في 5 سبتمبر/أيلول الجاري نفذ الجيش الإسرائيلي عملية واسعة في مخيم نور شمس المخصص للاجئين الفلسطينيين بطولكرم شمال الضفة الغربية، خلفت قتيلاً ومصاباً ودماراً في البنية التحتية والمنازل والمركبات.
وتأتي العملية ضمن سلسلة من العمليات التي بدأها جيش الاحتلال الإسرائيلي منذ مطلع العام الجاري، تركزت في مخيمات الضفة الغربية، أبرزها مخيم جنين وبلاطة قرب نابلس وعقبة جبر قرب أريحا ونور شمس.
وعادة تندلع مواجهات غير متكافئة عسكرياً مع مسلحين من فصائل فلسطينية، تستخدم إسرائيل فيها مروحيات ومسيرات ومدرعات وجرّافات عسكرية، بينما يستخدم المسلحون بنادق وعبوات متفجرة وقنابل يدوية محلية الصنع، وفق شهود عيان وتقارير إعلامية.
المخيمات الأكثر سخونة بالضفة
يتربع مخيم جنين على عرش المخيمات الأكثر سخونة في الضفة الغربية، وتعتبره إسرائيل مصدر "قلق دائم"، ونفذت فيه عدة عمليات منذ بداية عام 2023، قتلت خلالها نحو 73 فلسطينياً، أغلبيتهم من داخل المخيم.
وكان أبرز العمليات تلك التي شهدها المخيم مطلع يوليو/تموز، حين نفذ الجيش الإسرائيلي عملية عسكرية استغرقت 48 ساعة، استخدم خلالها طائرات مروحية، إضافة إلى قصف أهداف بمُسيرات وطائرات انتحارية.
كما فجر الجيش الإسرائيلي خلال العملية، منازل ومحال، وخلف دماراً في البنية التحتية.
وحسب مصادر فلسطينية، فإن 80% من منازل مخيم جنين تضررت بشكل جزئي أو بالكامل، في العملية الإسرائيلية التي وقعت في يوليو/تموز الماضي.
ويعرف مخيم جنين بصلابته في مواجهة الجيش الإسرائيلي، إذ خاض مقاومون معركة ضارية في أبريل/نيسان 2002، أسفرت عن مقتل 52 فلسطينياً وتدمير أغلبية مساكن المخيم، وفق تقرير للأمم المتحدة.
وأسست وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الأممية "أونروا" مخيم جنين عام 1953، ضمن حدود بلدية مدينة جنين، لإيواء لاجئين ينحدرون من منطقة الكرمل في حيفا، ويسكنه حالياً نحو 12 ألف نسمة.
مخيم نور شمس
تبدو الصورة في مخيم نور شمس قريبة إلى حد كبير من مخيم جنين، إذ إن سكان المخيمين ينحدرون من منطقة حيفا بأراضي الداخل (التي احتلت عام 1948).
وسكن أهالي المخيمين عقب النكبة منطقة جنزور قرب جنين حتى عام 1951، ثم انقسموا بين جنين ونور شمس، لذلك توجد قرابة بين العائلات، وعلاقات نسب وتكامل في المقاومة بين مخيمي جنين ونور شمس.
ويسكن نور شمس الواقع إلى الشرق من مدينة طولكرم نحو 7 آلاف نسمة، يعيشون في مساحة لا تتعدى 232 دونماً (الدونم يعادل ألف متر مربع).
ومنذ بداية العام الجاري، قتلت إسرائيل 5 فلسطينيين في المخيم، ونفذت 3 عمليات عسكرية كبيرة، كان آخرها الثلاثاء الماضي.
وصنفت العملية التي نفذت في 5 سبتمبر الجاري، بـ"الأعنف"، إذ فجرت محال تجارية ومراكز، ودمرت البنية التحتية في المخيم، وفق تقارير متعددة.
مخيم طولكرم
ليس بعيداً عن نور شمس وبصورة أقل وطأة، يشهد مخيم طولكرم عمليات إسرائيلية مشابهة.
وفي 11 أغسطس/آب، لاحقت إسرائيل مسلحين فلسطينيين داخل المخيم، في عملية أسفرت عن مقتل شخص على الأقل.
ويقع المخيم داخل مدينة طولكرم، وتأسس في عام 1950، ويسكنه نحو 10 آلاف مواطن.
مخيم عقبة جبر
شهد مخيم عقبة جبر قرب مدينة أريحا شرق الضفة، أكثر من 10 عمليات عسكرية منذ مطلع العام، استهدفت خلالها القوات الإسرائيلية مجموعة مسلحة تطلق على نفسها اسم "كتيبة عقبة جبر".
وقتل 11 فلسطينياً خلال العمليات في مخيم عقبة جبر منذ مطلع العام، بينما اعتقل عدد آخر.
وتأسس عقبة جبر في عام 1948، ويسكنه اليوم نحو 10 آلاف فلسطيني.
مخيم بلاطة
ويعد مخيم بلاطة للاجئين الفلسطينيين الأكبر بين المخيمات الواقعة في الضفة، إذ يسكنه نحو 16 ألف فلسطيني.
ويقع المخيم شرق مدينة نابلس وعلى مقربة من قبر يوسف، ويعد نقطة ساخنة على الدوام، إذ يقتحم الجيش الإسرائيلي محيطه لتأمين دخول المستوطنين للقبر وأداء طقوس دينية.
وقتلت إسرائيل 13 فلسطينياً في مخيم بلاطة، خلال عمليات ملاحقة مسلحين، ومواجهات مع مواطنين منذ بداية العام، وفق رصد خاص بمراسل الأناضول.
حالة مقاومة منذ النكبة
وفي السياق، قال مدير مركز يبوس للدراسات، سليمان بشارات، إن المخيمات "لا تعرف السكون، وإنها في حالة مقاومة منذ النكبة عام 1948".
وأفاد بأن التوترات داخل المخيمات تعود إلى عدة محددات، أبرزها رمزية "صورة المخيم في الذهن الفلسطيني" التي تدل على الحرمان واللجوء والطرد من المنزل.
وأوضح بشارات أن المحدد الثاني يعتمد على "طبيعة التركيب السكاني في المخيم".
ولفت مدير المركز الفلسطيني إلى أن المخيمات "باتت تشكل حاضنة شعبية للمقاومة".