البيان الختامي لقمة العلا: نهاية الخلاف الخليجي وتعزيز التعاون (واس)
تابعنا

عقب اجتماع ليوم واحد في مدينة العلا شمال غربي السعودية، خرج "إعلان العلا" (البيان الختامي) للقمة الخليجية الأخيرة ليؤكد "العلاقات الراسخة بين دول الخليج واحترام مبادئ حسن الجوار"، إضافة إلى "تكاتف دول الخليج في وجه أي تدخلات مباشرة أو غير مباشرة في شؤون أي منها".

وقال وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان، خلال مؤتمر صحفي بعد القمة الثلاثاء، إنها "فتحت صفحة جديدة لاستقرار وتضامن الخليج، وأسفرت عن عودة كاملة للعلاقات الدبلوماسية".

وأضاف أن القمة "أعلت المصالح العليا لمنظومة التعاون، و"تفتح صفحة جديدة لاستقرار وتضامن الخليج".

"شيطان" التفاصيل

​​​​​​​رغم أن الوزير السعودي أعرب عن ثقته باستمرار اتفاق المصالحة الخليجية، إلا أن حديث المصالحة المعلن جرى في عموميات ولم يتحدث عن تفاصيل، ما دفع متابعين إلى التساؤل: "هل يكمن الشيطان في التفاصيل؟"، ليجيب خبراء عرب بأن "تطبيق المصالحة بحاجة إلى وقت".

غياب التفاصيل أيضاً دفع خبراء إلى الحديث عن وجود أطراف ربما غير موافقة على المصالحة، وخاصة الإمارات التي سبق أن عطلت اتفاقاً قبل سنوات.

وشارك أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني، في قمة "العلا"، وكان في استقباله ووداعه ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، في وقت شارك في القمة ووقع بيانها وزير خارجية مصر سامح شكري.

وعشية القمة، أعلنت الكويت إعادة فتح الأجواء والحدود البرية والبحرية بين السعودية وقطر.

ووصل وزير المالية القطري علي شريف العمادي، إلى مصر، الثلاثاء، على متن طائرة خاصة عبر الأجواء السعودية، للمشاركة في افتتاح مشروع يعود لشركة قطرية.

تداعيات إقليمية

أستاذ العلاقات الدولية في جامعة قطر علي باكير، قال للأناضول: "أعتقد أن المصالحة الخليجية تطور جيد وفي الاتجاه الصحيح، وكان من المفترض أن تأتي في وقت أبكر، لكن أن تأتي متأخرة خير من ألا تأتي أبداً".

وأضاف: "نحن الآن أمام مرحلة جديدة، ومن الواضح أنها تتطلب من جميع الدول إعادة التموضع بشكل يسمح لها باستيعاب التحولات الحاصلة، ولا شك أنه كان هناك مصلحة حقيقية قطرية وسعودية بالتوصل إلى حل".

وتابع: "طالما أن الظروف هي التي أوجدت الحل، فأعتقد أن الوضع الجديد سيبقى بحاجة إلى بعض الوقت، وفي النهاية للتطبيق الكامل للاتفاق، لكنه سيحصل".

ورداً على سؤال عن غياب تفاصيل المصالحة، أجاب باكير: "أعتقد أن قرار إبقاء التفاصيل غير علنية هو جزء من الاتفاق، والمهم أنه جرى رفع الحصار غير القانوني، وإيقاف الحملات الإعلامية، والسماح للمواطنين والمجتمعات بإعادة اللحمة والتواصل".

وأردف باكير: "أما التفاصيل السياسية، فهذه يجري نقاشها خلف الأبواب المغلقة، وأعتقد أن هذه المصالحة ستترك تداعيات أيضاً على المستوى الإقليمي، والعديد من الدول ستعيد حساباتها".

مواقف غامضة

الكاتب والباحث العراقي نظير الكندوري، اعتبر أنه "من المبكر الحديث عن أن الانفراج في العلاقات القطرية السعودية هي مصالحة خليجية، فاتفاق العلا جرى بين الدوحة والرياض فقط، وإجراءات فك الحصار لم تقم بها سوى السعودية".

وأضاف الكندوري للأناضول: "ما زالت مواقف باقي دول الحصار غامضة وغير صريحة تجاه هذه المصالحة وما يترتب عليها فيما بعد، لكن بالتأكيد إعلان المصالحة القطرية السعودية سيكون له صدى إيجابي على شعوب الخليج والمنطقة".

وبشأن غياب التفاصيل قال إن "البيان كان عامّاً دون التطرق إلى باقي التفاصيل، التي يُمكن أن تكون محل خلاف ومصدر اعتراض من باقي الأطراف".

وزاد الكندوري: "جميع الأطراف، وخصوصاً الطرف الذي يقود المصالحة وهو الكويت، حريص على عدم التطرق إلى التفاصيل، وتأجيلها إلى الجلسات الحوارية المقبلة، بهدف إحداث خرق في جدار هذه الخصومة وحلحلتها مستقبلاً".

وأردف: "بتقديري هناك خلافات كبيرة في التفاصيل التي ستجري مناقشتها لاحقاً، وإعلان المصالحة جاء بضغوط أمريكية، وربما وافقت السعودية لتتخلص من تلك الضغوط، ولرغبتها في تحسين صورتها أمام الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن". الذي يتسلم مهامه رسمياً في 20 يناير/كانون الثاني الجاري.

واستطرد: "الخصومة الحالية فيها طرف دائماً ما كان يقف بالضد أمام أية مصالحة قطرية سعودية، وهو دولة الإمارات، بقيادة ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد، فهو يعتقد أن قطر دولة منافسة له، وبالتالي فإن التضييق عليها من مصلحته".

وتابع الكندوري: "بن زايد لا يرغب أن تخرج السعودية من طوعه، فعقد مصالحة قطرية سعودية دون الرجوع إليه يعتبر خروجاً على الإرادة الإماراتية التي تتحكم بالمواقف السعودية".

مرحلة تدريجية

واصفاً إياها بـ"المتأخرة"، قال رئيس مركز عمران للدراسات عمار قحف، إن "المصالحة ضرورية لترسيخ الاستقرار السياسي والدبلوماسي في المنطقة".

وأضاف للأناضول: "لن تعود الأمور لطبيعتها بشكل سريع، لكن ستأخذ مجراها، ربما تكون هناك تغييرات بسيطة، وتغييرات أخرى بحاجة إلى وقت لنشهد نتائجها، ونتطلع إلى اتحاد الموقف الخليجي تجاه الوجود الإيراني في المنطقة ورفضه ومقاومته في سوريا".

وبشأن غياب تفاصيل الاتفاق الخليجي، أوضح قحف أن "البيان جاء بعموميات، وهي سمة كل البيانات في كل المؤتمرات، وهناك تفاصيل كثيرة تُناقش في الجلسات".

وأردف: "الجانب الوحيد الذي ينبغي أن نرصده هو السلوك الإماراتي تجاه هذه المصالحة، ولا يبدو على الأقل أن هناك مؤشرات على انفراج إماراتي قطري، وقد يأخذ وقتاً أطول".

ورأى أن "المختلف في هذه المصالحة، أننا نمر بمرحلة مفصلية في الانتقال السياسي في أمريكا، وأسلوب ومدرسة مختلفة بين (الرئيس الحالي دونالد) ترمب و(المقبل) بايدن، وندخل مرحلة يسميها البعض العودة إلى الدبلوماسية الأمريكية التقليدية، التي تسعى إلى التهدئة والتركيز على الملفات الحساسة".

وختم قحف بقوله "ستكشف الأيام كم هي المصالحة مستدامة.. تحقيق المصالحة أخذ وقتاً طويلاً، ويبدو أنها ستصمد أيضاً لبعض الوقت".

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً