قوات الوفاق أطلقت عملية لتحرير قاعدة الوطية التي يستخدمها حفتر لمهاجمة العاصمة طرابلس (AFP)
تابعنا

بعدما تمكنت قوات حكومة الوفاق الليبية المعترف بها دولياً من تحرير كامل الساحل الشمالي الغربي، وطرد مليشيات خليفة حفتر من عدة مدن استراتيجية، أطلقت الثلاثاء، عملية عسكرية لتحرير قاعدة الوطية الجوية غرب طرابلس.

وقد قُتل آمر حماية القاعدة، التابع لمليشيا الجنرال الانقلابي خليفة حفتر، خلال العملية.

ونقلت قناة "ليبيا الأحرار" عن مصدر عسكري بأن "آمر قوة حماية قاعدة الوطية التابع لمليشيات حفتر الإرهابية أسامة مسيك، قتل في هجوم لقوات الوفاق على القاعدة".

وتأتي العملية رداً على هجمات حفتر المتواصلة على طرابلس وغيرها من المدن، ولتحرير مناطق المليشيات، حسب زياد الحجاجي مراسل TRT عربي.

ويشير المراسل إلى وجود "تعزيزات عسكرية كبيرة جداً" ذهبت إلى محيط قاعدة الوطية قادمة من المنطقة الوسطى ومنطقة طرابلس العسكرية، فيما مهدت المدفعية الثقيلة الطريق للقوات البرية لاقتحام القاعدة، الأمر الذي جعل الاشتباكات قريبة جداً من القاعدة.

وتقع القاعدة على بعد 140 كلم جنوب غرب طرابلس، بين جنوب غرب العاصمة ومدن الشريط الساحلي التي حُرّرت مؤخراً من سيطرة مليشيات حفرت، ويحدها جبل نفوسة من الجنوب.

"القاعدة الإماراتية".. مصدر الهجمات على العاصمة

وعن أهمية القاعدة يقول مراسل TRT عربي إنها تُعتبر ذات أهمية استراتيجية، ومهمة جداً لمن ستكون له السيطرة عليها، وسبق أن شنت القوات الحكومية عديداً من الغارات في محيطها.

ويضيف: "ستكون سيطرة قوات الوفاق على قاعدة الوطية نكسة كبيرة جداً لمليشيات حفتر في المنطقة الغربية، ولن يكون أمامها سوى ترهونة المحاصرة من حكومة الوفاق من كل المحاور، كمعقل أخير".

وتمثل الوطية آخر تمركز عسكري هامّ تملكه مليشيات حفتر، في المنطقة الممتدة من غرب طرابلس إلى الحدود التونسية، وإن لم تسيطر عليها قوات الحكومة الليبية فستشكل دوماً تهديداً قوياً على مدن الساحل الغربي، كما يرى مراقبون.

وتكمن خطورة قاعدة الوطية في موقعها المحصن طبيعياً، إذ شيدها الأمريكيون خلال الحرب العالمية الثانية (1939-1945) في منطقة بعيدة عن التجمعات السكانية، وأقرب منطقة مأهولة تبعد عنها 25 كلم.

وسبق للناطق باسم القوات الحكومية محمد قنونو، أن قال في نهاية أبريل/نيسان الماضي، إن قاعدة الوطية أخطر القواعد التي يستخدمها المتمردون في عدوانهم على العاصمة، وعملت الدول الداعمة لحفتر على أن تكون قاعدة إماراتية، على غرار قاعدة الخادم بالمرج ".

وأضاف قنونو آنذاك، أن "معظم الطائرات النفاثة والمسيرة أقلعت في بداية العدوان على طرابلس من هذه القاعدة، التي تحولت إلى غرفة عمليات رئيسية غربية لحفتر، بعد تحرير مدينة غريان، لذلك كان تعطيل القاعدة من أولوياتنا".

تركيا تدعم الشرعية

وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان صرّح في كلمة متلفزة الاثنين، بأن "أنباء سارة جديدة من ليبيا ستردنا قريباً"، مؤكداً أن "أمن ليبيا وسلامة ورخاء شعبها هو مفتاح الاستقرار في كامل منطقة شمال إفريقيا والبحر المتوسط".

وفي كلمة متلفزة عقب ترؤسه اجتماعاً للحكومة، أشار أردوغان إلى أن "عملية دحر الانقلابي خليفة حفتر" مؤخراً جرت "بفضل الدعم المقدم إلى الحكومة الشرعية في ليبيا" المعترف بها دولياً.

وأكّد الرئيس التركي أن بلاده عازمة على تحويل المنطقة مجدداً إلى "واحة سلام" عبر مواصلة دعمها الحكومة الشرعية بليبيا، مشيراً إلى أن عملية دحر الانقلابي خليفة حفتر مؤخراً تمت "بفضل الدعم المقدم للحكومة الشرعية في ليبيا" المعترف بها دولياً.

وأضاف: "مع كل خطوة يخطوها حفتر، يواجه مقاومة من الشعب حتى في المناطق التي يحتلها، لذلك لن تكفي جهود الدول التي تقدم له أسلحة ودعماً مالياً غير محدود لإنقاذه".

وفي 21 ديسمبر/كانون الأول الماضي، وافقت الجمعية العامة للبرلمان التركي على مقترح قانون حول التصديق على مذكرة تفاهم متعلقة بالتعاون الأمني والعسكري بين تركيا وليبيا.

وتشمل المذكرة دعم إنشاء قوة الاستجابة السريعة التي من ضمن مسؤوليات الأمن والجيش في ليبيا، لنقل الخبرات والدعم التدريبي والاستشاري والتخطيطي والمعدات من الجانب التركي، وعند الطلب يُنشأ مكتب مشترك في ليبيا للتعاون في مجالات الأمن والدفاع بعدد كافٍ من الخبراء والموظفين.

كما تنص المذكرة على توفير التدريب، والمعلومات التقنية، والدعم، والتطوير والصيانة، والتصليح، والاسترجاع، وتقديم المشورة، وتحديد الآليات، والمعدات، والأسلحة البرية، والبحرية، والجوية، والمباني، والعقارات.

تكتيك حصار الوطية

ومنذ بدء عملية عاصفة السلام "كانت استراتيجية جديدة تُستهدف بموجبها أماكن معينة وتُحاصَر، والهدف هو قطع خطوط الإمداد عن مليشيات خليفة حفتر، وهي استراتيجية أثبتت نجاحها ونجاعتها"، حسب تصريحات أحمد هدية، المتحدث الإعلامي باسم اللواء 610 التابع لقوات حكومة الوفاق.

ويضيف هدية لـTRT عربي: "حصار قاعدة الوطية واستهدافها هو جزء من استراتيجية ضرب خطوط الإمداد التي تحاول مليشيات حفتر متعددة الجنسيات الحصول عليها من خلال القاعدة، وهذا بطبيعة الحال يفتح الباب أمام قواتنا للتقدم، ولعل حصار الوطية وتوجيه الضربات إليها هو ما ساهم في استعادتنا مواقع كنّا خسرناها منذ شهور".

ويقول هدية إن "هدف الضربات هو استنزاف العدو (حفتر) وقطع الإمدادات عنه"، منوهاً بأن آثار هذه الضربات التي تؤدي إلى قطع الإمداد عن المليشيات تبدو واضحة في الميدان من خلال خسارة مليشيات حفتر مواقع عدة، إذ لم تصل الذخيرة إليها هناك".

ويشير المتحدث الإعلامي إلى أن قاعدة الوطية كبيرة جداً ومترامية الأطراف، وأن "التركيز عليها من قوات الوفاق هدفه ضرب مخازن الذخيرة التابعة لمليشيات خليفة حفتر ومنع طائرات المؤن من النزول فيها، وهذا مفيد جداً، فقد سقطت المدن التي كانت تسيطر عليها المليشيات تباعاً خلال الفترة الماضية والتي كانت تتزود بالذخيرة من قاعدة الوطية والطائرات التي تنزل فيها، والآن لم يعد ممكناً وصول الذخائر بعد التركيز على القاعدة".

نهاية حفتر ونصر مؤكد للوفاق

من جانبه يقول الكاتب والباحث السياسي محمود إسماعيل الرملي، إن "مليشيات خليفة حفتر بدأت تترنح الآن، إذ سقطت سبع مدن وحوصرت ترهونة، فيما تُشن العمليات يومياً ضد مخازن الوقود التابع لها والمعدات التي تتزود بها"، مشيراً إلى هذه الضربات كانت "موجعة" جداً.

ويشير خلال حديث لـTRT عربي إلى أن خليفة حفتر "بدأ يلجأ خلال الأيام الماضية إلى الجنوح للسلم تارة، ويظهر كأنه يعدّ العدة للانقضاض تارة أخرى، بل يجري حديث عن تفكك في جبهاته".

انهيار مليشيات حفتر وسيطرة حكومة الوفاق يعني انتصار ليبيا، وذلك يعني بالضرورة انتصار الاتفاقيات الموقعة بين ليبيا وتركيا.

الكاتب والباحث السياسي - محمود إسماعيل الرملي

ويضيف الرملي: "الأيام القادمة ستكون مفاجئة جداً على صعيد المعارك بين قوات الوفاق ومليشيات خليفة حفتر"، مشيراً "إلى أنه "يمكن اعتبار أن قاعدة الوطية شبه سقطت في يد الوفاق".

الدعم التركي.. ليبيا لن تنسى

ويلفت الباحث السياسي إلى أن "مساحة قاعدة الوطية شاسعة جداً، ولكن دخولها قد يكون قريباً جداً، وتضييق الخناق على الوطية بلا شك سيساهم في سقوط مواقع إضافية وكذلك تسهيل دخول ترهونة بعد قطع الإمدادات، ثم سيكون الانهيار الكبير لمليشيات حفتر".

ويؤكّد الرملي أن "انهيار مليشيات حفتر وسيطرة حكومة الوفاق يعني انتصار ليبيا، وذلك يعني بالضرورة انتصار الاتفاقيات الموقعة بين ليبيا وتركيا، ويظهر أن دعم الأصدقاء ساهم في تحرير البلاد، ولن ينسى الشعب الليبي هذا الجميل".

قطع الإمدادات

من ناحيته يقول الخبير العسكري الليبي محمد النعّاس لـTRT عربي: "منذ أشهر لم تنطلق طائرات من قاعدة الوطية، إذ استطاعت قوات الوفاق منع ذلك باستخدام الطائرات المسيَّرة".

ويشير إلى أن "وقوع قاعدة الوطية تحت سيطرة قوات الوفاق من شأنه أن يعطي دفعاً معنوياً كبيراً، ويساهم إلى حد كبير في قطع الإمدادات عن مليشيات خليفة حفتر، ويتيح أيضاً استخدام القاعدة للطيران الداعم للوفاق".

ويضيف أن "الخطوة المهمة التي تتبقى بعد تحرير قاعدة الوطية، هي تحرير قاعدة ترهونة العسكرية التي تُعتبر مصدراً لمد مليشيات حفتر بالمؤن والعتاد".

ومؤخراً تمكنت القوات الحكومية في ليبيا من تحرير كامل الساحل الشمالي الغربي لليبيا، بعد طرد مليشيا الجنرال الانقلابي منها. وتواصل القوات الحكومية مطاردتهافلول حفتر في عدة مناطق أخرى، بخاصة ترهونة.

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً