جاءت الإقالات الأخيرة بناء على توصية من ولي العهد محمد بن سلمان (AFP)
تابعنا

أقال العاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز، بموجب أمر ملكي أصدره مساء الاثنين- الثلاثاء، قائد القوات المشتركة للتحالف السعودي الإماراتي في اليمن، فهد بن تركي بن عبد العزيز، وأحاله إلى التقاعد، والتحقيق في تهم فساد مالي.

وقضى الأمر الملكي بتعيين نائب رئيس هيئة الأركان العامة الفريق الركن مطلق بن سالم الأزيمع، خلفاً لفهد بن تركي.

ووفقاً للأمر الملكي، فقد جاءت الإقالة بناء على توصية من ولي العهد محمد بن سلمان، قدّمها إلى هيئة الرقابة ومكافحة الفساد، وطالت أيضاً ابن الأمير فهد، نائب أمير منطقة الجوف، عبد العزيز بن فهد بن تركي، مع إحالته إلى التحقيق.

وبحسب الأمر الملكي، الذي أوردته وكالة الأنباء السعودية، فإن القرار جاء "بناء على ما أحيل من سمو ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع إلى هيئة الرقابة ومكافحة الفساد بشأن ما تم رصده من تعاملات مالية مشبوهة في وزارة الدفاع وطلب التحقيق فيها، وما رفعته الهيئة عن وجود فساد مالي في الوزارة، وارتباط ذلك بالفريق الركن فهد بن تركي، وسمو الأمير عبد العزيز بن فهد بن تركي، وعدد من الضباط والموظفين المدنيين وآخرين".

ونصّ البيان كذلك على أن "تتولى هيئة الرقابة ومكافحة الفساد استكمال إجراءات التحقيق مع كل من له علاقة بذلك من العسكريين والمدنيين، واتخاذ الإجراءات النظامية اللازمة بحقهم، ورفع ما يتم التوصل إليه".

ماذا نعرف عن الضحايا الجدد؟

يعد الفريق الركن فهد بن تركي واحداً من أبرز الضباط في الجيش السعودي، وهو قائد القوات السعودية المشتركة في اليمن، التي تخوض منذ بدايات عام 2015 عملية عسكرية ضد جماعة الحوثي.

والأمير الضابط هو حفيد مؤسس المملكة عبد العزيز آل سعود من ابنه الـ21 تركي الثاني، ووالدته هي الأميرة نورة بنت عبد الله بن عبد الرحمن آل سعود.

والأمير فهد متزوج من ابنة الملك السعودي الراحل عبد الله بن عبد العزيز، واسمها عبير، وله منها ابن واحد هو الأمير عبد العزيز بن فهد بن تركي، بجانب ثلاث بنات هن الأميرات نورة والجوهرة وسارة.

والتحق الأمير فهد بالخدمة العسكرية في مايو/أيار عام 1983، ومُنح شهادة الدبلوم من مدرسة المشاة للجيش الأمريكي في قاعدة فورت بيننج بجورجيا بعد ذلك بعام تقريباً، كما حصل على شهادة الدبلوم بنجاح في الدورة التأسيسية لضباط المشاة من القاعدة ذاتها في سبتمبر/أيلول من عام 1984.

وجاء التحاقه بالحياة العسكرية بعد أن انخرط في دراسة إدارة الأعمال الدولية التي حاز فيها درجة الماجستير من جامعة الولايات المتحدة الأمريكية الدولية في شهر يونيو/حزيران من عام 1983.

وتدرّج الأمير فهد في المناصب العسكرية وصولاً إلى تعيينه نائباً لقائد القوات البرية وقائداً لوحدات المظليين والقوات الخاصة، بناء على قرار ملكي في مارس/آذار 2013.

مزاعم مكافحة الفساد.. أسهل أداة

مع تكرار الإعلانات السعودية عن مكافحة الفساد من خلال تنفيذ حملات اعتقال، تارة بحق أمراء ومسؤولين، أو بحق موظفين وقادة كبار في أكثر من جهة وهيئة بذريعة تبديد الأموال تارة أخرى، يتساءل مراقبون عن جدية هذه الادعاءات، ومدى إمكانية استخدامها في تصفية خصوم بن سلمان في الداخل تمهيداً لوصوله إلى العرش.

كانت منظمة "هيومن رايتس ووتش" قد أعربت في 17 مارس/آذار الماضي عن قلقها من اعتقال السلطات السعودية نحو 300 مسؤول حكومي بادعاءات متعلقة بالفساد، داعية إلى ضمان عدم تعرضهم "لإجراءات قانونية ظالمة".

وكانت هيئة الرقابة ومكافحة الفساد السعودية قد أعلنت أنه تم توقيف 298 شخصاً "لتوجيه الاتهام بحقهم في قضايا فساد مالي وإداري، مشيرة إلى أنهم أقروا بالتحقيقات بمبالغ تصل إلى 379 مليون ريال (101 مليون دولار)".

وبحسب الهيئة السعودية، فإن الاعتقالات جاءت بعد سماع أقوال 674 شخصاً، ولكنها لم تسم أياً من المشتبه بهم. وسبق أن أوقفت السلطات السعودية في 2017 عشرات الأمراء ورجال الأعمال والسياسيين لثلاثة أشهر على خلفية تُهم قالت إنها تتعلق بالفساد، فقامت باحتجازهم في فندق "ريتز كارلتون" الفخم في الرياض، ولم تطلق سراحهم إلا بعد التوصل إلى تسويات مالية.

وأوقفت السلطات السعودية أيضاً أوائل شهر مارس/آذار الماضي شقيق الملك سلمان الأمير أحمد بن عبد العزيز آل سعود، وابن شقيق الملك وليّ العهد السابق الأمير محمّد بن نايف، لاتّهامهما بتدبير "انقلاب" للإطاحة بولي العهد، بحسب ما قال مسؤولان عربي وغربي لوكالة الصحافة الفرنسية. كما اعتُقل أحد أشقّاء الأمير محمّد بن نايف، الأمير نوّاف بن نايف، بحسب ما أكّد المسؤولان اللذان اشترطا عدم ذكر اسميهما.

وكانت صحيفة "وول ستريت جورنال" قد كشفت عن الاعتقالات أول مرة.

وأكدت الصحيفة الأمريكية أن المعتقلين الثلاثة هم أحمد بن عبد العزيز، الشقيق الأصغر للعاهل السعودي، وولي العهد السعودي السابق محمد بن نايف، والأمير نواف بن نايف.

وقال المستشار الأمني السعودي السابق سعد الجبري، بعد خلافه مع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، إن "فرقة اغتيال" سافرت من السعودية إلى كندا "في محاولة لقتله" بعد أيام فقط من مقتل الإعلامي جمال خاشقجي "على يد أفراد من نفس المجموعة"، وفقاً لما ذكره الجبرى في دعوى قضائية قدمها في محكمة بالعاصمة الأمريكية واشنطن.

ويحسب الجبري على ولي العهد السابق الأمير محمد بن نايف، إذ كان يعد الرجل الثاني في فريق بن نايف الذي تم إعفاؤه من منصبه في عام 2017. وقد عزز محمد بن نايف والجبري علاقات وثيقة مع مسؤولي المخابرات الأمريكية على مدى سنوات من العمل معاً في "مكافحة الإرهاب".

وتؤشر الاعتقالات إلى محاولة وليّ العهد تشديد قبضته على السلطة عبر إقصاء أقوى خصومه المحتملين، وهما الأمير أحمد والأمير محمد اللذان كانا من بين أبرز المرشحين لخلافة الملك سلمان.

يقول مايكل ستيفنز، من معهد مركز أبحاث الخدمات الموحدة الملكي "Rusi"، في حديث لشبكة BBC البريطانية: "بعد أن نجا (بن سلمان) من موجة استياء دولية أعقبت اغتيال الصحفي السعودي جمال خاشقجي، داخل القنصلية السعودية في إسطنبول عام 2018، لم يصبح لديه ما يخشاه".

ويضيف: "لقد دعم البيت الأبيض بقيادة ترمب محمد بن سلمان إلى أقصى حد، وكانت بريطانيا وفرنسا معترضتين إلى حد ما، ومع ذلك واصلتا التعامل مع الرياض، أما روسيا والصين فلم يكن لديهما أي اهتمام على الإطلاق".

الطريق لانتقال السلطة مفروش بالاعتقالات

يقول مصدران لوكالة رويترز على صلة بالعائلة المالكة ودبلوماسي أجنبي بارز إن ولي العهد، الذي "يسعى جاهداً" لإحكام قبضته على السلطة، يخشي من احتمال أن يجتمع أمراء ساخطون حول الأمير أحمد والأمير محمد بن نايف، باعتبارهما البديلين المحتملين لتولي عرش المملكة.

وقال مصدر لوكالة رويترز: "هذا تحضير لانتقال السلطة. إنها رسالة واضحة للعائلة بأنه ليس بوسع أحد أن يعترض أو يجرؤ على تحديه".

ويبدو أن الحملة مستمرة، إذ أعلن المغرد السعودي الشهير "مجتهد"، عن اعتقال قائد القوات المشتركة الفريق الركن فهد بن تركي بن عبد العزيز آل سعود، الى جانب إحالة عدد من كبار الضباط إلى التحقيق.

وكتب مجتهد في تغريدة على تويتر "اعتقال فهد بن تركي (قائد القوات المشتركة) بعد أن فسر ابن سلمان بعض تصرفاته أنها مقدمة لانقلاب عليه من خلال القوات التي تخضع له، ويؤيد ذلك اعتقال ابنه نائب أمير الجوف معه ومجموعة من كبار الضباط. لن تكون هذه الأخيرة. ومن المتوقع اعتقالات جديدة في صفوف آل سعود والعسكرييين".

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً