الديزل الروسي يبحث عن بدائل قبل سريان الحظر الأوروبي وتركيا وجهة مفضلة   / صورة: Getty Images (Getty Images)
تابعنا

مع اقتراب بدء الحظر الذي فرضه الاتحاد الأوروبي تتجه منتجات النفط الروسية، نحو مسارات جديدة تصل إلى أمريكا الجنوبية.

ومن المرجح أن تجد إمدادات الديزل الروسية مكاناً لها في إفريقيا والشرق الأوسط، وأمريكا اللاتينية، مع لجوء أوروبا بشكل متزايد إلى الديزل السعودي والأمريكي، وفقاً لبيانات جمعتها الأناضول.

ويدخل الحظر الذي فرضه الاتحاد الأوروبي على واردات الديزل، ووقود الطائرات الروسي، ومنتجات النفط الأخرى، حيز التنفيذ في الخامس من فبراير/شباط المقبل.

ومن المقرر أن تعلن مجموعة السبع الكبار (الولايات المتحدة واليابان وفرنسا وبريطانيا وألمانيا وإيطاليا وكندا) أيضاً في الخامس من فبراير/شباط، عن سقوف أسعار المنتجات البترولية الروسية.

وعلى الرغم من أن المستويات الدقيقة لسقوف الأسعار مازالت غير مؤكدة، إلا أن وزيرة الخزانة الأمريكية جانيت يلين قالت، الأسبوع الماضي، إن تحديد سقف أسعار المنتجات النفطية الروسية "أكثر تعقيداً من سقف الأسعار الذي جرى فرضه بالفعل في ديسمبر/كانون الأول الماضي، على الخام الروسي المنقول عبر البحر".

وأظهرت البيانات أن واردات الاتحاد الأوروبي من الديزل الروسي لم تشهد انخفاضاً ملحوظاً منذ بداية الحرب ضد أوكرانيا (في 24 فبراير/شباط الماضي)، وأن روسيا لا تزال أكبر مورد للديزل في التكتل، رغم قرب بدء الحظر على منتجاتها من النفط المكرر.

وفي هذا السياق، قال فيكتور كاتونا، كبير محللي النفط في شركة "كيبلر" المختصة في التحليلات والبيانات، إنه "بشكل عام، تظل روسيا أكبر مورد للديزل عند 550 ألف برميل يومياً. ومع ذلك، يتجه الوضع بالفعل نحو الانخفاض".

وأوضح كاتونا، للأناضول، "على أساس شهري، تراجعت الصادرات الروسية بنحو 170 ألف (برميل يومياً) على الرغم من أن ديسمبر الماضي، شهد أعلى مستوى استيراد من روسيا منذ أوائل عام 2020".

وأرجع سبب زيادة الصادرات الروسية في ديسمبر/ألول، إلى "محاولات البعض الشراء من أجل التخزين، قبل بدء السريان الفعلي للعقوبات على منتجات النفط المكررة الروسية".

وأظهرت بيانات "كيبلر"، أن واردات الاتحاد الأوروبي من الديزل الروسي في ديسمبر/أيلول الماضي، بلغت 719 ألفاً و456 برميلاً يومياً، بينما انخفضت إلى 542 ألفاً و114 برميلاً يومياً في الفترة بين 1 إلى 18 يناير/كانون الثاني الجاري.

ويُقدر إجمالي صادرات الديزل الروسية إلى الاتحاد الأوروبي والنرويج وسويسرا والمملكة المتحدة، بنحو 615 ألفاً و873 برميلاً يومياً في يناير/كانون الثاني، وفقاً لشركة تعقب البيانات في الوقت الفعلي "فورتكسا".

وعلى هذا النحو، أوضح ديفيد ويش، كبير الاقتصاديين بشركة "فورتكسا"، للأناضول، أن إجمالي واردات الديزل الأوروبية من روسيا "كان أعلى بكثير خلال الأشهر الأربعة الماضية عن المعتاد".

وقال ويش، خلال الفترة المذكورة استوردت الدول الأوروبية نحو 400 ألف برميل يومياً من روسيا، مقارنة بفترتي أكتوبر/تشرين الأول ويناير/كانون الثاني من العامين الماضيين.

وأضاف "يمكن القول إنه خلال الأشهر الأربعة الماضية، اشترت أوروبا بالفعل براميل بديلة، بمعدل ثلثي احتياجاتها القياسية".

تضاعف شحنات الديزل الأمريكي

برزت الولايات المتحدة ومنطقة الشرق الأوسط كأحد الإمدادات الكبيرة البديلة للديزل الروسي، وذلك نظراً لأن الدول الأوروبية، التي تستورد حوالي 2.5 مليون برميل من الديزل يومياً، تحتاج إلى سد فجوة الإمدادات الروسية.

وأفادت بيانات شركة "فورتكسا"، بأنه في يناير/كانون الثاني الجاري، جاءت السعودية في المرتبة الثانية من حيث صادرات الديزل إلى الدول الأوروبية، بواقع 267 ألف برميل يومياً.

وفي مارس/ آذار الماضي، بلغت صادرات السعودية اليومية من الديزل إلى الدول الأوروبية 88 ألفاً و540 برميلاً، مع الاستمرار في الطلب المتزايد منذ بدء الحرب الروسية ضد أوكرانيا.

وعلى صعيد آخر، بلغت شحنات الديزل الأمريكية إلى الدول الأوروبية 156 ألفاً و727 برميلاً يومياً في يناير/كانون الثاني الجاري، أي ما يقرب من ثلاثة أضعاف مستوياتها البالغة 54 ألفاً و438 برميلاً يومياً في مارس/آذار الماضي.

وتشهد إمدادات الديزل الأمريكية إلى الدول الأوروبية أعلى مستوى لها منذ أكثر من عامين.

بيد أن كبير محللي النفط الخام في شركة "كيبلر"، رأى أن الاتجاه التصاعدي في حصول الدول الأوروبية على إمدادات الديزل السعودية "سيكون محدوداً".

وأوضح قائلاً "تنتج السعودية ما بين 1.3و1.4 مليون برميل يومياً من الديزل، لكن لديها ما يقرب من 600 ألف برميل يومياً موجهة إلى السوق المحلية، وتحتاج إلى موازنة التزاماتها الأوروبية والآسيوية، لذا فإن الاتجاه التصاعدي محدود".

كما أشار إلى أن الكويت أيضاً "تتطلع إلى تشغيل مصفاة الزور، بطاقة إنتاجية تبلغ 615 ألف برميل يومياً، على أن تركز على منتجات الديزل".

والأسبوع الماضي، قال مفوض الاتحاد الأوروبي لشؤون الطاقة، قدري سيمسون، إن سعي الكويت لزيادة صادرات الديزل إلى أوروبا بنحو خمسة أضعاف "بمثابة مثال على نجاح القارة (الأوروبية) في مساعيها من أجل تنويع مصادر الوقود".

إمدادات أمريكية لأوروبا بدل أمريكا اللاتينية

وقال كاتونا، إن إنتاج الديزل الأمريكي يبلغ حوالي 5 ملايين برميل يومياً، ويتراوح الطلب المحلي ما بين 3.8 إلى 4 ملايين برميل يومياً.

وفي هذا الشأن، أشار إلى أن "الولايات المتحدة لديها فائض بنحو مليون برميل يومياً من الديزل، وهي صادرات متوفرة تذهب إلى أمريكا اللاتينية، والبرازيل والمكسيك لأنها أكبر المشترين".

"لكن توجيه الولايات المتحدة صادراتها من الديزل إلى أوروبا، سيعني أن مزيداً من الديزل الروسي سيتجه إلى أمريكا اللاتينية"، وفقاً لكاتونا.

ولفت الخبير في شركة "كيبلر"، إلى أن هناك ما يكفي من الديزل في الأسواق، ولكن إذا أرادت أوروبا تزويدها بشكل كامل، فهذا يعني "ضرورة إعادة توجيه التدفقات الموجودة سابقاً".

منافسة عالمية للمصافي التركية

أشارت بيانات شركة "فورتكسا"، إلى أن تركيا تعد "واحدة من الدول التي عززت صادرات الديزل إلى الدول الأوروبية".

وبلغت صادرات تركيا من الديزل 64 ألفاً و277 برميلاً يومياً حتى يناير/كانون الثاني، من 30 ألفاَ و391، و53 ألفاً و916 برميلاً يومياً في فبراير/شباط ومارس/آذار 2022، على التوالي.

وتبلغ الطاقة الإنتاجية السنوية لمصفاة "ستار"، الواقعة في مدينة إزمير التركية المطلة على بحر إيجة، 5 ملايين طن من الديزل، بينما تمتلك شركة التكرير التركية "تورباس" القدرة على تحقيق إنتاجية عالية من الديزل.

وفقاً لكاتونا، يمكن القول إن تركيا تتمتع بأعلى فرص لتصبح "المورد الإبداعي" لأوروبا.

وقال للأناضول، "لأن مصافي تركيا تركز، بشكل كبير على الديزل، يمكنهم إرسال منتجاتهم الخاصة إلى دول الاتحاد الأوروبي، ومن ثم استيراد الديزل منخفض التكلفة من روسيا".

وأردف أنه في الأوقات التي تشتد فيها المنافسة العالمية "ستخلق هذا الميزة تنافسية كبيرة لمصافي التكرير في تركيا من حيث الربحية".

ولفت كاتونا، إلى أن دولاً مثل تركيا ومصر والجزائر يمكن أن تصبح "مركز إعادة شحن" للديزل الروسي.

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً