نتنياهو يقود حملة انتخابية تحت اسم "أبو يائير" لجذب العرب لانتخابه  (فيسبوك)
تابعنا

في ظل تفتت معسكر اليمين الذي يقوده، وبينما تثور حالة جدل واسعة في الشارع الإسرائيلي بسبب المحاكمات المستمرة التي يخضع إليها بتهم فساد مختلفة، بدأ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بمحاولة لاستمالة فلسطينيي 48 أصحاب الحق بالاقتراع، في مسعى إلى حصد مزيد من أصواتهم لصالحه.

وللفلسطينيين في أراضي الـ48 تجارب سابقة مع نتنياهو الذي دأب على التحريض عليهم عند اقتراب كل انتخابات في إسرائيل، ما كان يثير جدلاً وغضباً محلياً ودولياً، بل إن حملات الانتخابات للقوائم العربية في إسرائيل كانت تقوم على شعار "إسقاط نتنياهو" وهو الشعار الذي كان يجذب المنتخبين، وأكثرهم ممن كانوا يرغبون بإسقاط الرجل الذي يحرض عليهم ولا يلقي لهم هماً ولا بالاً.

"أبو يائير" هكذا بات نتنياهو يطلق على نفسه علانية، وبينما لا ينادي اليهود بعضهم البعض بالألقاب، إلا أنّ نتنياهو اختار هذا الاسم كي يقرّبه أكثر من العرب، بل ودأب خلال الفترة الأخيرة على ترديده كثيراً والتعريف بنفسه على أنّه "أبو يائير".

لم يقف الأمر عند هذا الحد، يبدو واضحاً أن "أبو يائير" يسعى إلى التقرب من العرب بشتى الوسائل والطرق، إذ غيّر ابنه الأكبر "يائير" صورته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" مؤخراً، إذ وضع صورته مكتوب عليها "كلنا معك أبو يائير" باللغة العربية.

نتنياهو، أو "أبو يائير" كما صار يحلو له أن يطلق على نفسه، بدأ مع اقتراب الانتخابات الإسرائيلية المقررة في 23 مارس/آذار المقبل يزور بعض المدن والقرى العربية، بذريعة الاطمئنان على سير التطعيم ضد فيروس كورونا تارة، وحجة مساعيه لمكافحة العنف والجريمة تارة أخرى، لكن زياراته تلك لم تكن تخلو من الاحتجاجات والانتقادات، ووصل الأمر إلى مقاطعة رؤساء بلديات عربية لقاءات معه.

يائير، الإبن الأكبر لأبو يائير يغيّر صورته الشخصية على فيسبوك  (فيسبوك)

يزداد العنف، وكذلك الجريمة في أواسط فلسطينيي48 مؤخراً، وقد جرى تسجيل نحو 133 عملية قتل خلال العام المنصرم، فيما قتل منذ بداية العام الجاري 17شخصاً، وهو ما أثار احتجاجات واسعة النطاق في المدن العربية، وقد حمّل المواطنون العرب حكومة نتنياهو وجهاز الشرطة المسؤولية الكاملة، واتهموها بشكل علني ورسمي بأنها شريك في الجريمة.

لم يقدّم نتنياهو خلال فترة توليه الحكم التي طالت كثيراً أي دعم للعرب من أجل القضاء على العنف، كما ترى القيادات العربية، بل صرف النظر عنهم وزاد معاناتهم من خلال سياساته العنصرية، إذ ساهم بتشريع قانون "المواطنة" وقوانين أخرى تضيق الخناق على الفلسطينيين، وهدمت حكومته عشرات المنازل العربية بذريعة عدم الترخيص، ولم يتوقف عند هذا الحد إذ مارس التحريض المستمر على العرب باسم أحزاب اليمين وحزب الليكود الذي يتزعمه.

بينما كان ينفذ زيارة إلى مدينة "عرعرة" في النقب، وهي مدينة عربية تقع في بحر من القرى العربية المهمشة التي لا تعترف بها حكومة نتنياهو وتفتقر إلى أدنى مقومات الحياة وتتعرض للهدم بشكل مستمر، وقف نتنياهو ليلقي خطاباً، يزعم من خلاله أنه قدم للاطمئنان على سير عملية التلقيح ضد كورونا، ومن هناك أطلق على نفسه لقب "أبو يائير" بعد أن زعم أن مواطنين عرباً هتفوا باسمه بهذا اللقب عند زيارته، وهي هتافات لم يجرِ تأكيدها ولا توثيقها.

خطاب نتنياهو ولقبه الجديد أثار سخرية الإسرائيليين على مواقع التواصل الاجتماعي، إذ وصفه البعض بالمضحك، في حين أشار آخرون إلى أن "شركتي فايزر وموديرنا سيكتشفان لأوّل مرة بأن لقاحتهما غير فعالة بالحملات الانتخابية".

يقول الكاتب رياض علي في تقرير نشرته هيئة الإذاعة والتلفزيون الإسرائيلية إن "نتنياهو وفي ظل التهديدات التي تحيط باستمرار حكمه، في ظل تشقق اليمين الإسرائيلي وبزوغ نجم زعماء آخرين مثل غدعون ساعر، بدأ يظن أن بإمكانه التوجه إلى الناخبين العرب".

ويضيف "لم يتحوّل نتنياهو إلى محب للعرب، إنما يحاول فقط البحث عن اصطياد عصفورين بضربة واحدة، بالتصويت من قبل العرب لحزبه يمكن أن تزيد ثقته بنظرته إلى العالم، ثمّ إنه يعتقد بأنه إذا نجحت سياسته في الإمارات والبحرين والسودان فلا مانع لأن تنجح في الطيبة وأم الفحم، حتى وإن كان سيكتشف بأن الواقع المحلي هنا مختلف ومركب أكثر من الدول التي أقام التطبيع معها".

ويشير إلى أنّ نتنياهو يراقب عن كثب استطلاعات الرأي "يرى أن الأحزاب العربية قد ضعفت، ويسعى لانتهاز الفرصة ليحصل على الأصوات العربية".

يقول نتنياهو في تصريحات حول لقبه الجديد "لقد كان الهتاف باسم أبو يائير مثيراً جداً للعواطف بصورة غير مسبوقة، أقول للعرب بأن عليهم أن يكونوا جزءاً من الحكم والدولة، لقد ساهمنا بتغيير كبير لدى المدن العربية على مستوى البنية التحتية، سوف نحارب العنف معاً".

لكن على الرغم من ذلك، لا يستطيع نتنياهو أن يخفي أنّ حكومته كانت الأكثر عنصرية ضد العرب، وأنها لا تزال تعرقل لمّ شمل الفلسطينيين بقوانين عنصرية، في حين ارتفعت وتيرة أحداث العنف والجريمة إلى أضعاف مضاعفة لدى العرب خلال توليه الحكم.

في السياق، نقلت صحيفة هآرتس العبرية عن عدد من المواطنين العرب، تصريحات تشير إلى أن نتنياهو لا يحظى بشعبية بسبب حملته الانتخابية.

يقول أسامة وهو من فلسطينيي 48 للصحيفة "أشعر بغضب، لا نريد نتنياهو هنا، لقد أراد أن يقتل العرب أحدهم الآخر ولن يأخذ حتى صوتاً واحداً".

من جانبه، يقول النائب العربي في الكنيست الإسرائيلي جابر عساقلة إن "الذين هتفوا باسم أبو يائير لم يكونوا سوى هُتّاف مستأجرين، نتنياهو يبدو متحمساً من ذلك مثل الأطفال".

ويضيف "نتنياهو لا يهتم لأي شيء سوى الانتخابات والمحاكمة ويريد تفكيك القائمة العربية المشتركة".

ويشير إلى أن نتنياهو لن يحصل على أصوات من المدن العربية في الانتخابات القادمة.

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً