طالب نواب أوروبيون بتفعيل آلية العقوبات ضد النظام المصري (Others)
تابعنا

ينتظر النظام المصري أشهراً ساخنة الفترة المقبلة نظراً لضغوط بدأت ملامحها من قبل الغرب على خلفية تردي ملف حقوق الإنسان في مصر منذ 7 سنوات تقريباً.

واعتاد النظام في مصر بقيادة عبد الفتاح السيسي من الدول الغربية الكبرى "تغليب لغة المصالح" بجانب غض الطرف كلية عما يمارسه داخلياً من تكميم للأفواه وقمع للمعارضة ونشطاء المجتمع المدني.

لكن في الأيام القليلة الماضية يبدو أن هذا المنوال في التعامل لن يستمر كما هو طويلاً، وإن كان من غير المعلوم إلى أي مدى سيتجه الغرب في ضعوطه.

مرر الكونغرس الأمريكي الثلاثاء الماضي ضمن قانون ميزانية الإنفاق الحكومي للعام المقبل، المساعدات العسكرية المعتادة إلى مصر، والتي تبلغ نحو 1.3 مليار دولار، لكن الكونغرس هذه المرة ربط الإفراج عن أكثر من 300 مليون دولار من الأموال المرصودة لمصر بتحقيق تقدم في ملف الإفراج عن سجناء سياسيين وحقوقيين ومن الأقليات الدينية.

ونص بند في القانون على تجميد 75 مليون دولار إلى حين أن يرفع وزير الخارجية الأمريكي تقريراً لإطلاع المشرعين على التقدم المحقق من القاهرة في مجال الإفراج عن السجناء.

كما ربط بند آخر الإفراج عن 225 مليون دولار من المنحة بتعزيز مبدأ سيادة القانون ودعم المؤسسات الديمقراطية وحقوق الإنسان، بما يشمل حماية الأقليات الدينية.

أوروبا تتحرك في اتجاه الضغط

في السياق نفسه قبل أيام قليلة، طالب نواب أوروبيون بتفعيل آلية العقوبات ضد النظام المصري، بسبب انتهاكاته المستمرة لحقوق الإنسان، وذلك على خلفية قضية مقتل الطالب الإيطالي"جوليو ريجيني" في القاهرة.

وقالت رئيسة لجنة حقوق الإنسان في البرلمان الأوروبي ماري أرينا، خلال جلسة عقدت الخميس في بروكسل للتصويت على مشروع قرار يناقش التدهور المستمر في ملف حقوق الإنسان بمصر، لقد "حان الوقت لتفعيل آلية العقوبات ضد النظام المصري، بسبب انتهاكاته المستمرة لحقوق الإنسان".

وأضافت أن "الشعب المصري تعرض لقمع غير مسبوق في البلاد منذ وصول عبد الفتاح السيسي إلى السلطة".

وتابعت قائلة: "نطالب الاتحاد الأوروبي أن يرد بحزم وصرامة على هذه الانتهاكات، ويقف إلى جانب الشعب المصري، وليس إلى جانب نظام السيسي".

وفي السياق ذاته، غرد عدد من نواب البرلمان الأوروبي، الخميس الماضي، باللغة العربية للتنديد بانتهاكات حقوق الإنسان في مصر، كما شاركوا في بيان موحد طالبوا فيه بالضغط على النظام المصري لوقف الانتهاكات، والإفراج عن المعارضين والمعتقلين بمصر.

عضو البرلمان الأوربي، ثريا رودريغيز، قالت في تغريدة، باللغة العربية إنها "تعتبر الاعتقال التعسفي للناشط الحقوقي باتريك زكي مثالاً على وحشية وعدم عقلانية السياسة المصرية الحالية".

كما طالبت رودريغيز الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء فيه باتخاذ موقف حازم ضد "انتهاكات"حقوق الإنسان في مصر، وختمت تغريدتها بكلمة "كفاية".

وكذلك كتبت النائب كاتلين تشيه "لا يمكن للاتحاد الأوروبي أن يقف مكتوف الأيدي عندما تتعرض الحريات المدنية لهجمات ممنهجة في مصر".

وفي تغريدة نشرت بالعربية أيضاً، قال النائب جان كريستوف أويتجين: "إن نواب البرلمان الأوروبي يستنكرون بأشد أنواع العبارات القمع الطائش الذي تشهده مصر".

وأشار إلى أن "الكفاح ضد الإرهاب لا يعني سجن الصحفيين، المحامين، المثقفين والحقوقيين".

كما نشر النواب بتويتر بياناً موحداً، للمطالبة بالضغط على النظام المصري لوقف الانتهاكات، والإفراج عن المعارضين والمعتقلين، أبرزهم باتريك زكي جورج، الباحث في المبادرة المصرية للحقوق الشخصية.

وأكد البيان المذكور ضرورة "حث الاتحاد الأوروبي للسلطات المصرية على التعاون الكامل مع السلطات القضائية الإيطالية في ما يخص قضية ريجيني، وذلك من خلال إصدار لائحة اتهام رسمية للمتهمين تضمن محاكمتهم محاكمة عادلة في إيطاليا".

بالإضافة إلى"تحذير السلطات المصرية من اتخاذ أي إجراءات انتقامية ضد الشهود أو المفوضية المصرية للحقوق والحريات ومحاميها"، بحسب البيان نفسه.

من جهتها، قالت الأمم المتحدة إن أي قرار عقوبات محتمل من الاتحاد الأوروبي ضد مصر يعد "سيادياً".

جاء ذلك في مؤتمر صحفي عقده المتحدث باسم الأمين العام ستيفان دوجاريك، عبر دائرة تلفزيونية مع الصحفيين بالمقر الدائم للمنظمة الدولية في نيويورك.

وكان دوجاريك يرد على أسئلة الصحفيين بشأن موقف الأمين العام أنطونيو غوتيريش من اقتراح تقدمت به إيطاليا للاتحاد الأوروبي، يتضمن فرض عقوبات ضد مصر، على خلفية قضية مقتل مواطنها في القاهرة، "جوليو ريجيني". وأكد أن "ما سيفعله الاتحاد في هذا الصدد يعود إليه".

ونقل إعراب غوتيريش مراراً "عن قلقه إزاء تقلص الفضاء المدني في العديد من البلدان، ودعا تمكين الناس من التعبير عن أنفسهم بحرية".

قرار البرلمان الأوروبي

هذا وقد صوّت البرلمان الأوروبي على قرار يدين عدم التزام الدول الأعضاء بمنع تصدير أي معدات أو أدوات قد تستخدم في"القمع" في مصر على حد ما جاء في القرار.

ولقي قرار البرلمان الأوروبي رفضاً من قبل البرلمان المصري الذي عد الأمر "تدخلاً في الشؤون الداخلية المصرية".

ويتعين على رئيس المجلس الأوروبي إرسال نسخة من القرار للسلطات المصرية، حسبما اتفقت الدول الأوروبية.

وجدد القرار الأوروبي دعوة مصر إلى ضرورة البحث عن الحقيقة بخصوص مقتل الباحث الإيطالي جوليو ريجيني، مشدداً على أن مسؤولية البحث عن الجناة تقع أيضاً على عاتق الاتحاد الأوروبي.

وطالب قرار البرلمان الأوروبي القاهرة بضرورة الالتزام بالقرارات الدولية التي تتيح للمحبوسين التواصل مع محاميهم وذويهم، والتي تنص أيضاً على ضرورة أن تجري أي دولة تحقيقاً في أي ادعاءات تثار بخصوص سوء المعاملة أو التعذيب داخل أماكن الاحتجاز.

كما أدان بشكل خاص ما وصفه بـ"القمع الذي يستهدف المدافعين عن حقوق الإنسان، والمحامين، والمتظاهرين، والصحفيين، والأطفال، والسيدات والمثليين، والمعارضين السياسيين".

كما أشار القرار بوضوح إلى مسألة القبض على ثلاثة من أعضاء المبادرة المصرية للحقوق الشخصية الشهر الماضي، إحدى أبرز الجمعيات الحقوقية المستقلة في مصر، مشدداً على إدانته لهذه الخطوة من جانب السلطات المصرية.

وكانت مصر قد أفرجت عن الناشطين الثلاثة في وقت سابق من الشهر الجاري بعد مناشدات دولية.

النظام المصري يستعد بجماعات ضغط

وفي هذا الصدد، يقول موقع "بوليتيكو" الأمريكي إن الحكومة المصرية مستمرة في التعاقد مع جماعات ضغط جديدة استعداداً لإدارة الرئيس المنتخب جو بايدن.

وأوضح الموقع أن مصر أضافت هذا الأسبوع السيناتور السابق مارك بيغيتش (ديمقراطي من ألاسكا)، الذي يعمل مع شركة "براونشتاين حياة فاربر شريك"، إلى فريق متزايد من أعضاء جماعات الضغط من الشركة.

وأشار إلى أن بيغيتش، وهو أيضاً عمدة أنكوراج السابق بولاية ألاسكا، خدم في مجلس الشيوخ عندما كان بايدن نائباً للرئيس السابق باراك أوباما.

وعلّق الموقع بأن هذه أحدث علامة على توقع حكومة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن العلاقات الودية نسبياً التي شهدتها السنوات الأربع الماضية قد بلغت نهايتها بعد خسارة دونالد ترمب.

وبيّن الموقع أن الشركة المذكورة وقعّت، الشهر الماضي، اتفاقية بقيمة 65 ألف دولار شهرياً مع السفير المصري معتز زهران بعد أيام من تعيين بايدن رئيساً منتخباً.

ووظفت الشركة فريقاً يضم رئيس مجلس النواب السابق للشؤون الخارجية إد رويس (جمهوري من كاليفورنيا)، ونديم الشامي، وهو رئيس سابق لموظفي رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي، واثنين من شركاء الشركة الديمقراطيين والجمهوريين، وألفريد موتور، ومارك لامبكين، بالإضافة إلى دوغلاس ماكغواير مدير سياسة شركة براونشتاين.

ومنذ الشهر الماضي جرت أيضاً إضافة مارثا بيرك، وديفيد كوهين، وشارلوت كارستنز.

ووفقاً لملفات وزارة العدل، فإن الفريق "سيقدم خدمات العلاقات الحكومية والاستشارات الاستراتيجية" لمصر في الأمور المعروضة على الحكومة الأمريكية.

ورغم أن السيسي كان من أوائل الزعماء الذين وجهوا التهنئة إلى بايدن، وأن وزير الخارجية المصري، سامح شكري، قد ذكر بالعلاقات الاستراتيجية التي تجمع البلدين، إلا أن وسائل إعلام موالية للنظام المصري لم تستطع إنكار حالة الخوف والمفاجأة، بعد تصدر بايدن أصوات المجمع الانتخابي والإعلان عن فوزه.

ويقلق النظام المصري في القاهرة من ملفات شائكة يخشى أن تغير الإدارة الأمريكية الجديدة مواقفها بشأنها، وعلى رأسها ملف حقوق الإنسان وسجناء الرأي، وحرية التعبير، وملفات الديمقراطية وحرية عمل مؤسسات المجتمع المدني، وقضايا سد النهضة ومحاربة الإرهاب، والمعونة الأمريكية العسكرية لمصر.

وتخشى القاهرة من ملفها الحقوقي حيث علق جو بايدن في تغريدة له مهاجماً النظام المصري في 16يناير/كانون الثاني، بعد وفاة، مصطفى قاسم، الأمريكي من أصول مصرية، حيث قال بايدن في حينها إنه "أمر شائن"، مضيفاً أن الأمريكيين المحتجزين ظلماً في أي مكان في العالم يستحقون دعم الحكومة الكامل والجهود الحثيثة لتأمين إطلاق سراحهم.

وجاءت التغريدة الثانية في 12يوليو/تموز، والتي هاجم فيها بايدن السيسي مباشرة بعد عودة المواطن المصري الأمريكي، محمد عماشة، بعد سجنه 486 يوماً في مصر بسبب حمله للافتة للاحتجاج، وقال إن "اعتقال وتعذيب ونفي ناشطين مثل سارة حجازي ومحمد سلطان، أو تهديد عائلاتهم أمر غير مقبول. لا مزيد من الشيكات الفارغة لـ"الديكتاتور المفضل لترمب".

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً