صور لإحدى مذابح الاستعمار الفرنسي بالجزائر- أر (Others)
تابعنا

أحيت الجزائر الأحد "اليوم الوطني للمجاهد" تخليداً لذكرى هجمات الشمال القسنطيني عام 1955 وانعقاد مؤتمر الصومام بمدينة بجاية في العام التالي.

ويعتبر كلا الحدثين محطة مفصلية في مسار ثورة التحرير (1954-1962) من الاستعمار الفرنسي.

وفي تلك الفترة نفذ مجاهدون مدعومون بمواطنين عمليات في الشمال القسنطيني ضد الاستعمار الفرنسي، حيث استهدفوا مقرات عسكرية ومراكز اقتصادية لفرنسا.

وشكلت الهجمات نقطة دفع استراتيجية للثورة الجزائرية، بمنحها الحاضنة الشعبية وفضح الاستعمار الفرنسي أمام الرأي العام العالمي.

وتشير وثائق تاريخية إلى أن مهندس الهجمات، من الفكرة إلى التنفيذ هو الشهيد زيغوت يوسف، الذي تولى قيادة المنطقة الثانية خلفاً لقائده ديدوش مراد الذي استُشهد في 17 يناير/كانون الثاني 1955.

ووقع الاختيار على تاريخ 20 أغسطس/آب 1955، بعد تخطيط سري مكثف لتنفيذ عمليات هجومية تكون ساعتها الصفر منتصف النهار، عكس كل التوقعات التي تعودت على عمليات مماثلة ليلاً.

دوافع استراتيجية

وتبرز دوافع أخرى أكثر استراتيجية لمسار الثورة ككل، إذ كان لابد من عمليات نوعية لإسقاط دعاية الاستعمار التي كانت ترفض اعتبار اندلاع الكفاح المسلح "ثورة"، وتصر على وصف المجاهدين الأوائل بأنهم "أقلية خارجة عن القانون".

وقال الإعلامي نائب رئيس مؤسسة "زيغوت يوسف" التاريخية حميد بوشوشة إن "الهجمات غيرت مجرى التاريخ وفنّدت الادعاءات الفرنسية القائلة إن الثورة مجرد أحداث يرتكبها خارجون عن القانون".

وأضاف بوشوشة للأناضول أن مشاركة الشعب في الهجمات ومواجهته للآلة الاستعمارية في وضح النهار بصدور عارية، "كسرت حاجز الخوف وغيرت قناعات الناس وأثبتت أن الشعب الجزائري مصمم على إطلاق ثورة ضد الاستعمار الفرنسي ونيل الاستقلال".

ومشاركة مواطنين بسطاء في عمل قتالي عسكري جسّد، حسب مؤرخين، المقولة الشهيرة لأحد رموز الثورة الجزائرية، وهو الشهيد العربي بن مهيدي: "ألقوا بالثورة إلى الشارع يحتضنها الشعب".

ومن الدوافع الاستراتيجية الأخرى لشن تلك الهجمات، فك الحصار الذي ضربته فرنسا على منطقة الأوراس (شرق)، التي أُطلقت فيها أول رصاصة منتصف ليلة الفاتح من نوفمبر/تشرين الثاني 1954.

انتقام

وحاولت فرنسا قتل الثورة في مهدها، ففرضت حصاراً شديداً على الأوراس، وتتحدث شهادات عن منع دخول حتى المواد الغذائية، مما استلزم تنفيذ عمل قتالي نوعي لتشتيت تمركز الجيش الفرنسي، فنفذ زيغوت يوسف هجمات الشمال القسنطيني.

من ناحيتها انتقمت فرنسا من العزل والأبرياء من المدنيين بشكل وحشي، إذ "أرسلت (فرنسا) 17 طائرة إلى محافظة سكيكدة لقصف القرى والمناطق التي حدثت بها الهجمات" وفق ما يروي مجاهدون جزائريون.

ويتداول مجاهدو المنطقة تصريحات فرنسية تقول إن الجزائريين "نظموها (الهجمات) في 20 من الشهر وسنقتل منهم 20 ألفاً".

وصدرت أوامر جزائرية بالانتقام من الحاكم العام للجزائر آنذاك جاك سوستيل، الذي أمر بالعنف الوحشي تجاه المدنيين.

وتفيد تقديرات مؤرخين بأن عدد الضحايا فاق 12 ألف شهيد، نصفهم في سكيكدة، وما زالت الجرافة التي استخدمتها السلطات الاستعمارية في جرف ودفن 1500 شهيد أمام ملعب وسط المدينة معروضة في مكانها كشاهد تاريخي على وحشية فرنسا.

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً