ما المهم:دخل مشروع إنشاء وكالة فضاء تركية حيز التنفيذ، إثر نشر قرار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في الجريدة الرسمية، الخميس، وهو حدث تنقسم أبعاده إلى شقين: الأول داخلي على علاقة بمسارات التطوّر والاكتفاء الذاتي، والثاني له علاقة بالقدرات التنافسية الخارجية، خاصةً مع دول قريبة سبقت الجمهورية التركية إلى هذه الخطوة.
المشهد:يندرج قرار الحكومة التركية، وفق التصريحات الحكومية، في سياق التوجه نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي على صعيد السياسات التكنولوجية والصناعية والدفاعية. إلا أنّ لهذا القرار أبعاداً أخرى، إذ تشير بعض القراءات إلى أنّ أنقرة تسعى أيضاً لاستعادة تأخرها في مجال صناعات الفضاء، بعدما نجحت دول مثل الهند وإيران في تطوير وإنشاء وكالاتها الخاصة، بين نهاية التسعينيات وبداية العقد الماضي.
ويُضاف إلى هاتين الدولتين، دول خليجية، لديها طموحاتها في هذا المضمار، مثل السعودية أو الإمارات التي أنشأت وكالتها عام 2004 فيما تطمح إلى إرسال مسبار باتجاه كوكب المريخ في الذكرى الخمسين لاستقلالها بعد 3 أعوام.
ويُشار أيضاً إلى الوكالة الإسرائيلية التي تأسست في النصف الأول من الثمانينيات "بعدما أدركت تل أبيب أنه من أجل الاستفادة من معارفها الدفاعية وتطوير تكنولوجيا للفضاء، فعليها إنشاء وكالة فضاء مدنية"، كما يشرح الصحافي في صحيفة هآرتس الإسرائيلية آصف رونل.
الدوافع والخلفيات:اعتبر المحلل السياسي التركي مصطفى أوزجان، في حديث لـTRT عربي أنّ "تركيا بلد كبير ولا بدّ أن تهتم بالفضاء، فاليوم من يحكم في الفضاء يحكم على الأرض"، موضحاً أنّ المشروع، الذي يفيد أيضاً في سياق الأبحاث، قديم. ويرى أوزجان أنّ تركيا تسعى كذلك "لمواكبة التنافس الإقليمي حول هذا الأمر وإن تأخرت بعض الشيء".
في هذا الصدد، قال الأكاديمي الإيراني عماد آبشناس في حديث لـTRT عربي إنّ المنطقة تعيش في سياق "عدة سباقات وطموحات على جميع الأصعدة"، مستدركاً بأنّه إذا كان المشهد يصبّ في خانة "التسابق العلمي، فإنّ الجميع سيستفيد".
ردود الأفعال:قال وزير الصناعة والتكنولوجيا التركي، مصطفى ورانك، إنّ وكالة الفضاء ستحدد سياسات وإستراتيجيات البلاد في مجال تكنولوجيا الفضاء، مضيفاً في بيان، أنّه مع إنشائها، يتحقق حلمٌ تنتظره البلاد منذ 20 عاماً، وهي مؤسسة سوف تحضّر الأرضية اللازمة من أجل تطوير صناعة تنافسية "لا تعتمد على الخارج".
على صعيد ردود الفعل الخارجية، لم تبرز ردود رسمية، إلا أنّ عماد آبشناس يقول إنّ إيران تستقبل الحدث "بإيجابية، إذ بالنسبة إلى طهران، أي تطور في الدول الإسلامية، تستفيد منه جميع هذه الدول".
بين السطور:ليست هذه المؤسسة الأولى المختصة في علوم الفضاء وأنشطته في تركيا، إذ يوجد من قبلها المؤسسة التركية للبحوث العلمية والتكنولوجية (توبيتاك). لكنّ أهميتها تكمن في أنّها ستتولى مهمة تنسيق مشاريع تلك المؤسسات، وضمان التنسيق بين المحطات والتواصل بين المؤسسات المحلية والدولية.
على صعيد آخر، تهيمن على الفضاء ست وكالات دولية، تتوزع بين وكالة ناسا الأميركية، ووكالة الفضاء الاتحادية الروسية، ووكالة الفضاء الأوروبية، وإدارة الفضاء الوطنية الصينية، ومنظمة استكشاف الفضاء اليابانية، ومنظمة البحوث الفضائية الهندية. مهمة هذه الوكالات المركزية تكمن في أنّها "تلعب دوراً رئيساً للتنسيق بين نشاطات مختلف الوكالات الوطنية وجمعها تحت رؤية مشتركة تحقق الطموحات الفضائية للدولة"، وفق دراسة سابقة أُعدّت لصالح وكالة الفضاء الأسترالية.
