تسمم جماعي غامض في عدة مناطق بإيران والسلطات تحقق في أصل القضية - أرشيفية (Others)
تابعنا

في الوقت الذي تتصاعد فيه الصدمة والغضب في إيران بسبب تسمم طالبات مدارس في أنحاء البلاد، بدأت السلطات تحقيقات قضائية للكشف عن المسؤولين.

وكان المدعي العام في طهران علي صالحي أعلن الخميس عن تشكيل لجنة خاصة لمتابعة القضية، محذراً من أن "الجناة" سيواجهون عقوبات قانونية صارمة.

وجاءت تصريحاته بعد أن أبلغت عدة مدارس في العاصمة الإيرانية طهران عن حالات مرض غامض أرسل مئات من طالبات المدارس إلى المستشفيات خلال الأشهر الأخيرة.

وحسب وسائل الإعلام المحلية جرى تسجيل عشرات حالات تسمم الطالبات بمدرسة في برديس، وهي ضاحية تقع على بعد 17 كلم شمال شرقي طهران، كما وردت تقارير مماثلة من غربي طهران.

وقال صالحي إن "التحقيقات بدأت على الفور بعد الإبلاغ عن أولى حالات التسمم في طهران بالتعاون مع مؤسسات أخرى ذات صلة".

وجرى إدخال مئات طالبات المدارس المستشفيات بمدن مختلفة في أنحاء البلاد منذ نوفمبر/تشرين الثاني العام الماضي، فيما وُصف بأنه "موجة من مرض غامض".

ورغم أن العدد الدقيق للطالبات المتأثرات بالتسمم غير معروف حتى الآن، فقد قدر أحد كبار النواب الأربعاء، الرقم مبدئياً بـ"ما يقرب من 900".

ونقل شهريار حيدري عضو لجنة الأمن الداخلي والسياسة الخارجية بالبرلمان الإيراني عن "مصدر موثوق" قوله إن ما يقرب من 900 تلميذة تسمموا بمدن مختلفة حتى الآن، وفق ما أوردت وسائل الإعلام المحلية.

من قم إلى مدن أخرى

وجرى الإبلاغ عن الحالات الأولى لهذا المرض الغامض في نوفمبر الماضي، عندما جرى نقل ما لا يقل عن 18 تلميذة إلى مستشفى في مدينة قم وسط البلاد.

واشتكت الطالبات من أعراض مختلفة منها الغثيان والصداع ومشاكل التنفس والسعال وآلام الجسم.

وزار وزير الصحة بهرام عين الله المدينة منتصف فبراير/شباط الماضي وقال إن عديداً من العينات من تلميذات جرى قبولهن بمستشفى محلي أُخذت للاختبار بمعهد باستور في طهران.

وفي الحادثة الأخيرة التي أوردتها وسائل الإعلام المحلية الأسبوع الماضي، جرى إدخال ما لا يقل عن 15 تلميذة إلى مستشفى في قم بعد شكواهم من مشكلات بالجهاز التنفسي.

من قم انتشرت الموجة تدريجياً إلى مدن أخرى، مرسلة موجات صدمة في أنحاء البلاد.

ووردت أنباء الأربعاء عن تسمم طالبات في 11 مدرسة للبنات في مدينة "أردبيل" الشمالية "بعد شم غاز، أو شيء مشابه".

وأفاد تقرير صادر عن وكالة أنباء حكومية أنه جرى إدخال ما لا يقل عن 400 تلميذة المستشفيات والمراكز الطبية في أردبيل مع ظهور أعراض تسمم، وخرجت 302 تلميذة في وقت لاحق.

وقال الدكتور علي محمديان رئيس جامعة أردبيل للعلوم الطبية للإذاعة الحكومية إن معظم الطالبات "في حالة جيدة"، بينما يعاني 5% منهم على الأقل من أعراض حادة.

وتوافرت تقارير مماثلة من مدن أخرى، بما في ذلك كرمانشاه غربي البلاد.

في حين أن السبب لا يزال يكتنفه الغموض أشار نائب وزير الصحة يونس بناهي بوقت سابق من الأسبوع الجاري إلى أن "التسمم قد يكون متعمداً لمنع الفتيات الذهاب إلى المدرسة".

ونقلت وسائل الإعلام المحلية عن بناهي قوله إن التسمم ناجم عن "مواد كيميائية" وأن الأعراض ليست معدية، بينما استبعد أي أسباب خارجية".

وقال بناهي في مؤتمر صحفي بمدينة مشهد "بعد تسميم عديد من الطالبات في قم، أصبح من الواضح أن الناس يريدون إغلاق جميع المدارس، وبخاصة مدارس البنات".

جاءت تصريحاته بعد وقت قصير من أمر المدعي العام الإيراني محمد جعفر منتظري بإجراء تحقيق قضائي في القضية بعد احتجاجات من قبل الآباء في قم.

التحقيقات جارية

وسط ارتفاع عدد حالات التسمم أمر الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي الأربعاء بإجراء تحقيق سريع بالقضية.

وفي كلمة أمام اجتماع لمجلس الوزراء في طهران أمر رئيسي وزير الداخلية أحمد وحيدي بالبحث عن السبب الجذري للتسمم الغامض "في أقرب وقت ممكن".

كما حث وزارة الصحة ووزارة الإعلام والإدارات الأخرى ذات الصلة على مساعدة وزارة الداخلية في التحقيق بالقضية التي تتزايد الآن لتصبح قضية صحية عامة خطيرة.

وفي وقت لاحق من اليوم نفسه عقد وحيدي مؤتمراً صحفياً ورفض تقارير وسائل الإعلام المحلية حول إصابة بعض الطالبات بالشلل بسبب التسمم.

وأضاف أنه "لم تحدث أي اعتقالات حتى الآن".

وأكد قائد الشرطة المعين حديثاً في طهران أحمد رضا رادان أن الجهود جارية للكشف عن ملابسات القضية.

وتوجه وزير التربية والتعليم يوسف نوري صباح الخميس إلى مدينة قم لمتابعة القضية، حسب المصادر.

ومن المتوقع أن يزور المدارس التي جرى الإبلاغ عن حالات تسمم فيها.

وتنتشر التكهنات بأن الآباء يخشون إرسال أطفالهم إلى المدارس ببعض المدن مع استمرار زيادة الحالات.

وفي مقابلة مع وكالة أنباء محلية الخميس حث النائب همايون سمي حناج أبادي الآباء على "عدم منع" أطفالهم من الذهاب إلى المدرسة، واصفاً تسميم التلميذات بأنه مؤامرة "لإثارة الرعب في المجتمع".

وتأتي هذه القضية بعد أشهر من اندلاع احتجاجات بأنحاء إيران في 16 سبتمبر/أيلول 2022 إثر وفاة الشابة مهسا أميني (22 عاماً) بعد 3 أيام على توقيفها لدى "شرطة الأخلاق" الإيرانية المعنية بمراقبة قواعد لباس النساء.

وأثارت الحادثة غضباً شعبياً واسعاً في الأوساط السياسية والإعلامية بإيران وسط روايات متضاربة عن أسباب الوفاة.

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً