الرئيس التركي ونظيره الأذربيجاني خلال وضع حجر الأساس لخط "إغدير-نخجوان". / صورة: AA (AA)
تابعنا

أنهى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، يوم الاثنين، زيارة إلى جمهورية نخجوان الأذربيجانية ذاتية الحكم، التقى خلالها نظيرَه الأذربيجاني إلهام عليف.

وهذه الزيارة الأولى للرئيس التركي أردوغان إلى جمهورية نخجوان منذ عام 2008، وللزيارة أهمية سياسية واستراتيجية، فعبر جمهورية نخجوان تخطط تركيا وأذربيجان لفتح ممر "زنغزور" الذي يهدف إلى ربط تركيا مع أذربيجان والعالم التركي ومن خلفه منطقة وسط آسيا، كما أن الجمهورية التي تتبع لأذربيجان، تعد نقطة الاتصال البرية الوحيدة ما بين تركيا وأذربيجان ما يضاعف من أهميتها.

شملت الزيارة توقيع ثلاث اتفاقيات في مجالات مختلفة كالإسكان العام، والطاقة، والمواصلات، كما جرى خلال الزيارة افتتاح مجمع للتصنيع والصيانة العسكرية، وتوقيع برتوكول لإنشاء سكة حديد تصل مدينة قارص بنخجوان.

ومن أهم ما شملته الزيارة تدشين خط أنابيب إغدير-نخجوان لنقل الغاز الطبيعي لتغطية احتياجات سكان جمهورية نخجوان من الغاز.

وأكد الرئيس أردوغان أهمية المشروع مشيراً إلى أن خط أنابيب غاز إغدير- نخجوان سيعزز شراكتنا مع أذربيجان في مجال الطاقة كما سيساهم في أمن إمدادات الطاقة بأوروبا".

ونخجوان، إقليم يتمتع بحكم ذاتي ويتبع أذربيجان تبلغ مساحته حوالي 5464 كيلومتراً مربعاً، وهو منفصل جغرافياً عن باقي أذربيجان. ويتطلب الوصول إليه المرور إما عبر إيران أو أرمينيا، ويمتلك الإقليم حدوداً قصيرة مع تركيا بطول نحو 17 كم.

الغاز التركي بديلاً

يعيش في جمهورية نخجوان ذاتية الحكم ما يقرب من 500 ألف نسمة، وبسبب عدم اتصال الجمهورية بأذربيجان جغرافياً اضطرت باكو إلى تزويد سكانها في المنطقة بالغاز عبر إيران.

وفي عام 1992، توجه رئيس أذربيجان حيدر علييف إلى طهران لإيجاد حل لمشكلة الطاقة في جمهورية نخجوان، ليجري توقيع مذكرة تفاهم تزوّد بموجبها طهران الإقليم بالغاز، وذلك من خلال أنابيب غاز بناها الاتحاد السوفيتي 1970 للحصول على الغاز الإيراني لمناطق جنوب القوقاز. وفي عام 2004، عادت أذربيجان إلى توقع اتفاقية جديدة مع إيران لنقل الغاز الأذربيجاني إلى نخجوان.

دخل الاتفاق حيز التنفيذ عام 2005، وبدأ الغاز الأذربيجاني التدفق على نخجوان، وكان من المتوقع أن يجري شحن 350 مليون متر مكعب سنوياً، على أن تمتد الاتفاقية لمدة 20 عاماً، تحصل إيران خلالها على 15% من الغاز الأذربيجاني رسومَ عبور. هذا الأمر شكل مصدر شكوى لباكو إذ اشتكت من الثمن الذي تدفعه لإيران، ففي حين تحصل جورجيا على 5% من الغاز المصدر خلالها، تحصل إيران على 15% بالرغم من أن المسافة التي تقطعها الأنابيب هي نفسها.

هذا الأمر ورغبة أذربيجان في تنويع خياراتها في توريد الغاز الطبيعي إلى مواطنيها وحرصها على ضمان أمن الطاقة هناك، دفعها إلى البحث عن مصادر بديلة وتحديداً من خلال تركيا.

وفي عام 2010، جرى التفاهم على إنشاء الأنابيب بعد أن وقع وزير الطاقة والموارد الطبيعية في جمهورية نخجوان، ومدير شركة "بوتاش" التركية، ومدير شركة "سوكار" الأذربيجانية مذكرة تفاهم حول بناء خط الغاز من مدينة إغدير التركية وصولاً إلى نخجوان.

عوامل كثيرة حالت دون البدء في المشروع، لكن في 25 فبراير/شباط عام 2020 زار الرئيس التركي أردوغان باكو ووعد بتنفيذ مشروع نقل الغاز إلى نخجوان، و15 ديسمبر/كانون الأول 2020، وقّع وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي، ووزير الطاقة الأذربيجاني والمدير العام لشركة خطوط أنابيب البترول التركية "بوتاش"، مذكرة تفاهم لنقل الغاز من مدينة إغدير إلى نخجوان.

ومع وضع الرئيس أردوغان ونظيره إلهام علييف حجر الأساس للخط، فإن مشروع نقل الغاز دخل مرحلة جديدة ليصبح حقيقة على أرض الواقع.

ويمتد الخط على مسافة 85 كيلومتراً في الأراضي التركية على أن يصل ما بين مدينة إغدير التركية وسديريك غرب نخجوان، ومن المتوقع أن ينقل 500 مليون متر مكعب من الغاز سنوياً بصورة تلبي الطلب المحلي في المنطقة.

وتهدف تركيا إلى إنهاء عملية بناء الأنابيب مع نهاية عام 2024، وتقدَّر قيمة الاستثمارات التركية في الخط بما يقرب من 568 مليون ليرة.

خطوة استراتيجية

استثمرت تركيا خلال الفترة الماضية في بناء بنية تحتية تؤهلها لتكون مركزاً للطاقة وتمديد وتوزيع الغاز الطبيعي في المنطقة، فمن خلال تركيا يجرى إيصال الغاز القادم من القوقاز إلى أوروبا عبر أنابيب، ومن خلالها كذلك يجرى إيصال جزء من الغاز الروسي إلى أوروبا.

هذه البنية التحتية المتطورة، تستثمرها تركيا مجدداً في إيصال الغاز الطبيعي إلى منطقة نخجوان الأذربيجانية، لتشكل اللبنة الأولى في استثمار تركي لتحويل المنطقة إلى بوابة اتصال مع دول وسط آسيا ومنها إلى أوروبا، هذا الأمر يجعل من هذه المشاريع ذات أهمية لأمن الطاقة الأوروبي.

ولم تقتصر الاستثمارات التركية في نخجوان على مجال نقل الطاقة بل تعدتها إلى بناء بنية تحتية من شبكات المواصلات قادرة على تعزيز التواصل ما بين تركيا ونخجوان، وذلك عبر عدد من الطرق البرية التي سبق أن مدتها تركيا، كما جرى خلال الزيارة الأخيرة التوقيع على مذكرة تفاهم لبناء سكة حديد "قارص-نخجوان".

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً