في ورشته الصغيرة بمدينة وان التركية، يعمل الحرفي صادق بينيجي منذ 42 عاماً للمحافظة على فن صياغة الفضة بطريقة حضارة "أورارتو" التي ازدهرت في منطقة الأناضول خلال الفترة بين القرنين التاسع والسابع قبل الميلاد.
ولا تزال وان شرقي تركيا، تحافظ على حرفة النقش على الفضة والتي تُعرف باسم "ساوات"، وتُعَدّ واحدة من أهم الحرف اليدوية في المدينة.
ويرجع تاريخ الحرفة إلى فترة حضارة أورارتو التي كانت وان عاصمتها لعدة قرون، ثم موطناً لحضارات أخرى، ويسعى حرفيو المدينة إلى نقل خبراتهم بهذه الحرفة إلى الأجيال القادمة.
ومن بين الحرفيين نجد التركي صادق بينيجي (52 عاماً)، الذي تعلم النقش على الفضة بالأسلوب الأورارتي التقليدي عندما كان في العاشرة من عمره.
وفي ورشته المتواضعة يعمل بينيجي على صياغة الإكسسوارات مثل المسابح والخواتم والقلائد والمزهريات والأحزمة والأساور بزخارف مميزة وبطريقة ترجع للفترة الأورارتية.
وحرص بينيجي بعد تعلم الحرفة على افتتاح ورشته الخاصة في وان والعمل على صياغة تصاميم مختلفة من إكسسوارات الفضة.
كما يبذل الرجل مساعي مهمة من أجل الحفاظ على هذا الفن والحرفة المنسية، وتعليمها لعشاق الفن بغرض إيصال أسرارها وجمالها إلى الأجيال القادمة.
وفي حديث للأناضول قال إنه أتقن الحرفة وحصل أيضاً على لقب "فنان الدولة" للجهود التي قدمها حفاظاً على حرفة "ساوات".
وأضاف أن أسلوب ساوات يُعتبر قديماً ومميزاً في النقش على الفضة، "لقد حافظت منطقتنا على الحرفة منذ فترة الحضارة الأورارتية، ومستخدماً هذه الطريقة أصنع المسابح التي لا يستطيع صناعتها كثير من الحرفيين في تركيا"، وفق تعبيره.
وذكر بينيجي أن معادن مثل الرصاص والفضة والنحاس تدخل في صياغة مقتنيات وإكسسوارات الفضة وفق طريقة "ساوات"، فيما تُضاف كمية ضئيلة من النحاس في الذهب عيار 22، لذلك فإن صياغة الذهب وفق هذه الطريقة يتطلب مهارة عالية.
أعداد الحرفيين تتراجع
رئيس قسم الآثار في كلية الآداب بجامعة وان رأفت جاوش أوغلو، يقول بدوره للأناضول إن أسلوب ساوات في النقش على الفضة بات من الحرف المعرضة لخطر الانقراض.
ويشير جاوش أوغلو إلى صعوبة العمل في هذه الحرفة، وأن الحرفي صادق بينيجي يُعتبر واحداً من القلائل الذين حافظوا على هذا التقليد الذي يتطلب مهارة عالية في التحضير والصياغة.
