السعودية تفرض معين عبد الملك على رأس الحكومة الجديدة من أجل ضمان تنفيذ اتفاق الرياض الجديد (Reuters)
تابعنا

أعلنت وكالة الأنباء السعودية أن المملكة تقدمت للحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتياً بآلية لتسريع العمل في تنفيذ اتفاق الرياض تتضمن استمرار وقف إطلاق النار بين الحكومة الشرعية والمجلس.

وقالت الوكالة في بيان إن الآلية السعودية تتضمن تكليف رئيس الوزراء اليمني تشكيل حكومة كفاءات سياسية خلال 30 يوماً، كما تشمل إصدار قرار تشكيل أعضاء الحكومة مناصفة بين الشمال والجنوب، بمن فيهم الوزراء المرشحون من المجلس الانتقالي.

وتتضمن الآلية إعلان المجلس الانتقالي التخلي عن الإدارة الذاتية، وتطبيق اتفاق الرياض، وتعيين محافظ ومدير أمن لمحافظة عدن، وخروج القوات العسكرية من عدن إلى خارج المحافظة، وفصل قوات الطرفين في أبين وإعادتها إلى مواقعها السابقة.

ونقلت الوكالة عن مصدر مسؤول أن الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي أبديا موافقتهما على الآلية التي قدمتها الرياض، وتوافقا على بدء العمل بها.

السعودية تفرض رجلها

كلّف الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي الأربعاء، رئيس الوزراء الحالي معين عبد الملك، تشكيل الحكومة الجديدة بناءً على "اتفاق الرياض" الموقَّع مع المجلس الانتقالي الجنوبي.

وأفادت وكالة الأنباء اليمنية الرسمية (سبأ) بأنه صدر اليوم قرار من رئيس الجمهورية قضت مادته الأولى بتكليف معين عبد الملك سعيد تشكيل الحكومة الجديدة.

وقضت المادة الثانية من القرار بأن تستمر الحكومة الحالية في مهامّ تصريف الأعمال حتى تشكيل الحكومة الجديدة (مناصفة بين الشمال والجنوب بناءً على اتفاق الرياض).

ونجحت السعودية في فرض معين عبد الملك رئيساً توافقياً للحكومة اليمنية التي ستجمع "الشرعية" المعترف بها دولياً، مع المجلس الانتقالي المدعوم إماراتياً بعد عام من الصراع بين الطرفين، وسلسلة تمردات في عدن وسقطرى.

وكان موضوع تسمية رئيس حكومة، من أكثر التعقيدات التي واجهت مشاورات الرياض، منذ أواخر مايو/أيار الماضي، نظراً إلى الخلافات الواسعة بين الشرعية والانفصاليين، فضلاً عن حساسية الأوضاع بين الشمال والجنوب.

وفضلاً عن الدعم السعودي الكبير، والرضا الإماراتي على شخص معين عبد الملك، استطاع رئيس الحكومة الحالية والمرتقبة، الحفاظ على نوع من التوازن بين جميع الأطراف خلال الأزمة الحادّة التي شهدت طرد الانفصاليين للشرعية من عدن.

إذ تحاشى عبد الملك الظهور بمواقف رسمية حادة ضد الانفصاليين أو داعميهم، خلافاً لوزير الخارجية محمد الحضرمي، كما أنه يرتبط بعلاقات وثيقة مع عدد من القيادات الانفصالية، وفقاً لمصادر مطلعة.

ولن يُعلَن عن تشكيل الحكومة إلا بعد انسحاب القوات الانفصالية من عدن والقوات الحكومية من أبين، وفقاً للآلية التنفيذية الجديدة التي قدمتها السعودية، وقوبلت بترحيب من الشرعية و"الانتقالي الجنوبي".

وذكرت المصادر لصحيفة العربي الجديد، أن "المجلس الانتقالي الجنوبي" سيحظى بـ5 حقائب فقط من قوام 12 وزارة خاصة بالمحافظات الجنوبية، فيما سيؤول باقي الحقائب إلى مكونات حضرموت والمهرة وسقطرى، فضلاً عن الوزارات السيادية التي احتفظ بها الرئيس هادي لنفسه.

تجاوب المجلس الانتقالي

من جهته عيّن الرئيس هادي، أحمد حامد لملس محافظاً جديداً لمحافظة عدن، خلفاً لأحمد سالم ربيع، الذي كان يشغل المنصب منذ 8 نوفمبر/تشرين الثاني 2018.

كما عيّن العميد محمد أحمد الحامدي مديراً عاماً لشرطة محافظة عدن، ويرقى إلى رتبة لواء.

ولملس هو عضو هيئة رئاسة المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتياً، ويشغل منصب الأمين العامّ للمجلس.

يأتي إعلان هادي بعد ترحيب المجلس الانتقالي باتفاق الرياض الجديد، إذ أعلن تخليه عن حكم الإدارة الذاتية للمحافظات الجنوبية، بعد نحو 3 أشهر من إعلانه حكماً ذاتياً فيها.

وقال المتحدث باسم المجلس نزار هيثم على صفحته الشخصية بموقع تويتر: "يعلن المجلس الانتقالي التخلي عن إعلان الإدارة الذاتية حتى يتاح للتحالف العربي تطبيق اتفاق الرياض".

وأشار هيثم إلى أن القرار يأتي في إطار "حرص المجلس على إنجاح اتفاق الرياض، وتحقيق الأمن والاستقرار، وتوحيد الجهود المشتركة لمواجهة مليشيات الحوثي والجماعات الإرهابية".

وذكر أن المجلس حقق الأهداف التي قام إعلان الإدارة الذاتية عليها، والمتمثلة في تنفيذ اتفاق الرياض، وتشكيل حكومة جديدة مناصفة بين الشمال والجنوب، وتعيين محافظ ومدير أمن للعاصمة عدن، ونقل القوات العسكرية إلى الجبهات القتالية لتحل محلها قوات الأمن.

إنقاذ الحليف الأخير

في نهاية يونيو/حزيران نشر التحالف العسكري الذي تقوده الرياض في اليمن مراقبين سعوديين لمراقبة وقف إطلاق النار بين القوات الموالية للحكومة، المدعومة منه، والمقاتلين الانفصاليين بعد اشتباكات في جنوب البلاد.

جاءت هذه الخطوة، بعد أشهر من الاشتباكات والاحتجاجات في الجنوب، الذي أعلن فيه المجلس الانتقالي المدعوم إماراتياً الانفصال عن اليمن، إلا أنه فشل في السيطرة على كل المحافظات.

ويرى مراقبون أن تدخل الرياض بهذا الحزم في قضية الجنوب يأتي ضمن محاولات الحفاظ على تحالفها مع الإمارات الداعم الرئيسي للانفصال في الجنوب، والذي يستهدف القوات المدعومة سعودياً.

إذ تراكمت الخلافات بين الطرفين، وصار التعبير عنها إعلامياً يزداد مع مرور الوقت، وبدا تحالف محاربة الحوثيين منقسماً على ذاته. ففي المعارك الأخيرة التي خاضها التحالف الذي تقوده السعودية ضد الحوثيين، كانت القوات العسكرية التابعة له غير موحدة.

وحسب مركز كارنيغي ثمة فريقان: قوات تحارب تحت قيادة السعودية، وأخرى تحت إمرة الإمارات. وقد ظهر ذلك جلياً في معارك الساحل الغربي، ومعركة الضالع، رغم أن كلتا المعركتين ضد الحوثيين.

وتبعاً لذلك، تأتي هذه المحاولة من السعودية لتلعب دور التوفيق بين الأطراف جميعها، كونها هي من يقود التحالف. لكنها في الوقت ذاته، رغم أنها كانت تعطي قيادات الشرعية الضوء الأخضر للحديث عن تجاوزات الإمارات غير المقبولة سعودياً، علماً بأن بعض هؤلاء المسؤولين يقيم في السعودية.

وفي وقت سابق بدت السعودية كأنها فرّطت في الحليف الأخير والأهمّ، من خلال سلوكها وسلوك الحكومة التي تدعمها، تزامناً مع تزايد حدة مطالبة المجلس الانتقالي بطرد الشرعية من الجنوب، كما عززت أبو ظبي وجود القوات الموالية لها في مناطق مختلفة في الجنوب، من ضمنها عدن، وشبوة، وجزيرة سقطرى.

وهذه رسالة واضحة مفادها أن الكيانات المحلية الموالية للإمارات لن تقبل بوجود شرعية معادية لأبو ظبي، أما دولياً، فظهرت الإمارات كما لو أنها تنصّلت من تبعات الحرب في اليمن، وجيّرت كل الانتهاكات لحساب شريكتها. هذه التطورات أربكت السعودية، وجعلتها تبحث عن وسيلة لإعادة الإمارات إلى خندق التحالف.

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً