الجيش تسلم دبابة ألطاي.. كيف قللت تركيا اعتمادها على الخارج بصناعات الدفاع؟ / صورة: AA (AA)
تابعنا

خلال خطابه في حفل تسليم دبابات ألطاي الجديدة إلى القوات المسلحة التركية لإجراء اختبارات في محافظة سكاريا شمال غرب البلاد، سلط الرئيس رجب طيب أردوغان الضوء على هدف تركيا بأن تكون "مستقلة تماماً في صناعة الدفاع".

وأشار أردوغان خلال حديثه إلى نجاح أنقرة في تقليل اعتمادها على الخارج في الصناعات الدفاعية من حوالي 80% إلى حوالي 20% خلال عقدين فقط. وأضاف أردوغان قائلاً: "إن عدد المشاريع الدفاعية التي كانت 62 فقط في 2002 تجاوز اليوم 750 مشروعاً".

وبعد سنوات من التطوير والاختبار، دخلت دبابة ألطاي (Altay)، وهي أول دبابة قتال رئيسية منتجة محلياً في تركيا، الخدمة رسمياً مع القوات المسلحة التركية. هذا الإنجاز البارز ليس مهماً فقط للقدرات العسكرية لتركيا ولكنه يمثل أيضاً تحولاً كبيراً في صناعة الدفاع في البلاد. فمع إدخال دبابة ألطاي، اتخذت تركيا خطوة جدية أخرى على طريقها صوب توطين الصناعات الدفاعية.

زراعة البذور

بالتزامن مع تأسيس الجمهورية عام 1923، أسست تركيا لحقبة جديدة في مجال الصناعات الحربية، وبالأخص قطاع الطيران. وعلى الرغم من الصعوبات الاقتصادية التي عانت منها الجمهورية الشابة، إلا أن ذلك لم يكن عائقاً أمام ازدهار مصانع الطائرات، سواء الحربية أو التجارية.

النجاح هذا لم يستمر في الفترة التي أعقبت الحرب العالمية الثانية، حيث شهدت الصناعات الدفاعية المحلية تراجعاً كبيراً، لا سيما مع تنفيذ خطة مارشال التي قدمت من خلالها الولايات المتحدة مساعدات عسكرية لليونان وتركيا بغرض تقليص التوسع السوفيتي.

وبدأت تركيا تعتمد على شراء الأسلحة من الخارج، تحديداً من أمريكا. الأمر الذي "مكّن القوات المسلحة التركية من التجهيز بسرعة أكبر، فإن ذلك تسبب في اعتماد تركيا طويل الأمد على الولايات المتحدة في المنتجات الدفاعية"، وفقاً لتصريحات الخبير في الصناعات الدفاعية التركية رفعت أونجل لـTRTعربي.

لكن حظر الأسلحة الأمريكي الذي فُرض على تركيا عقب تنفيذها عملية السلام القبرصية عام 1974، دفع أنقرة إلى التغيير من نهجها والتوجه نحو توطين الصناعات الدفاعية الحساسة. وباشرت على الفور، مستفيدة من تبرعات المواطنين، بتأسيس أولى الشركات التي أصبحت من الأفضل عالمياً في يومنا الحالي، وهي: "أسيلسان" و"توساش" و"روكيتسان".

العناية بالمحصول

على مر العقود، جعل الاعتماد على الخارج من تركيا عرضة لاضطرابات الإمدادات وتقلبات الأسعار في سوق الدفاع الدولي. بالإضافة إلى ذلك، كان وصول تركيا إلى التكنولوجيا الدفاعية المتقدمة محدوداً بسبب قيود التصدير والتوترات السياسية مع بعض مورديها.

ولحل هذه المعضلة جذرياً، ركزت حكومات العدالة والتنمية المتعاقبة خلال العقدين الأخيرين جل اهتمامها على النهوض بالصناعات الدفاعية من أجل تحقيق الاستقلال الدفاعي وتوطين الصناعات الحساسة. فيما شهدت تركيا خلال هذه الفترة قفزات نوعية على مستوى جميع القطاعات الجوية والبرية والبحرية.

وفي فترة زمنية قصيرة نسبياً، لم تتمكن تركيا من تقليص الاعتماد على الخارج وتحقيق الاكتفاء الذاتي في مجالات متنوعة وحسب، بل أصبحت من بين أبرز الدول المصدرة للسلاح على مستوى العالم. وباتت منتجاتها الدفاعية، بما في ذلك المسيّرات الجوية والمدرعات والسفن وأنظمة الحرب الإلكترونية، مطلوبة من العديد من الدول حول العالم، وعلى رأسها دول حلف الناتو.

وأثناء خطابه في حفل تسليم الدبابة ألطاي، قال الرئيس التركي إنه بينما كانت الميزانية الإجمالية لتركيا للمشاريع الدفاعية 5.5 مليار دولار في عام 2002، فقد وصلت الآن إلى 75 مليار دولار من حجم المشاريع، بما في ذلك تلك التي في عملية تقديم العطاءات. وشدد أردوغان على أن وراء كل منتج يجري تطويره في الصناعة الحربية جهوداً استمرت لسنوات، وصبراً، وعملاً، وقوة مالية.

وكان عام 2022 مثمراً للغاية لصناعة الدفاع التركية، حيث حطم القطاع رقماً قياسياً جديداً بتجاوز هدف التصدير البالغ 4 مليارات دولار بحلول نهاية العام.

ما أهمية الدبابة ألطاي؟

متحدثاً عن دبابة الجيل الثالث ألطاي التي تحظى بدرع متطورة ونظام حماية متفوق، قال أردوغان إنها ستمثل نقطة قوة مهمة للجيش التركي، مضيفاً أنهم يعملون على جعلها درة الصناعات الدفاعية التركية. مشيراً إلى أن ألطاي الجديدة مختلفة عن النموذج الأوّلي الذي كُشف عنه لأول مرة قبل 10 أعوام ولديها قدرات عالية.

وبينما يعد دخول الدبابة إلى الخدمة إنجازاً مهماً لصناعة الدفاع التركية، فإنه يوضح في الوقت ذاته التزام تركيا بتقليل اعتمادها على الصناعات الدفاعية الأجنبية وتطوير قدراتها الخاصة. ومع تحول ألطاي إلى رمز جديد لصناعة الدفاع المتنامية في تركيا، تستعد البلاد لأن تصبح لاعباً رئيسياً في سوق الدفاع الدولي.

ومن المنتظر أن تبدأ تركيا مرحلة الإنتاج المتسلسل للدبابة ألطاي بمجرد إكمال الجيش التركي اختباراته عليها. فيما ذكر أردوغان أن بلاده زودت قواتها الأمنية بمختلف أصناف المسيرات البرية الخفيفة ومتوسطة الحجم. وأوضح في هذا الإطار أن تركيا اقتربت من تلبية كل احتياجاتها في مجال المركبات العسكرية بإمكانياتها المحلية.

TRT عربي
الأكثر تداولاً