يودّع الفلسطينيون عام 2022 الذي يُعد الأكثر دموية منذ 2015 / صورة: Reuters (Reuters)
تابعنا

يودّع الفلسطينيون عام 2022 الذي يُعد الأكثر دموية منذ 2015، ويستقبلون عاماً جديداً وسط توقعات باستمرار المواجهة في ظل حكومة إسرائيلية يمينية تسعى لحسم الصراع.

وشهد 2022 توتراً جراء الاقتحامات الإسرائيلية للمدن والبلدات الفلسطينية بهدف اعتقال من تسميهم إسرائيل مطلوبين، تندلع على إثرها مواجهات عنيفة مع الفلسطينيين، وغالباً ما يندلع اشتباك مسلح، بخاصة في شمالي الضفة

وحسب وزارة الصحة برام الله قتلت إسرائيل 222 فلسطينياً منذ بداية العام الجاري، بينهم 169 بالضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية.

وظهر خلال 2022 تشكيلات مسلحة خاصة في شمال الضفة الغربية، أبرزها "كتيبة جنين" في مخيم جنين للاجئين الفلسطينيين، و"عرين الأسود" في البلدة القديمة بنابلس، بالإضافة إلى كتائب أقل شهرة كـ"كتيبة بلاطة" و"كتيبة جبع"، وغيرها.

ولاحقت إسرائيل تلك الجماعات وقتلت عدداً من قادتها وعناصرها في عمليات شنتها أجهزتها الأمنية.

ومطلع سبتمبر/أيلول الماضي ظهرت مجموعة "عرين الأسود" علناً في عرض عسكري بالبلدة القديمة بنابلس، وينتمي أفرادها إلى مختلف الفصائل الفلسطينية.

و"عرين الأسود" مجموعة فلسطينية تقول إن عناصرها ينتمون إلى كل الفصائل، ويتخذون من البلدة القديمة في نابلس مأوى ونقطة انطلاق لعملياتها.

موجات لم تتحول إلى انتفاضة

يرى المحلل السياسي هاني المصري في حديثه مع الأناضول أن الحالة الفلسطينية شهدت موجات من التصعيد منذ 2015، غير أن 2022 شهد تصاعداً وظهور جماعات مسلحة شكلت نقلة نوعية في المواجهة مع إسرائيل.

وقال: "هذه الموجات أو الهبات لم تتحول إلى انتفاضة شاملة، ويمكن أن تستمر وقد يشهد العام القادم مزيداً من هذه النماذج".

وأرجع عدم تطور تلك الهبّات إلى انتفاضة لعدة عوامل، أولها الانقسام الفلسطيني بين حركتَي "حماس" و"فتح"، وثانيها عدم تنبي القيادة الرسمية والسلطة الفلسطينية لتلك الهبات.

وثالثاً حسب المصري "معادلة تهدئة مقابلة تسهيلات أو امتيازات، مما شكَّل تقييداً لإمكانيات الفصائل والقوى، الأمر الذي ترك فراغاً كبيراً في الساحة الفلسطينية، دفع إلى وجود مثل عرين الأسود في نابلس على سبيل المثال".

هذه "الظواهر المحدودة" وفق المصري "لا يمكن لها أن تملأ الفراغ، لأنها بحاجة إلى خبرة وإمكانيات وأهداف ورؤيا وفكر وتنظيم وجبهة وطنية، وهذه مسائل لا يمكن أن يعوضها شباب متحمسون".

واستدرك بالقول "مثل هذه الهبات والظواهر تحيي الروح، وتؤكد أن الشعب الفلسطيني قادر على الفعل".

عام من المواجهة

وبخصوص تقييمه لعام 2022 يقول المصري: "مرّ عام صعب يحتوي ما هو مهم ومضيء ويبشر بمستقبل، وما هو محبط وسيئ وقاسٍ على الفلسطينيين".

وأضاف: "شهد 2022 اعتداءات على المسجد الأقصى أكثر من أي عام، ونظمت مسيرة الأعلام في القدس وبأعداد كبيرة، وتفاقمت الاعتداءات على المسجد الإبراهيمي في مدينة الخليل، والتوسع الاستيطاني لم يتوقف يوماً، عشرات آلاف الدونمات جرت مصادرتها، وارتقى عشرات الشهداء".

في المقابل يرى المحلل السياسي أن "الشعب الفلسطيني لم يكن سلبياً ولم يستسلم، بل أحبط المخططات الإسرائيلية من خلال صموده، ومبادرات جديدة شكلت عنصر مفاجئ للاحتلال كالمقاومة في جنين وعرين الأسود في نابلس، وجعلت الاحتلال يدفع ثمناً لاعتداءاته ويعيد حساباته".

محاولة حسم الصراع

ولفت الخبير الفلسطيني إلى أن "السلطات الإسرائيلية كانت تتصور أن الأمور مهيأة لها لتنفيذ مشاريعها في الضفة الغربية والقدس، لكنها اصطدمت بمبادرات فردية مقاومة تنتشر في الضفة الغربية بما فيها القدس، وتحظى بحاضنة شعبية، وليست معزولة".

وأشار إلى أن ذلك يدلل على أن الشعب الفلسطيني يشق طريقه لمواجهة التحديات الجديدة، بخاصة أنه يوجد تطور كبير طرأ يتمثل في نجاح الأحزاب اليمينية واليمينية المتطرفة في الانتخابات الإسرائيلية.

وقال المصري: "على الفلسطينيين أن يجهزوا أنفسهم ليكونوا على مستوى التحدي، لكي يجري إحباط الحكومة الإسرائيلية وإفشالها".

ولفت إلى أن "ذلك ممكن إذا توافرت العوامل والظروف والسياسات والإجراءات الكفيلة بتحقيق الرد الفلسطيني الناجع، وأهم شيء إحياء المشروع الوطني، وإحياء المؤسسة الوطنية الجامعة، وإنهاء الانقسام واستعادة الوحدة، وتغير السلطة لكي تصبح سلطة في خدمة المشروع الوطني، لأنها سلة كانت تتأمل مرحلة انتقالية لقيام الدولة".

وأضاف: "الاحتلال جعل من السلطة الفلسطينية سلطة وظيفية تخدمه، وهذا ليس الهدف من إنشائها فلسطينياً".

اتساع المواجهة

لم يستبعد المصري أن تمتد المواجهة بين الفلسطينيين والإسرائيليين إلى القدس وحتى قطاع غزة.

وقال: "توجد مخططات تسعى إسرائيل لتنفيذها، أبرزها تقسيم المسجد الأقصى والصلاة فيه، وهذا ما يؤجج الموقف أكثر، بالإضافة إلى السيطرة على المناطق المصنفة (ج) في الضفة الغربية، وهو بمثابة ضم فعلي للضفة الغربية".

الخبير الفلسطيني أوضح أن "الحكومة القادمة في إسرائيل ستلغي الإدارة المدنية، أي أن القوانين الإسرائيلية ستسري على الضفة الغربية كأنها أراضٍ غير محتلة".

وأردف: "الرد الفلسطيني يجب أن يكون مبادراً، لا نظل نطلب الحماية الدولية والبحث عن مسار سياسي".

وشدد المصري على ضرورة أن "نغير من الواقع قبل البحث عن مسار سياسي، والعمل ضمن خطة لا أن نقفز في الهواء".

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً