذي يرغب بالاستفادة من عروض الجمعة السوداء قائلاً: "كلما كان وعي المواطن العربي بآليات التسويق الإلكتروني وخباياه، كلما استطاع تحقيق استفادة قصوى من تلك العروض، وتجنب فروقات العملات أوعمليات التلاعب، وذلك من خلال متابعة عروض التسوق الإلكتروني، وتجنب الشراء لمجرد وجود العروض".

ويؤكد الدكتور مصبح على ضرورة "اتباع السلوك الرشيد في الإنفاق دون الإسراف غير المبرر، أو الانصياع لحمى العروض والتخفيضات".

ويرى الدكتور مصبح أن ما يعرف بالجمعة السوداء من شأنه أن يعزز الثقافة الاستهلاكية الغربية، ويؤثر على السلوك الاستهلاكي الفردي في المجتمعات العربية.

ويشير إلى أن قرار الشراء لدى المستهلك "أصبح سهلاً نوعاً ما، في ظل تزايد وانتشار استخدام بطاقات الائتمان، وكذلك العروض التي تقدمها البنوك، إضافة إلى طفرة السوشال ميديا وحجم العروض الكثيرة".

يُذكر أن مبيعات يوم العُزاب، أكبر مناسبة للتجارة الإلكترونية في أنحاء العالم، نافست هذا العام مبيعات يوم الجمعة السوداء. إذ حطمت مجموعة علي بابا، عملاق التجارة الإلكترونية الصيني، الرقم القياسي لمبيعات هذا اليوم متخطية مستوى 168 مليار يوان (24.15 مليار دولار) في أقل من 16 ساعة.

حصيلة عدد وفيات وجرحى الجمعة السوداء
مجموعة من الزبائن ينتظرون افتتاح المتاجر صباح الجمعة السوداء في الولايات المتحدة العام الماضي (AP)
TRT عربي
الأكثر تداولاً