اعتراض سلاح الجو الأمريكية طائرة ركاب إيرانية فوق الأجواء السورية يثير تخوفات من عودة التوتر بين واشنطن وطهران (Reuters)
تابعنا

بعد هدوء نسبي استمر على مدار الأشهر الماضية، عاد التوتر بين الولايات المتحدة وإيران يخيّم على الأجواء، منذراً بتداعيات خطيرة.

وتمثلت آخر حلقات التوتر في الحادثة التي وقعت مساء الخميس، عندما اعترضت مقاتلتان أمريكيتان من طراز F-15 مسار طائرة ركاب إيرانية كانت متجّهة من طهران إلى بيروت، ما أثار حالة من الذعر بين الركاب وأجبر قائد الطائرة الإيرانية على الهبوط السريع، ليتسبب ذلك في إصابات طفيفة بين بعض الركاب.

احتجاج إيراني

قدّمت إيران الجمعة، احتجاجاً رسمياً لدى الأمم المتحدة ومنظمة الطيران المدني الدولي ضد "الانتهاك الصريح للقانون الدولي" بعدما اقتربت "مقاتلتان أمريكيتان بدرجة خطيرة من طائرة ركاب إيرانية في الأجواء السورية"، وفق طهران.

ونشر التلفزيون الإيراني الرسمي ليلاً شريط فيديو يظهر ركاباً مذعورين ويصرخون أثناء ما يبدو محاولة من الطائرة التابعة لخطوط "ماهان إير" الإيرانية، تفادي طائرة حربية خلال رحلة بين طهران وبيروت.

ووفقاً للتلفزيون، خفّض قائد طائرة الركاب الارتفاع بصورة مفاجئة لتجنب الاصطدام بالمقاتلة فجُرِح عدد من الركاب. ويظهر الشريط ركاباً عدة مصابين، توجد دماء على جبهة أحدهم، فيما كان آخر ملقى على الأرض، في الوقت الذي تظهر فيه طائرة قتالية واحدة وهي تطير على مسافة قريبة.

من جهته اتهم وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف الولايات المتحدة الجمعة، بالمخاطرة بوقوع كارثة، وقال على تويتر، إن "الولايات المتحدة تحرشت بطائرة ركاب مدنية في رحلة منتظمة، مما عرض الركاب المدنيين الأبرياء للخطر بزعم حماية قواتها المحتلة، يجب وضع حد لهذه الأفعال الخارجة عن القانون قبل وقوع كارثة".

معايير دولية

تعليقاً على الحادثة، بررت القيادة المركزية للجيش الأمريكي ما حدث، بالقول إن مقاتلة تابعة لها كانت "في مهمة جوية روتينية" عندما اقتربت من الطائرة الإيرانية.

وأضافت في بيان نشرته على تويتر، أن عملية "التدقيق البصري" نُفِّذت من مسافة كيلومتر "بما يتماشى مع المعايير الدولية"، لافتة إلى أنه "بمجرد تحديد قائد المقاتلة الأمريكية، الطائرة باعتبارها طائرة ركاب تتبع ماهان إير ابتعد عن المركبة بشكل آمن تماماً".

على صعيد مواز، نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مصدر أمني في لبنان أن الطائرة الإيرانية حطّت في مطار بيروت، وأنه "يوجد أربعة جرحى بشكل طفيف في صفوف الركاب".

وفي سوريا، أكد التلفزيون الرسمي ووكالة الأنباء الرسمية (سانا) أن "طائرات يعتقد أنها تابعة للتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة اعترضت طائرة مدنية إيرانية في الأجواء السورية بمنطقة التنف ما اضطر الطيار للانخفاض بشكل حاد ما أدّى الى وقوع إصابات طفيفة بين الركاب".

في السياق نفسه، لم تخل لهجة المسؤولين الإيرانيين الذين علّقوا على الحادث من التهديد، إذ نشر حسام الدين آشنا مستشار الرئيس الإيراني حسن روحاني، تغريدة قال فيها إن "من يهمهم حياة قادتهم (في إشارة إلى القادة الأمريكيين) لم يكن يجب عليهم أن يخاطروا بحياة ركابنا".

مطالبات بالتحقيق

من جهته أفاد المتحدث باسم الخارجية الإيرانية عباس موسوي بأن بلاده قدّمت احتجاجاً إلى منظمة الطيران المدني الدولي وسفارة سويسرا في طهران التي تُمثِّل المصالح الأمريكية في إيران، في ظل عدم وجود علاقات دبلوماسية بين البلدين.

ونقلت وكالة إرنا عن موسوي تحذيره من أنه "لو وقع أي حادث لهذه الطائرة في رحلة العودة، فإن الجمهورية الإسلامية الإيرانية تحمل الولايات المتحدة المسؤولية".

بدورها، نشرت منظمة الطيران المدني الإيرانية بياناً احتجت فيه على "تصرفات سلاح الجو الأمريكي"، واعتبرت ما حدث "انتهاكاً صريحاً للقانون الدولي"، وطالبت بفتح تحقيق فوري.

بالإضافة إلى ذلك، من المنتظر أن يوجِّه ممثل إيران في الأمم المتحدة قريباً رسالة إلى "مجلس الأمن الدولي والأمين العام للأمم المتحدة" لإدانة "التهديد الذي تعرضت له طائرة الركاب التابعة لماهان إير"، وفق إرنا.

وتُعد تلك الحادثة بمثابة حلقة جديدة في مسلسل التوتر بين الولايات المتحدة وإيران المستمر منذ تولي الرئيس الأمريكي دونالد ترمب منصبه في 2017، وقراره انسحاب بلاده في 2018، من الاتفاق النووي المبرم بين الدول الكبرى وإيران، وإعادة فرض عقوبات أمريكية على طهران.

ووصل ذلك التوتر إلى أقصى مدى له في مطلع العام الجاري، بعد تنفيذ سلاح الجو الأمريكي عملية اغتيال قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني، عبر استهداف موكبه في العاصمة العراقية بغداد.

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً