وزير الخارجية السعودي الجديد إبراهيم العساف (AP)
تابعنا

اعتقد كثير من المتابعين أنّ لحظة اعتقال وزير المالية السعودي السابق إبراهيم العساف، بتهم فساد، ووضعه في فندق ريتز كارلتون نهاية 2017، هي النهاية السياسية للرجل، المتخرج في جامعة كولورادو الأميركية والحاصل على درجة الدكتوراه في الاقتصاد، والذي تقلد كثيراً من المناصب العليا في المملكة. إلا أنّ تعيينه، الخميس، على رأس وزارة الخارجية، فاجأ الجميع، حتى الوزير نفسه ربما.

تعيين العساف (69 عاماً) وزيراً للخارجية، خلفاً لعادل الجبير، جاء بعد تقلبات مفاجئة وسريعة. فالرجل الذي تولى وزارة المالية طوال 20 عاماً (1996-2016) حتى اعتقد البعض أنه إحدى ركائز الدولة التي لا تتغير بتغيُّر الملوك، وجد نفسه فجأة ودون سابق إنذار معتقَلاً في أفخم فنادق العاصمة السعودية الرياض، بتهم الفساد، إلى جانب مئات الأمراء ورجال الأعمال والوزراء والمسؤولين النافذين.

كان ممكناً أن تُمثل نهاية عام 2017 نهاية للحياة السياسية لإبراهيم العساف وزير المالية السعودي السابق، إلا أن تغييرات الحكومة السعودية الخميس أظهرت العكس، فالرجل الذي اعتُقل بتهم فساد، ووُضع في فندق ريتز كارلتون إلى جانب عدد كبير من الأمراء ورجال الأعمال والوزراء والمسؤولين النافذين في نهاية 2017، عُيّن على رأس الخارجية السعودية.

كان المشهد حينها يقول إن أسطورة الوزير الذي لا يتغيّر بتغيُّر الملوك قد انهارت، وإن المسار السياسي لأحد أقدم وزراء المملكة وصل إلى منتهاه، لكن العساف عاد ليفاجئ الجميع بظهوره في مجلس الوزراء، لكن فقط كوزير دولة، بعدما بُرّئ بصورة غامضة، تماماً كغموض طريقة اعتقاله.

يقول الصحفي المتخصص في الشأن السعودي علي مراد، في حديث لـTRT عربي، إن العساف كان "يلعب دوراً ضمن الدبلوماسية السعودية، إذ كان الملك يوفده إلى أكثر من بلد، أو لترؤس وفود تشارك في قمم اقتصادية وإسلامية، كما حدث في قمة مجموعة العشرين نهاية عام 2016، في وقت كان فيه عادل الجبير عضواً في الوفد".

ويوضّح مراد أنّه على الرغم من أن العساف كان صاحب حضور في الديوان الملكي وأنه "حتى في لقاءات الملك مع الوفود الأميركية والأوروبية كان يحضر إلى جانب الملك، أو حتى إلى جانب وليّ العهد، وكان اسمه يُذكر قبل اسم وزير الخارجية في البيانات التي تتحدث عن استقبال الملك أو وليّ العهد لتلك الوفود"، فإن ذلك لم يمنع توقيفه في أحداث الريتز كارلتون، خلال الحملة التي أعلنها وليّ العهد السعودي لمحاربة الفساد، وطالت عشرات المسؤولين والأمراء.

من جانب آخر تقول وكالة الأناضول إنه يُحسب للعساف أنه لعب دوراً في تجنيب العائلة المالكة في السعودية ارتدادات الثورات التي عصفت بعدة دول عربية، وأطاحت برؤساء أقوياء على غرار حسني مبارك في مصر، وزين العابدين بن علي في تونس، ومعمر القذافي في ليبيا.

ورصدت الوكالة تخصيص عشرات المليارات من الدولارات لصالح المواطنين بناء على أوامر ملكية عام 2011، لشراء السلْم الاجتماعي، وتفادي موجة "الربيع العربي"، بالاستفادة من ارتفاع أسعار النفط، خصوصاً أن المملكة من أكبر منتجي النفط في العالم، بل وأكبر اقتصاد في الوطن العربي.

غير أنّ أسهم الرجل تراجعت قليلاً مع وصول وليّ العهد السعودي محمد بن سلمان إلى السلطة ومحاولته الإمساك بكل الخيوط السياسية والاقتصادية بيديه، وتصدُّر المشهد بشكل شبه كامل، خصوصاً مع دخول السعودية حرب اليمن وقيادتها التحالف في 2015، الأمر الذي استنزف كثيراً من الموارد المالية للمملكة، رغم أن احتياطياتها المالية بقيت كبيرة حتى بعد فقدانها مئات المليارات من الدولارات.

وتَعرّض العساف، لإحراج شديد عندما صرح نائب وزير الاقتصاد والتخطيط محمد التويجري، عن "إفلاس المملكة بعد ثلاث أو خمس سنوات"، إذا لم تُتّخذ إصلاحات اقتصادية، خصوصاً مع تراجع أسعار النفط منذ 2014.

يشار إلى أن العساف ليس من العائلة المالكة، وليس من رجال الأعمال المعروفين، إلا أنه من الشخصيات البيروقراطية المرموقة، إذ تَرأّس صندوق الاستثمارات العامة، وصندوق التقاعد، والصندوق السعودي للتنمية، وصندوق التنمية العقارية. ومَثّل السعودية في كل من البنك الإسلامي للتنمية، ومجموعة البنك الدولي، وصندوق النقد الدولي، وصناديق ومؤسسات مالية عربية.

وينوه علي مراد في حديثه لـTRT عربي بأنّ العساف الذي أُعيدَ إلى الحياة السياسية قبل أشهر "ينتمي إلى عائلة موجودة تاريخياً في الديوان الملكي السعودي، حتى إنّ والده كان له موقع مع الملك عبد العزيز".ويُعتبر العساف الوزير الخامس في تاريخ السعودية الذي يتولى هذا المنصب.

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً