تختلف ألوان الثوب ونقوشه باختلاف المناطق (Others)
تابعنا

بتركيز عالٍ يتفقد إبراهيم الكحلوت (42 عاماً) عمل ماكينات الحياكة الخاصة بصناعة ثوب النساء التقليدي الفلسطيني في مصنع خاص ينتج هذا الثوب بأنواعه عبر آلات حديثة ويصدره إلى دول عديدة.

وسط ضجيج آلات الحياكة في مصنعه شمالي قطاع غزة ينادي الكحلوت على أحد العاملين لإزالة قطعة قماش سمراء كبيرة تزينت بالخيوط الحمراء عن إحدى الماكينات الآلية التي تعمل بالطاقة الكهربائية، وتنُقل تلك القماشة إلى أحد العاملين بالمصنع، ليزيل بمقصه الصغير الخيوط الزائدة بحذر شديد، بعدها تنُقل القطعة إلى الخياط الذي يجمعها حسب المقاس، لتُمثّل في النهاية الثوب الفلسطيني التقليدي للنساء.

وقال الكحلوت للأناضول إن "الطلب في الآونة الأخيرة على الثوب الفلسطيني متزايد، وبخاصة من المقيمين خارج فلسطين"، وتابع: "نصدر الثوب الفلسطيني إلى العديد من المقيمين في دول أوروبية والولايات المتحدة وكندا، إلى جانب مدن الضفة الغربية المحتلة".

وعلى الرغم من أن حياكة الثوب الفلسطيني وصناعته كانت يدوية خالصة في البدء، فإنها تطورت في السنوات الأخيرة ليصبح إنتاج الثوب عبر الآلات الحديثة في المصانع.

وأوضح الكحلوت أن "فكرة إنشاء المصنع بآلات كهربائية حديثة، نتجت عن تزايد الطلب على الثوب الفلسطيني وتوفيراً للوقت والجهد"، وشدد على أن مصنعه يسهم في الحفاظ على التراث والموروث الثقافي وتناقله عبر الأجيال المتفاوتة، إذ يعد "الزي التقليدي شاهداً على التاريخ الفلسطيني وحامياً للهوية الوطنية".

وإلى جانب حياكة الثوب الفلسطيني أوضح الكحلوت أن مصنعه يُنتج جميع أنواع الملابس التقليدية الخاصة بالنساء لجميع المناسبات والمناطق والقرى الفلسطينية.

مقاومة الاندثار

تتنوع حياكة الثوب الفلسطيني وتطريزه وألوانه حسب المناسبة الاجتماعية ما بين الفرح والحزن وكذلك الأعمار، فكل سنّ من النساء له شكل ثوب مختلف عن الآخر، وفي ديسمبر/كانون الأول 2021 أدرجت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) فن التطريز الفلسطيني على قوائمها للتراث الثقافي العالمي، بناء على طلب تقدمت به وزارة الخارجية الفلسطينية.

مع مرور الزمن تضاءلت صناعة الثوب الفلسطيني وقلّ ارتداؤه في أوساط الفتيات، غير أن هذا التراث لا يزال حاضراً في مدن وقرى فلسطينية عديدة في المناسبات كافة، فضلاً عن المقيمين في الخارج، باعتباره موروثاً تاريخياً ينبغي الحفاظ عليه.

سرقة ممنهجة

ليس ثوباُ عادياً فقد تحول إلى رمز للصمود في مواجهة تشويه الاحتلال الإسرائيلي وسرقته، إذ إن الثوب جزء من الموروث الفلسطيني، وتتميز كل منطقة بلباسها الخاص، فزيّ المدينة يختلف عن زيّ البادية، ويختلف لباس القرى عن سابقتيها، وتنفرد كل من المناطق الساحلية والجبلية بزيّها.

وفي ديسمبر/كانون الأول 2021 نشر عدد من المشاركات في مسابقة "ملكة جمال الكون"، التي نُظمت في إسرائيل، صوراً على منصات التواصل الاجتماعي وهنّ يرتدين الزي الفلسطيني باعتباره تراثاً إسرائيلياً، وأثارت تلك الصور ضجةً واسعةً في أوساط الفلسطينيين عبر منصات التواصل الاجتماعي، واعتبر نشطاء فلسطينيون وعرب أنها تأتي في سياق "السرقة الإسرائيلية الممنهجة للتراث الفلسطيني".

علاوة على ذلك وخلال الأعوام الماضية نشرت وسائل إعلام إسرائيلية أكثر من مرة صوراً لعارضات إسرائيليات ومضيفات بشركة الطيران الإسرائيلية (العال) وهنّ يرتدين الزي الفلسطيني على أنه إسرائيلي.

ليس ثوباً فحسب، إذ تحوّل إلى رمز للهوية وبات لزاماً حمايته من خطر الاندثار وملاحقة الاحتلال بالسرقة والتشويه، وتقديمه تراثاً فلسطينياً خالصاً.

AA
الأكثر تداولاً